سيظل الطريق إليه مرصوفًا بدمائهم والحجارة.. مزدحمًا بأرواحهم والزائرين.. احترس أنت في حضرة ميدان التحرير.. ألق السلام وتيمم من دمائهم المسكوبة وادفع بنفسك إلي روضة الشهداء وتشمم عطر الأحبة وقل نحن اللاحقون. إلي قبلة الميدان أسرع الخطي وأطل المقام وأذرف دموعك كما شئت وادع.. وادع وادع فالمكان طاهر والله حاضر ولا يزعجك المندسون والعسكر والمنتهكون والقتلة والأفاقون والباعة و«البياعون». عام مضي وجاء أوان الفريضة الحاضرة فاهتف هتافك الجديد ففي هذا العام وأنت تصوف لي تصدح حنجرتك بصرختك الأولي «الجيش والشعب إيد واحدة» فقد قطعت اليد أجزاءً لا تلتئم.. ولو قتلوك لا تهتف بكلامك القديم عسكر.. عسكر.. عسكر ليه؟ احنا صهاينة ولا إيه فأنت هكذا تهين الصهاينة.. هم لم يقتلوا الصهاينة منذ 73.. لكن الصهاينة يقتلوننا.. نحن سامحناهم حينما جلبوا هزيمة يونيو.. وهم قتلونا حينما جلبنا نصر يناير. ويذكر أن ذلك قد يحدث في الحج إلي بيت الله وقبر رسوله الكريم.. وتذكر أيضا واسترجع معي حكايات شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة كما رواها في كتابه الرائع عباس محمود العقاد: شاعر الغزل وكان العقاد قد كتب كتابين في آن واحد أحدهما عن عبقرية عمر الخطاب والآخر عن شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة أحد مشاهير الأدب العربي والتاريخ الإسلامي وهو المولود سنة ثلاث وعشرين للهجرة.. والمقتول عام ثلاثة وتسعين هجرية.. وكان من سادة بني مخزوم ومن أكبر بيوتات قريش وكان أبوه ممن يكسون الكعبة في الجاهلية من ماله الخاص.. كان عمر بن أبي ربيعة كما ورد في كتاب العقاد منقصعاً لأحاديث الظريفات من بنات مكة والمدينة.. وكان ينتظر أيام الحج ليلقي الحسان القادمات من العراق والشام واليمن.. وكان يتعرض لهن في الطواف فيتجنبنه حينا ويزجرنه حينا مخافة التشهير وهو القائل في وصف هذه المواقف: «وكم من قتيل لا يباء به دم» وكم مالئ عينيه من شيء غيره ومن غلق رهناً إذا ضمه مني إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمي وفي البيتين سوف تلاحظ ولع الشاعر بالنساء وانتظارهن في مني لحظة التجمير ورمي الجمرة والجمرات وهذا يعني أن التحرش لا يحدث في التحرير وحده بل في أطهر بقاع الأرض.