أكد السفير عز الدين فهمي سفير مصر في الجزائر، الذي تولي مهام منصبه عقب ثورة 25 يناير، أهمية العلاقات المصرية- الجزائرية الضاربة بجذورها في التاريخ، لافتا إلي أن الشعب الجزائري استقبل الثورة المصرية بترحاب كبير. وأشار عز الدين فهمي الذي بذل جهودًا كبيرة في تصفية أجواء الأزمة بين البلدين عقب أحداث مباراة أم درمان الشهيرة في السودان إلي أن النظام السابق ساهم في تأزم العلاقات مع الجزائر واختزل تلك العلاقات في مجرد مباراة لكرة القدم. واضاف فهمي أن الشعب الجزائري استقبل الثورة المصرية بترحاب كبير لأنه كان يدرك دور النظام المخلوع في تعكير صفو العلاقات بين البلدين الشقيقين عقب أحداث مباراة كرة القدم في أم درمان بالسودان وتابع قائلاً: ولكن كلا الشعبين لديهم درجة كبيرة من الوعي بعمق العلاقات بينهما والمتجذرة تاريخيًا بدليل أن العلاقات اليوم بعد الثورة جيدة للغاية ولعل ذلك قد لمسته في استقبال الوفد الثقافي المصري في مدينة بورداسي في مهرجان المسرح الطليعي والجزائر بلد شقيق لديه الإمكانيات للقيام بدور ريادي علي المستوي العربي والإسلامي والأفريقي. وحول الأزمة التي اشعلتها المباراة.. قال: لقد حدث توظيف خاطئ للأزمة من قبل نظام مبارك الذي أراد اختزال العلاقات التاريخية والاستراتيجية في مجرد مباراة لكرة القدم ولكن النظام بالكامل طلع «out» حيث كان كل همه انشغال الشعب المصري بمشكلات فرعية وهامشية للتغطية علي مشروع التوريث حيث لم يكن هناك مشروع قومي لمصر يلتف حوله الشعب المصري وانتشرت حالات الفساد والمحسوبية وتزوير للانتخابات وتم تكريس الظلم والحرمان من كل الحقوق السياسية في ظل نظام غير خلوق وأشار إلي أنه في ظل تأزم العلاقات بين مصر والجزائر بعد مباراة كرة القدم لم يتفوه أي مسئول جزائري بأي إساءة لمصر وكانت هناك توجيهات صريحة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لوسائل الإعلام والمسئولين بعدم الرد علي تطاول الإعلام المصري باستثناء جريدة أو جريدتين بهدف التنفيس عن غضب الشعب الجزائري الذي كانت توجه له إهانات في أعز رموزه. وعن أبرز العوامل التي عجلت بسقوط النظام السابق في السياسة الخارجية قال: كانت أولويات النظام السابق مختلفة عن مصالح الشعب المصري وكان هناك تركيز علي مشروع التوريث للتغطية علي إخفاقات سياسات الخارجية مثل ضياع هيبة مصر علي المستوي الدولي وتجميد القضية الفلسطينية وانقسام السودان والعلاقات المتوترة مع دول حوض النيل وتهميش مشروعات التنمية وعلي المستوي الداخلي فرضت المزيد من القيود والأعباء التي تزيد من هموم الشعب المصري مثل فرض الضريبة العقارية وعدم الاستجابة لمطالب المعتصمين وضحايا الخصخصة الذين رفعوا أواني الطعام من الجوع وهذا لا يليق بدولة محورية مثل مصر كانت تقود المنطقة في الماضي. وقال السفير إن التمثيل الدبلوماسي بين مصر والجزائر لم يتغير بعد الثورة عما قبلها لكن بعد الثورة تم فتح صفحة جديدة في عودة العلاقات إلي مسارها الطبيعي بين البلدين الشقيقين وأضاف: لحسن الحظ طاقم السفارة المصرية بالجزائر تم تغييره بالكامل والمجموعة الجديدة تعمل بروح جديدة وبتكليفات واضحة من أجل استرداد روح الإرادة لدي الشعبين العريقين لأن لدي الشعبين تحديات كبيرة وإمكانيات هائلة لممارسة دور محوري في المحيط الإقليمي. وأضاف أن حجم الاستثمارات بين مصر والجزائر الآن يصل إلي 6 مليارات دولار ومصر حصلت علي نصيب الأسد في الاستثمارات العربية في الجزائر حيث هناك أربعون شركة مصرية حكومية وخاصة تقوم بعمل مشروعات تنموية في الجزائر وتساهم في حركة النهضة في هذا البلد الشقيق تضم العديد من الكوادر والعمالة المدربة وفتحت فرص عمل لمواطنين جزائريين وتقدم خدمات وسلعًا وبضائع إلي الشعب الجزائري وبعد أزمة مباراة أم درمان تراجعت هذه الاستثمارات بدرجة كبيرة وبعضها توقف لكن هناك العديد من الشركات المصرية تفكر في العودة بقوة وبجدية لممارسة نشاطها في الجزائر. ولفت إلي أن احداث ماسبيرو لا تعبر عن طبيعة المصريين المتسامحة وقد سبقها اقتحام السفارة الإسرائيلية ومع بالغ تقديري لحجم شحنة الغضب الشعبي المصري بعد مقتل عناصر الأمن المصري علي الحدود المصرية-الإسرائيلية لكن ليس هذا هو الأسلوب الأمثل للتعبير عن الغضب الذي أساء إلي مصر علي المستوي الدولي لكننا نأمل أن يعود الوفاق مرة أخري إلي عنصري الأمة اللذين اتحدا معا من أجل ثورة 25 يناير وتغلب علي جذور الفتنة التي حاول البعض اشعالها لإهدار النجاح الذي حققته الثورة والقضاء علي حلم المصريين بالعيش في مجتمع يتمتع بالمواطنة والعدالة والحرية. وأوضح أنه يؤيد اجراء الانتخابات في موعدها، لكن هناك بعض الثوار يرون أنهم في حاجة إلي المزيد من الوقت لكي ينظموا صفوفهم حتي لا يقفز علي الثورة بعض الأحزاب والجماعات المنظمة التي لديها أموال تستطيع أن تؤثر علي التشريعات والقرارات التي سوف تصدر عن البرلمان القادم. وكانت هذه الأحزاب توصف أيام النظام السابق بأنها أحزاب كارتونية حتي وإن أعادت ترتيب أوراقها فلابد أن تكون هناك فرصة للشباب الوطني وهم كثُر لأن مصر ولادة ولا تفتقر إلي الكفاءات أو القيادات. وفي إجابة عن التساؤل عن موافقته علي قانون الغدر قال: طبعا، هذا القانون يمنع الذين أساءوا للحياة السياسية وافسادها أيام النظام السابق من ممارسة العمل السياسي لأن القانون الكوني الذي وضعه الله سبحانه وتعالي يقول إن هناك ثوابًا للمحسن وعقابًا للمخطئ، وهؤلاء ساهموا في تدهور أوضاع مصر إلي درجة متردية ولا ينبغي أن نسمح لمن غيروا جلودهم بالتسلل إلي الحياة السياسية مرة أخري لافسادها وممارسة دورهم السلبي حتي وإن تجملوا.