ينتظر نجم الكرة المصرية المحترف بصفوف ليفربول الإنجليزى محمد صلاح أهم وأخطر 48 ساعة فى حياته، وربما حياة محبيه وعشاقه حول العالم، بعد أن بات مطالبا بالظهور القوى والفعال، غدا السبت، أمام ساوثهامبتون فى الأسبوع السادس من مسابقة الدورى الممتاز الإنجليزى «البريميرليج»، والتى يعول عليها الفرعون المصري، حال دخوله التشكيل الأساسى الكثير والكثير، للخروج من دوامة الأزمات النفسية التى خلفتها أحداث توتر شديدة شهدها «مو» بنفسه مع عدة أطراف فى الداخل والخارج طوال الأشهر الأخيرة الماضية، كل هذا قبل ساعات أخرى من حدث مهم، لم يحدث فى تاريخ الكرة المصرية والعربية بدخول اللاعب على حفل جائزة أفضل لاعب فى العالم يوم 24 سبتمبر الجارى. ابتعد صلاح عن التهديف فى لقاءان هامان، الأول أمام توتنهام هوتسبيرز فى الأسبوع الخامس من الدورى الإنجليزي، وفاز فريقه بهدفين مقابل هدف، ثم مباراة افتتاح الجولة الأولى من مباريات دور المجموعات بدورى أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان وفاز أيضا فريقه على ملعب «أنفيلد» بثلاثية مقابل هدفين، والنتيجتان عكستا مدى تعثر «الريدز»، وفوزه بصعوبة بالغة، خصوصا أمام الفريق الباريسى والذى جاء فى الثوانى الأخيرة بأقدام البرازيلى روبرتو فيرمينو، بينما كاد الفريق يخسر نقطتين بالتعادل أمام توتنهام، وكلا المناسبتين فجرتا أزمة لصلاح، ففى مواجهة توتنهام تأكد غيرة المهاجم السنغالى ساديو مانى من صلاح برفضه منحه إحدى الكرات السهلة للتسجيل ليحرمه من الظهور مجددا أمام شباك المنافسين، وفى مباراة سان جيرمان لم يقدم «مو» المطلوب منه وخرج فى الدقيقة 87، بل ظهر فى مشهد لا يليق به بعد خروجه من الملعب، عندما ألقى بزجاجة مياه فى يده بانفعال شديد وقت تسجيل زميله فيرمينو هدف الفوز فى الدقيقة 90، الأمر الذى فسرته وسائل الإعلام الإنجليزية بأن الغيرة انتقلت من مانى ضد صلاح إلى صلاح ضد فيرمينو، لتشتعل الغيرة فى قلوب كل نجوم ليفربول مطالبة الألمانى يورجن كلوب المدير الفنى باتخاذ موقف حازم وصارم. سطر صلاح اسمه بحروف من ذهب فى سجلات الكرة العالمية، بعد تواجده فى القائمة النهائية لجائزة أفضل لاعب فى العالم لعام 2018، لينافس الكرواتى لوكا مودريتش لاعب ريال مدريد الإسباني، والبرتغالى كريستيانو رونالدو لاعب يوفنتوس الإيطالي، فى مشهد متكرر لجائزة أفضل لاعب فى أوروبا والتى جاء فيها صلاح فى المركز الثالث تاركا اللقب لمودريتش والوصيف كريستيانو، فى انتظار حدوث تغيير على جائزة الأفضل فى العالم، رغم أن منافسة الثنائى مودريتش ورونالدو ستكون صعبة للغاية، خاصة أن الفرعون يعانى من عقدة مع الثنائي، بعدما كان أول لاعب مصرى يصل نهائى دورى الأبطال فى النسخة الماضية لملاقاة ريال مدريد الذى كان يضم رونالدو وقتها بجانب مودريتش، وكان يحلم صلاح بالمجد والتتويج باللقب الأوروبي، إلا أن فريقه خسر أمام الملكي، بجانب تعرض نجم مصر لإصابة قاسية فى الكتف أثرت على مشاركته بكأس العالم، بعدما غاب عن المباراة الأولى للفراعنة أمام أوروجواي، وسجل هدفين فى مرمى روسيا والسعودية، لم يشفعا للمنتخب المصرى الذى خسر بلا جدوى بعد خروج المنتخب المصرى من الدور الأول بعروض مخيبة. تكالبت الظروف المعاكسة على صلاح دفعة واحدة، فى وقت مطالب فيه صلاح ببدء الموسم من حيث انتهى الموسم الماضي، حيث أحرز44 هدفا فى 52 بكافة المسابقات، وهو ثانى أفضل رقم بتاريخ ليفربول بعد رقم راش الموسم 1983-1984 (47 هدفا)، لكنه دخل فى صدمات وأزمات ادارية مع اتحاد الكرة المصري، بداية من أزمة الطائرة الشهيرة قبل السفر إلى روسيا لخوض منافسات كأس العالم، ومرورا بتعليمات وصدامات وكيل أعماله رامى عباس مع الجبلاية والتى شكلت عليه ضغوطا كبيرا، فلم يترك الأمر لوكيله كما يفعل كل نجوم العالم بل تدخل فى مشهد غريب ليشتبك فى الحديث بنفسه، قبل أن يصطدم بغيرة ساديو مانى منه، فما حققه صلاح من نجاح كبير كان دافعا حقيقيا للغيرة منه فى نهاية الأمر، فساديو مانى كان الأفضل فى ليفربول وأحد أفضل اللاعبين فى إنجلترا قبل حضور صلاح من روما، فحقق ما عجز مانى وغيره عن تحقيقه، فكان الأفضل فى إنجلترا وهداف الدورى الإنجليزى ثم أفضل لاعب فى إفريقيا. صلاح بات قريبا من العودة