لم يخطر علي بال 6 آلاف خريج أن قري شباب الخريجين الثلاث التي أنشأتها لهم وزارة الزراعة عام1996 وتشطر محافظتي الفيوم وبني سويف سوف تتحول إلي منفي وملجأ للخارجين علي القانون. في هذه المنطقة التي تبعد نحو 35 كيلو مترا من محافظة الفيوم و10 كيلو مترات عن مدينة أهناسيا ببني سويف، ورغم المخاطر التي تحيط بالمنطقة بسبب عدم التواجد الأمني وتجاهل أجهزة الدولة اقامة نقطة شرطة نزح أكثر من 10 آلاف خريج من محافظات المنياوالفيوم وبني سويف وبعض قري الجيزة إلي هنا لتعمير الصحراء الكاحلة لتكتسي بالعشب الاخضر ولكن حلمهم ضاع، «روزاليوسف» كانت هنا ورصدت المعاناة علي الأرض. بداية الطريق عبارة عن أسفلت ممهد وعلي جانبه الأيمن تم شق ترعة كبيرة لم تصلها المياه بعد بالرغم من أنه كان مقررا أن تصل مياه الري لهذه المنطقة في عام 2009 لكن هيهات فقد تم تحويل هذه المياه القادمة من ترعة الإبراهيمية إلي أراضي الوزراء والفنانين والراقصات بحبل طامية بالقرب من صحراء جرزة التابعة لمحافظة الجيزة لتروي أراضي إلهام شاهين ويوسف شعبان وبعض الوزراء وچنرالات الداخلية. ذهبت إلي المنطقة خلال عطلة عيد الفطر وكانت البداية عاملا بهيئة الطرق يعتدي علي مساحة فدان أقام عليها مباني علي حرم الترعة التي تم حفرها منذ 4 سنوات وعلي الجانب الأيسر عضو في مجلس الشوري عن دائرة أهناسيا استولي علي 10 أفدنة وقام بزراعتها بالذرة والطماطم تحت سمع وبصر مسئولي هيئة التنمية الزراعية وعلي بعد 1000 متر تقع القرية والتي أطلقوا عليها «الأجيال» وهو الاسم الذي لم نجد له مسمي فهو عبارة عن مساحات شاسعة من الأراضي تزيد علي 7 آلاف فدان تم تخصيصها لشباب الخريجين وعلي مدخل القرية أقامت وزارة الزراعة 560 منزلا ليقيم بها الخريجون وأسرهم. هذه المنازل المقامة من البلوك الابيض والتي تبلغ مساحة المنزل الواحد 240 مترا عبارة عن مقابر بلا أبواب وبدون شبابيك كما أن الشقوق تتوسط حوائطها وتحولت هذه المنازل إلي مأوي للخارجين علي القانون وتجار المخدرات بالاضافة إلي أنها أصبحت مرتعا لممارسة الدعارة.. هذه المشاهد أصبحت مألوفة للمارة والقاطنين في القري المجاورة، والمثير أن ذلك يتم بمباركة المسئولين عن الجمعية الزراعية التي تقع في مدخل القرية. مأساة قرية الأجيال بدأت في عام 2006 عندما حصل مئات الشباب علي الأراضي والتي كان من بنودها أن تكون هذه الأراضي ممهدة إلا أنهم تعرضوا لخديعة كبري فالاراضي التي حصلوا عليها عبارة عن هضاب ومرتفعات مما دفع بعض الخريجين إلي الاستدانة من البنوك والبعض الآخر اضطر لبيع منزله أملا في بناء مستقبله وتحقيق أحلامه، مرت 5 سنوات والأرض كما هي صحراء جرداء إلا أن القليل الذي استطاع استصلاح مساحته وزراعتها علي نفقته الخاصة حتي لايكون مجال سخرية وسط أهله وأبناء بلدته. وبما أن المنطقة تبعد كثيراً عن محطة تغذية المياه القادمة من ترعة الإبراهيمية فقد أقامت وزارة الزراعة محطة لرفع المياه لهذه القرية، مرت الأيام والخريجون يحلمون بوصول المياه لأراضيهم، دون جدوي طلب مسئولو المراقبة العامة لاستصلاح الاراضي قطاع الفيوم وبني سويف 1000 جنيه من كل خريج لاصلاح الاعطال الفنية بالمحطة بالفعل اقترض الخريجون هذه المبالغ علي أمل أن تعود الحياة لأراضيهم ورغم مرور عامين علي سداد هذا المبلغ إلا أن المحطة مازالت متوقفة عن العمل وأصبحت مأوي للبوم والغربان وكأنه كتب علي هؤلاء العناء والشقاء حتي إن بعضهم بدأ يفكر في الهرب خارج البلاد بعد أن تراكمت عليهم الديون. مصطفي عبدالرحمن أحد شباب الخريجين يروي مأساة زملائه قائلا: إنه أثناء متابعته لقطعة الأرض التي حصل عليها شاهد سيارة نقل كبيرة تخرج من الباب الخلفي للجمعية الزراعية، وهي تحمل كميات كبيرة من الأسمدة وعندما استوقفها كانت المفاجأة أن هذه الأسمدة مخصصة لمزارعي قرية الأجيال وأنه يتم بيع الحصة كاملة لسوق السوداء لحساب مدير الجمعية بعد قيام مسئولي الجمعية بالتوقيع في كشوف توزيع الأسمدة باسماء الخريجين علي أساس أنهم حصلوا علي الحصص المقررة لهم بالرغم من أن مدير الجمعية دائما يؤكد عدم صرف حصته لتلك الأراضي بسبب عدم وصول مياه الري لها والتي تبلغ 100 طن شهريا، مصطفي يشير إلي أن القرية بدون مخبز أو وحدة صحية ولا مدرسة ابتدائي ولا نقطة شرطة.