على الرغم من خطورة الفتوى فى توجيه المجتمع إلا أنه مع تطور عصر السوشيال ميديا اصبح لكثير ممن لا يحق لهم الفتوى أن يدلون بدلوهم عبر الفيس بوك لإصدار الأحكام ، خاصة من بعض الدعاة غير المتخصصين فى الإفتاء وأكثر ما يجعل للفتوى خطورتها عبر السوشيال ميديا هو عدم خضوعها رغم ما لها من تأثير على قطاع كبير من الجمهور خاصة الشباب، وهى الفئة التى تلجأ عادة لوسائل التواصل الاجتماعى لاستقاء معلوماتها الدينية.
ومن بين آلاف الفتاوى التى تصدر يوميا عن دعاة السوشيال ميديا، توقف الكثيرون عند فتوى الشيخ عبدالله رشدى الذى سيقت فى اطار عقائدى للحكم على أعمال الطبيب المصرى الكبير د. مجدى يعقوب التى تتم فى خدمة الناس، الأمر الذى أثار جدلا فى الرأى العام، وغيرها من الفتاوى التى تصدر عن الدعاة، لتخرج مطالبات بعدم السماح للدعاة بإصدار الفتوى.
العلماء من جانبهم طالبوا بتقنين الفتوى للدعاة ومنعهم منها لاسيما فى الشان العام، وفرض عقويات جنائية على المخالفين ، حيث يرى الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن فتاوى الشأن العام التى تصدر عن غير المتخصصين من شأنها إحداث الفتنة فى المجتمع، وتحريك أعمال تخريب،
أضاف ل»روزاليوسف»: « إن صاحب فتوى دخول مجدى يعقوب النار يمتلك عقلا مدمرا، ولا يصلح أن يعتلى المنبر، فالجنة والنار ليست ملكا لأحد، ويجب ركل كلام ذلك الشخص بالأحذية لأنه يزج بالدين فى صراعات وفتن تضر بالمسلمين وتضر بالمجتمع»
لافتا إلى أن إصدار الفتاوى ذات الشأن العام من تخصص المجامع الفقهية المختصة فى الدولة، ولا يجب أن تصير مشاعًا لكل من تخطر إلى باله فكرة فيذهب متطوعًا لبثها عبر منصات التواصل الاجتماعى، مُستغلا شعبيته التى يحظى بها بين الشباب.
من جهته اعتبر الدكتور حامد أبوطالب، مستشار شيخ الأزهر، فتاوى الدعاة على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى بأنها «فتاوى طائشة تصدر دون وعى»، وشدد قائلا: «الفتاوى التى تمس قطاعا كبيرا من الناس، وتتعرض لقضايا حساسة يجب أن تخرج بلغة منضبطة، حتى لا تثير الفتن فى المجتمع، أو عداوات بلا مبرر».
أضاف مستشار شيخ الأزهر :انه لابد من منع هؤلاء من إصدار الفتاوى غير المدروسة، فهم أشخاص موتورون لا يعرفون أبعاد المواضيع الذين يفتون فيها، على حد قوله، مطالبا بالعقوبة الجنائية لكل من يُقبل على إصدار فتوى من شأنها تكدير السلم العام، أو إحداث بلبلة فى المجتمع، ومنها فتوى الشيخ عبدالله رشدى.
وأيّد الدكتور حامد أبو طالب منع الدعاة من الإفتاء، متابعا: «من يثير هذه الموضوعات يجب أن تكون عليه مسئولية جنائية، وأن يتم تقديمه للنيابة العامة، فهذا أمن مجتمع يعيش فيه 100 مليون شخص، يتأثرون بالفتاوى ويتفاعلون معها، وتصدر عنهم تصرفات تجاه الغير بمقتضاها»، مختتما: «أشجع المفتين على قول الله أعلم حينما يتعرضون لأى سؤال يخص الشأن العام».
كما يلوم الدكتور محمد عبدالعاطى، منسق بيت العائلة المصرية، كل من يتداول فتاوى صادرة عن غير الجهات الرسمية المنوطة بذلك فى الدولة، متابعا: «هؤلاء من أعطوا لأمثال عبدالله رشدى وغيره وزنا فى المجتمع، وجعلوا من فتاواه مثارًا للأحاديث».
ويؤكد عبدالعاطى أن كل من يتداول تلك الفتاوى يساهم فى الاحتقان العام داخل المجتمع، متابعا: «ليس كل ما يُعرف يُقال، فما الذى سيستفيده الناس من تكفير الغير، سوى الانشقاق وبث روح العنصرية والفرقة فى مجتمع يعيش فيه المسلمون والمسيحيون على أرض واحدة».
وطالب منسق بيت العائلة بأن تكون هناك عقوبة رادعة على دعاة «السوشيال ميديا» والفضائيات، حال إصدارهم فتاوى تخص الشأن العام، دون إذن الجهات الرسمية، متابعا: «الفتوى لها بالغ الأثر فى الناس، وتحرك الرأى العام، خاصة فى ظل تواجد الشباب على مواقع السوشيال ميديا واستقائهم للمعلومات الدينية عن طريقها».
من ناحيته يشدد الشيخ شوقى عبداللطيف، وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق، على ضرورة فرض قيود على إصدار الفتاوى، قائلا: «لا يجب أن نترك الحبل على الغارب لكل من يتحدث فى شئون الدين، وكأنه الحائط المائل الى يتسلقه الجميع، فلا بد من ضوابط منظمة لعملية الفتوى، وإلا سيتلاعب عبدالله رشدى وغيره بعقائد الناس وأفكارهم، مع تغييب دور المؤسسات المنوطة بالفتوى».
يستطرد وكيل الأوقاف الأسبق: «الفتوى تعبير عن وجه الإسلام الحقيقى ورأيه الواقعى، لذا فإن لها رجالها العارفين والدارسين.. والمفتى يجب أن يعلم أمور السياسة وغيرها، ولا ينغلق على الناحية العقائدية»، مؤكدا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- كان سياسيا ويعرف فى كل شيء.