عندما تخطو قدماك شارع مجلس الوزراء تجد مشهداً مصغراً من ميدان التحرير مع اختلاف بعض التفاصيل، فاللجان الشعبية لا تكتفي فقط بالتأكد من هوية كل زائر بل تطبق قوانين الاعتصام التي تم تحديدها من قبل المعتصمين فلا يوجد أطفال شوارع ولا باعة جائلون، ومن ثم تجد الثوار من الشباب والفتيات يفترشون الرصيف من الجانبين كل منهم ينشغل بأمر ما بين نقاشات جانبية حول مرشحي حكومة الانقاذ الوطني المختارة إضافة إلي الاهتمام بتصفح الجرائد لمعرفة آخر الاخبار، كما تلفت نظرك خيمة العيادة الميدانية لأطباء تركوا موقعهم بالميدان ليرافقوا معتصمي المجلس، لكن هذا المشهد لم يخل من جانب فني ما بين فيديو كليب ثائر وكاريكاتير ساخر ورسم يعبر عن قضية وحلم كان المشهد والذي ننقله لكم في السطور التالية. قوانين شارع مجلس الوزراء: منع الباعة الجائلين وأطفال الشوارع صورة مصغرة من اعتصام ميدان التحرير تواجهك نفس الوجوه وتناقشك ذات الأفكار ويصدمك الإصرار المستميت فلا حلول وسطية ومعاً للحلول الجذرية. شباب لا ينتمون لأي تيارات أو أحزاب قسموا أنفسهم ما بين لجان شعبية ومتطوعين أطباء وزائرين ومصابي الثورة.. الجميع يتبادلون الحوارات وينتمون لفكرة رحيل الجنزوري والمجلس العسكري. أكد أيمن سالم من اللجان الشعبية أن هناك العديد من الشائعات المغلوطة التي أذاعها الإعلام عن الميدان كان أخطرها محاولة الأمن المركزي فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة وهو ما لم يحدث بتاتاً.. كذلك أن هناك تعدياً علي الصحفيين الأجانب وصل لإذاعة أن صحفية إسبانية أصيبت بكسر في ذراعها علي الرغم من أنني قابلتها شخصياً وساعدتها لدخول الميدان والتصوير وإجراء المقابلات. لكن الطامة الكبري فيما بثته القنوات التليفزيونية الحكومية من حادثة تحرش لإحدي الفتيات وهو منافٍ للحقيقة.. وما حدث أن هناك بلطجية حاولوا سرقتها والتف حولها الشباب لحمايتها ولم تحدث حالة تحرش إطلاقاً منذ اندلاع الثورة الثانية معهم.. إنهم بني آدمين علي حد قولهم وأن التحرير مكان للمبيت أفضل من النوم تحت الكوبري. «ممنوع دخول طفل الشارع» وأضاف زين 11 سنة من أطفال الشوارع أنه تجاهلتنا الأنظمة وشملنا المعتصمون برعايتهم من نوم، مأكل وبطاطين وإنهم ينتظرون الاعتصامات في شوق ولكنه حزن لرفض معتصمي مجلس الوزراء دخولهم الشارع. «القبض علي لص» علي الرغم من رفض معتصمي مجلس الوزراء لبقاء المجلس العسكري بتاتاً.. إلا أن هناك احترام متبادلاً بينهما، جدير بالإشادة فلقد قبض المعتصمون صباح الأمس علي لص بشارع مجلس الوزراء وبائع للمخدرات وقرروا تسليمهما للقوات المسلحة حتي لا ينشرا المخدرات والفساد في الاعتصام وعلي الرغم من تأييد الكل لهذه الفكرة إلا أن البعض اعترض تخوفاً من تعرضهما لمحاكمة عسكرية. والتقط أطراف الحديث زميله الذي أشار أن هناك حالة تحرش