كثيرًا ما نسمع هجومًا على قضية قوامة الرجل وأنها تعد من باب تسلط الرجال على النساء، بل تظهر دعوات بمنع هذا المصطلح نهائيًا، الأمر الذى به مخالفة لنص شرعى ثابت، إلا أن حقيقة القوامة كما توضح دار الافتاء فى دراساتها لا تعطى للرجل الحق فى التسلط على أسرته أو تجعله متفردًا فى اتِّخاذ القرارات. إن حقيقة القوامة كما تراها الافتاء هى تكليف من الله عز وجل للرجل وليست تشريفًا له، أما مسئولية استقرار الأسرة فهى مسئولية مشتركة بين الزوجين؛ وعليه فالقوامة هى مسئولية عظيمة ودقيقة فى ذات الوقت أخذًا من معانيها اللغوية ومن تصرف النبى الكريم فهو النموذج الصحيح فى هذا الأمر. ويتضح مفهوم القوامة بما يراه د. شوقى علام من أنها تعنى مسئولية الرجل عن الأسرة المكونة من الزوجة والأولاد إن وجدوا، ولا ترتب بحالٍ حقًّا يتسلط به الرجل على المرأة. ووفقا لفتوى مفتى الجمهورية فإن الشرع الشريف حث الزوج على طلب مشورة زوجته فى شئون تدبير العائلة؛ فإن التشاور يظهر الصواب ويحصل به التوافق بينهما، أما قضية أن القوامة تعنى التسلط فهو استنتاج خاطئ، لأن (قوَّام) بالتشديد يعنى القائم على حقوق الله تعالى؛ وال (قوَام) بالتخفيف يعنى عدلًا وسطًا بين الطرفين؛ وعلى هذا كله لا تنتج القوامة تسلطًا واستعلاءً، بل تنتج قيامًا على الحق وعدلًا فى تولى الأمر، لأنه لا يعقل أن القائم على حقوق الله تعالى أو على الحقوق جميعًا يمكن أن يكون متسلطًا على هذه الحقوق، بل الأدق أن يقال: إنه أضحى مسئولًا عن هذه الحقوق بكل تفاصيلها. ومفهوم القوامة الزوجية، وفق تأصيل المفتى لها، يدور حول قيادة الأسرة وضبط أمورها وانتظام شئونها فى رشد وحكمة؛ فالقوامة ليست سلطة عليا فى يد الرجل يترتب عليها إلغاء شخصية المرأة فى البيت أو تهميش دورها، بل تحقق القوامة مصلحة الأسرة عندما يدير الزوج بها الأسرة إدارة حسنة وإدارة رشيدة بما يحقق المصلحة للأسرة جميعًا بعيدًا عن الرعونة والتسلط. إن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يجعل أبدًا القوامة حجة للتسلط على المرأة أو إهانتها، بل كان معاونًا فى شئون بيته؛ وفى خدمة أهله.