فوق جبال الثلج فى قرية «ديفنجارد» الصربية وتحديدًا خلال مهرجان «كوستندروف» للفنون، ضجت صالة العرض السينمائى بعدد ضخم من الجماهير من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة الفيلم السودانى «ستموت فى العشرين» للمخرج أمجد أبوالعلاء، هذا الفيلم هو السابع فى تاريخ السينما السودانية وجاء بعد توقف الإنتاج السينمائى ب20 عامًا فقدم حالة تمزج بين الأبهار والحزن لشخصيات العمل الذى تناول فكرة الموت والتنبوءات من خلال مشايخ قرية بسيطة تعيش فى كنف المعتقدات والتقاليد القديمة. واستطاع أمجد أن يكسر حالة الصمت بين المجتمع السودانى فى مواجهة تقاليده ومعتقداته الخاطئة فقدم حالة من التيه بين بطل الفيلم «المزمل» ورغبته فى الحياة وخوفه من الموت بعد تنبوء أحد المشايخ له بأنه سيموت فى العشرين من عمره. وجاب الفيلم العديد من المهرجانات العالمية وحصل منها على العديد من الجوائز منها جائزة الأسد الذهبى فى مهرجان فينيسيا الدولى لأفضل أول عمل وجائزة الجماهير فى مهرجان تورنتو، وجائزة أفضل فيلم روائى طويل بمهرجان الجونة، كما شارك فى مهرجان كان السينمائى وغيره من المهرجانات العالمية. وعن الفيلم قال أبوالعلاء ل«روزاليوسف»: اخترت أن يكون أول أعمالى الروائية الطويلة عن السودان بلدى وعن العادات والتقاليد فى مجتمعنا لعرضه على الجمهور كمرآة تعكس الحياة التى يمكن أن تكون مثل القبر فى حالة انتظار شبح الموت بسبب بعض الأفكار والتنبؤات التى يمكن أن تتحكم فى حياتنا بكل تفاصيلها. وأوضح المخرج السودانى، أن فكرة العمل تقوم على رواية للكاتب حامور زيادة من مجموعته القصصية «الموت عند قدمى الجبل» الذى تأثر بها خاصة أنه كان يقرأها خلال رحلته من دبى للخرطوم لحضور جنازة جدته وأقرب أصدقائه، مما جعله يدخل فى نوبة اكتئاب منعته من الكلام لمدة ثلاثة شهور، وهذا ما جعله يناقش فكرة الموت عند السودانيين فى فيلم روائى طويل. وقال أمجد أبوالعلاء إن فترة إعداد الفيلم استغرقت ثلاث سنوات لمواجهته العديد من المشاكل، لاختيار الممثلين، لأنه فضل أن يكون كل طاقم التمثيل سودانيا، وأماكن التصوير بالإضافة إلى المشاكل الإنتاجية التى جعلته يقدم إنتاجا مشتركا من 6 جهات مختلفة لتمويل العمل، موضحًا أن وجود جهة واحدة كان أمرا صعبا، ومع وجود جهات عربية متمثلة فى المنتج حسام علوان ومحمد حفظى بالإضافة إلى جهات أخرى فرنسية وألمانية وبلجيكية لإنتاج الفيلم كان سلاحا ذو حدين فالجميع حريص على إنجاح الفيلم ولكن جميعها بآراء مختلفة وتفاصيل متعددة ومشتتة فى بعض الأحيان، ولكن يمكن أن أقول إن هذه العملية ساعدت الفيلم فى إعطائه مساحة للتسويق ممتازة، فكل منتج كان يعلن عن قدوم فيلم سودانى خلال الفترة القادمة ، فأصبح هناك ترقب كبير لفيلم « ستموت فى العشرين»، ناهيك عن ترويج الفيلم داخل المهرجانات العالمية مثل «كان» وتورونتو و«برلين» و«فينيسيا» وأخيرًا مهرجان «كوستدروف» بصربيا، مما أعطى للفيلم ثقلا فنيا عاليا، إلا أنه تمنى لو اتيح له حرية اختيار طرق إنتاج فيلمه القادم سيختار أن يكون منتجا واحدا وليس إنتاجا متعددا . أما عن جراءة الفكر والعمل قال أبوالعلاء: «الفيلم جاء فى ظروف صعبة فى السودان تحديدًا بعد توقف الإنتاج السينمائى لمدة 20 عامًا وأيضًا ظروف التصوير كانت قبل قيام الثورة السودانية بأيام، لذا واجهنا العديد من المشكلات من الحكومة السابقة متعلقة بتصاريح العمل والتصوير فضلًا عن ظهور المرأة السودانية تحديدًا بشكل مختلف بدون غطاء للرأس وجرأة فى تناول بعض القضايا المتعلقة بكسر كل ما هو معتاد، خاصة أننى صممت أن أقوم بتصوير كل المشاهد فى الجزيرة وتحديدًا فى قريتى أبو حراز وقرية مدنى المعروفة بوجود عدد كبير من المتصوفين بها». وبسؤاله عن تقبل الشعب السودانى لمثل هذه الموضوعات أوضح أمجد، أن الشعب السودانى متعطش للسينما وللموضوعات الهادفة التى تعكس حياته وتجعل العالم يعرف بعضا من معتقداته، وأفكاره فكان الفيلم بمثابة مرآة لعرض عدد من المشكلات وأيضًا من التساؤلات التى تجعل البعض يتخبط بين العديد من التناقضات الخير والشر، الممنوع والممباح، الحياة والموت، وهو الأمر الذى أردت أن أوضحه من خلال شخصية «المزمل» تحديدًا. وعن مشاريعه القادمة أوضح أمجد أنه تم التعاقد معه من قبل شركة Creative artist agency الأمريكية لإدارة مشاريعه القادمة وهى ذات الشركة التى تدير أعمال الفنانين براد بيت وجيمس كاميرون و جورج كلونى وآخرين، ولكن رغم العروض المطروحة أمامه فهو ينتوى تقديم عمل سودانى آخر، إلا أنه يعمل على مشروع «كلاب الخرطوم» وهو من نوعية الفانتازيا السودانية ويتناول حياة الشباب فى فترة معينة وكيفية استغلال البعض للحكاوى التراثية مثل تحول رجال قبيلة بعينيها لذئاب وجعلها مثل الفزاعة للحصول على أغراضهم.