مجددا إلى مصر، حيث يخوض «الفراعنة» مباراتى ذهاب وإياب ضمن التصفيات المؤهلة إلى أمم أفريقيا بالكاميرون 2019، أمام سوازيلاند فى الجولة الثالثة بالقاهرة يوم 12 أكتوبر، حيث يتجه بعدها مباشرة الفريق الوطنى وفى ليلة المباراة إلى مواجهة الجولة الرابعة بالبلد الأفريقى الواقع فى الجزء الجنوبى الشرقى من القارة السمراء يوم 15 أو 16 من نفس الشهر، الأمر الذى يتطلب رحلة طيران طويلة وشاقة، وهو ما يضع مسئولو الجبلاية فى أول اختبار رسمى لطلب صلاح الخاص برحلات الطيران، وسط وعود باحتواء الموقف من ناحية وترقب وحذر شديد من وكيل أعماله رامى عباس الذى تصدر المشهد بجدارة من ناحية أخرى، وبات شبه رقيب على تصرفات اتحاد الكرة مع قرب ظهور صلاح بقميص الفراعنة. رقابة عباس لاتحاد الكرة ستزداد صعوبة وتعقيدا فى المستقبل القريب أمام أحد الشروط التى يصعب تنفيذها والخاصة بحق الرعاية، حيث شدد عباس ومن ورائه صلاح على ضرورة عدم استثمار صور نجم ليفربول، إلا بإذن منه شخصيا، وهو ما لم يفعله كرم كردى عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة الذى كان مندوبا عن أبوريدة فى رحلة المنتخب الأخيرة أمام النيجر، نظرا لسفر رئيس اتحاد الكرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتأبين شقيقه، وكاد أن يفجر كردى أزمة عندما احتفل بصلاح وسط زملائه اللاعبين عبر استقدام «تورته» من متجره الخاص مرسوم عليها صورة هداف الدورى الإنجليزى محتفلا بوصوله للتصفية النهائية والثلاثية لاختياره ضمن أفضل لاعبى العالم، ليضع كردى الصورة مصحوبة باسم متجره فى إشارة إلى إعلان صريح، الأمر الذى أغضب عباس وصلاح معا. وفسر عباس سبب غضبه بأن مثل هذه التصرفات تضع صلاح فى حرج شديد مع إدارة ناديه الإنجليزى من ناحية، وكبار الشركات الراعية من ناحية أخرى؛ لأنه وقتها ستأخذ هذه الكيانات الاقتصادية الضخمة انطباعا سلبيا على النجم المصرى بأنه غير ملتزم إعلانيا، بينما يرى عباس أن صلاح وغيره من نجوم العالم لهما حق الاحتفاظ بمسار رعاياها، دون اختراق من منتخب هذا النجم أو ذاك، فى حين يرى مسئولو اتحاد الكرة المصرى أن صلاح من حقهم خلال فترة تواجده بصفوف المنتخب، الأمر الذى زاد من الفجوة فى الأشهر الأخيرة فى ظل تصارع الشركات الراعية للاعبين والفرق والمنتخبات، فبات النجوم مطلبا وهدفا أساسيا لكبار الشركات فى العالم. الأزمة تجسدت فى قضية الطائرة الشهيرة قبل مونديال روسيا، عندما وضع مسئولو اتحاد الكرة صورة صلاح على الطائرة الخاصة بالمنتخب برعاية إحدى شركات الاتصالات العالمية، والراعية لاتحاد الكرة، بينما وقع صلاح نفسه مع شركة محمول أخرى عالمية ايضا ومنافسه لراعى اتحاد الكرة، الأمر الذى هدد «مو» بغرامة بالملايين لولا احتواء الموقف فى اللحظات الأخيرة، لتبقى الأزمة عالقة مع كل نجوم العالم، فمؤخرا فشلت مفاوضات الاتحاد الدنماركى لكرة القدم مع لاعبى المنتخب حول أزمة عقود الرعاية، ووصلت لطريق مسدود، حيث تفاقمت الأزمة منذ عدة أشهر، ولم يتواصل الطرفان لحل يرضى كل الأطراف، وذلك بسبب عقد اللاعبين لاتفاقات رعاية فردية مع شركات منافسة لتلك التى ترعى منتخب الدنمارك، واضطر الاتحاد الدنماركى العام الماضى لإلغاء مباراة السويد فى تصفيات كأس العالم للسيدات بسبب خلاف على عقود الرعاية أيضا. وفى فرنسا، قرر بعض رعاة المنتخب الأول لكرة القدم، إيقاف تعاملهم مع «الديوك»، بعد الأزمات التى شهدها معسكر كأس العالم، حيث قررت مجموعة «كريديت أجريكول» للخدمات المالية، إحدي رعاة المنتخب، إلغاء إعلانها الذى تقدمه مع اللاعبين، والحال نفسه لمطاعم «كويك» للوجبات السريعة التى أوقفت عرض فيلم تسجيلى مع بعض لاعبى «الديوك»، فى حين قررت شركة «جى دى أف» الاستمرار فى رعاية المنتخب حتى نهاية منافسات المونديال، على أن تعقد جلسات مكثفة مع الاتحاد الفرنسى لكرة القدم لبحث حل الأزمة والتضارب القائم، الأمر الذى دفع لاعبو المنتخب الفرنسى للظهور فى إحدى التدريبات اليومية فى روسيا بقمصان لا توجد عليها شعارات لأى رعاة، لتبقى الأزمة عالمية، دون أن تبحث عن حلول فى مصر؛ بسبب تعاقدات كل طرف مع كبرى الشركات العالمية، فى وقت يبحث الجميع عن مصالحه الخاصة، والتى تعرض من يتعارض معها لغرامات مالية طائلة.
