دقت عقارب الساعة 4.50 مساء أمس الأول قبل أذان المغرب بقليل كان الإعصار الذي جهز له رجال الشرطة وعدد من جنود القوات المسلحة قد أعلن عن اقتحامه للميدان دون أي تردد، بدأ الهجوم بوابل من القنابل المسيلة للدموع بغرض تفريق المتظاهرين وإبعادهم عن منطقة وسط ميدان التحرير وبعدها انطلقت العربات المدرعة كالسهم صوب التحرير قادمة من شارع محمد محمود وشارع قصر العيني. كانت عملية الاقتحام ناجحة بشكل كبير حيث لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة هجمت فيها قوات الأمن والجيش علي المتظاهرين الذين هرولوا إلي الخلف باتجاه الشوارع الجانبية للميدان وبعدها تمت عمليات المطاردة بين الجنود والمتظاهرين باتجاه الجيزة وصولاً إلي دار الأوبرا حتي كوبري الجلاء والشوارع المجاورة لسور النادي الأهلي وباتجاه وسط القاهرة إلي ميدان طلعت حرب وشارع قصر النيل الذي حاول المتظاهرون اللجوء إليه للاختباء هرباً من بطش رجال الأمن. لم تنته عمليات المطاردة عند هذا الحد بل اعتلي جنود الشرطة العسكرية والأمن المركزي كوبري 6 أكتوبر وفرقوا من تجمهروا فوقه من المارة والمتظاهرين واستمرت عمليات المطاردة حتي أسفرت بسقوط أكثر من 15 شهيداً حسب روايات شهود العيان في حين أعلنت وزارة الصحة عن 10 حالات وفاة فقط و1800 جريح. المثير أن قوات الشرطة والجيش انسحبت من الميدان بعد دقائق من إخلائه الأمر الذي أدهش المتظاهرين الذين تساءلوا عن سبب الاقتحام طالما تم التراجع بهذا الشكل وهو ما برره البعض بأنه بمثابة رسالة تهديد وتأديب من المسئولين عن إدارة البلاد بأنهم يملكون القوة التي تمكنهم من فض الاعتصام بأي شكل حتي لو كان الثمن هو أرواح الأبرياء. عمليات التهديد النفسي كانت إحدي أدوات اللعب مع المتظاهرين بغرض إثارة الذعر في نفوسهم بتكرار قطع التيار الكهربائي عن الميدان الأمر الذي دفع هذه المجموعات المتظاهرة إلي الانتظار المصحوب بالخوف تحسباً لأي هجوم محتمل في الظلام. عربات الإسعاف كانت هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخترق صفوف المتظاهرين ليمر بين صفوف عساكر الأمن المركزي الموجودين أمام وزارة الداخلية بمنطقة شارع محمد محمود. إخلاء الميدان من العسكر دفع المتظاهرين إلي العودة والتجمهر مرة أخري داخل الميدان موزعين أنفسهم علي الشوارع التي تتجدد منها الأحداث سواء من ناحية شارع قصر العيني أو الجامعة الأمريكية حيث اعتلي بعض الشباب سور الجامعة وأعمدة الإنارة ليطرقوا بالحجارة علي الحديد في إشارة الاستعداد والتحفز لمواجهة هجوم محتمل. بعض شهود العيان داخل الميدان قالوا إن بعض الأعيرة النارية الذي صاحبت عملية الاقتحام التي قام بها رجال الأمن والجيش كانت في الهواء لكن أعيرة الخرطوش أصابت عدداً من المتظاهرين الذين لقوا حتفهم في الحال مؤكدين أن التعامل معهم تم باستخدام العنف المفرط حتي أنهم أشعلوا النار في خيام المتظاهرين ودراجة بخارية. لم يسلم المستشفي الميداني من الهجوم علي الميدان حيث دمر الجنود جميع محتويات المستشفي خاصة أنهم في المنطقة المجاورة للشارع الملاصق لشارع محمد محمود الأمر الذي اضطر معه المتظاهرون بعد عودتهم إلي نقل المستشفي إلي قلب الميدان خوفاً من تعرض الجرحي لهجوم جديد. بعد أكثر من 4 ساعات علي الاقتحام الذي قام به رجال الأمن والجيش سمع المحتشدون بالميدان دوي طلقات نارية أمام وزارة الداخلية الأمر الذي قال عنه شهود العيان إنه محاولة من عدد من المتظاهرين لاقتحام الوزارة وهو ما تم الرد عليه بإلقاء زجاجات المولوتوف مما أحدث إصابات بين الجانبين. محاولات توحيد الهتاف للمتظاهرين استمرت حتي سمع أعلي هتاف داخل الميدان منذ احتشاد المتظاهرين مرددين «شد حيلك يا بلد الحرية بتتولد ثوار أحرار هنكمل المشوار والشعب يريد إسقاط المشير» منظمين مسيرات تطوف الميدان لتجمع المتظاهرين. وفي السياق نفسه كانت الشوارع المجاورة للميدان قد خلت من أي نشاط تجاري حيث أغلقت جميع المحلات أبوابها نظراً للأحداث حتي إن بعضهم وضع لافتة علي واجهة المحل تقول نأسف للإغلاق نظراً للأحداث، الأمر الذي جدد أجواء أحداث ثورة 25 يناير.