بأجنبية وقعت فعلاً ثم قام البلطجية بمحاولة أخذ ملابسها ولكن الشباب المصري الشريف أنقذها. «قوانين الاعتصام» قرر معتصمو مجلس الوزراء سن قوانين تختلف عما يحدث في ميدان التحرير لتكون أكثر شدة وحزماً تبدأ هذه القوانين بمنع الباعة الجائلين في الشارع حتي لا يتحول إلي سوق تجاري خاصة مع ضيق وصغر الشارع.. كذلك منع بتاتاً دخول الأطفال للشارع تحسباً لوقوع أي اعتداءات وكان المصير الالتقاء بعدد من أطفال الشوارع الذين حاولوا دخول الميدان لأخذ عصائر ومأكولات ولكن رفض مسئولو اللجان دخولهم والتقينا عدداً منهم الذين أشاروا إلي أن اعتصامات ميدان التحرير أكبر فرصة للأكل والشرب. «لا حلول وسطية» أشارت أمنية كامل مضيفة ومتطوعة باللجان الشعبية باعتصام مجلس الوزراء إلي أن هذه معركة موت ونرفض أي حلول وسطية تكفي صدمتنا في حكومة شرف وإعطاؤنا كل الفرص للمجلس العسكري ولذا قررنا الاستمرار في اعتصامنا حتي الموت أو رحيل الجنزوري. وأضافت أمنية أنها تمرست علي عمل اللجان الشعبية لاستمرارها لأكثر من 10 أيام تبدأ عملها من الثالثة ظهراً حتي منتصف الليل. كذلك أكدت أميرة محمد طالبة بجامعة عين شمس أنها قررت الاعتصام في مجلس الوزراء يومياً للاعتراض علي سياسة الحلول الوسطية ولإيمانها بقطع الجذور الفاسدة وإنها ستستمر في الاعتصام علي الرغم من نزولها دون علم ذويها. وروت أميرة مأساتها مع الغازات السامة التي تسببت في ارتخاء أعصاب اليد اليسري وتسبب ذلك في خلع اليد ولذلك يتم ربطها لمدة أسبوعين. «أطباء 6 أكتوبر» ما أن تدخل شارع مجلس الوزراء حتي يقابلك أطباء متطوعون من طلبة طب 6 أكتوبر الذين انتقلوا من المستشفي الميداني بمسجد عمر مكرم إلي اعتصام مجلس الوزراء. وأكد الأطباء أن كل الحالات التي تأتي لخيمة تكون للمتابعة وتغيير الجروج القديمة وكشف الضغط والصداع ولكن الملحوظ الأكبر أن مصابي الغازات لايزالون يعانون من مضاعفات عصبية علي الرغم من مرور أيام عليها. وأكد الأطباء أن لهم موقفاً طبياً أكبر منه سياسياً وأنهم يعالجون الضباط والأمن المركزي والمعتمصين سواسية. «روح ميلاد فداء لمصر» ميلاد ميخائيل شاب كفيف جاء بصحبة أخيه الأصغر ليؤكد أنه لا يخاف شيئاً فهو كما أوضح يواظب علي النزول للميدان للمطالبة بحقوق كل المصريين في الحرية ولا يخشي أي رصاص ولا رائحة غاز خانق ويقول: «مفيش حاجة اسمها كفاية طول ما في مطالب لازم تتحقق». ميلاد يعمل مدير شئون العاملين بإحدي الشركات التي تقدم للحصول علي إجازة من عمله بها ليتفرغ للنزول إلي الميدان حتي لو تطلب ذلك غيابه عن عمله.. ويؤكد أنه لا ينقصه شيء علي المستوي الشخصي ولكنه ينزل للدفاع عن مبدأ موضحاً أن ذلك لا يعطل شقيقه الذي حصل علي إجازة من المدرسة القريبة من ميدان التحرير بسبب الأحداث وعندما سألته إذا كان يخاف من أصوات الرصاص قال بثقة «كلنا فداء مصر».