رغم أن رمضان هذا العام يحوي أول موسم مسلسلات تعرض بعد ثورة 25 يناير التي توحد فيه المصريين جميعًا بكافة الطوائف لخلع نظام الحكم، إلا أن ذلك التوحد بين كافة المصريين لم يستثني الدراما من التطرف والحديث عن علاقة المسلمين والمسيحيين في المجتمع. إذ يضم هذا الموسم الرمضاني عدد من المسلسلات التي تناقش علاقة المسلمين بالأقباط في أطر عدة تختلف ما بين العلاقة الطيبة والمشكلات الاجتماعية التي قد تعكر هذه العلاقة بعض الشيء. أول الأعمال الدرامية التي ترصد العلاقة بين المسلمين والمسيحيين كان مسلسل "دوران شبرا" بطولة دلال عبد العزيز، عفاف شعيب، هيثم أحمد زكي، هاني عادل، أحمد عزمي، وملك قورة وتأليف عمرو الدالي، وتتناول حلقاته علاقة المسلمين والمسيحيين بحي شبرا ، وأظهرت الحلقات الأولي حميمية العلاقة ووحدة الصف بينهما وتسامح كل طرف مع الآخر، في حين تناول السينارست احمد ابوزيد تلك العلاقة في مسلسله "آدم" من خلال طابع الإثارة والتشويق الذي تتسم به الحلقات ليمثل الطرف المسيحي "نانسي " مي عز الدين" وباقي عائلتها الارستقراطية، بينما يمثل الطرف المسلم "آدم " تامر حسني" وباقي عائلته البسيطة التي تعيش في حي شعبي، دون أن تفرق الأحداث بين "الحاج" و"المقدس"، كما يتناول مسلسل "وادي الملوك" بين طياته العلاقة بين المسلمين والأقباط في القرن ال19 وذلك من خلال شخصية "مارجريت" وهي راهبة تعيش في أحد الأديرة بالصعيد وتجسد دورها الفنانة مي نور الشريف، وتربطها علاقة صداقة بإحدي السيدات المسلمات. علي جانب آخر تنتظر دور العرض السينمائية فيلمين في الأشهر القليلة القادمة هما "الخروج من القاهرة" تأليف واخراج هشام عيسوي وتم رفضه من الكنيسة بسبب تناوله معلومات خاطئة عن المسيحيين ويسلط الفيلم الضوء علي حبيبين تعاكسهما الأقدار بسبب المفاهيم الاجتماعية و الثقافية المتوارثة حيث يتناول الفيلم علاقة محرمة بين شاب مسلم وفتاة مسيحية من خلال "أمل إسكندر" التي تجسد دورها "كوكي" شقيقة "روبي" وهي فتاة قبطية في الثامنة عشرة من عمرها وتعيش في منطقة "بشتيل" بالقاهرة وتحب شاباً مسلم اسمه "طارق" ويجسد دوره "محمد رمضان" الذي يقرر أن يغادر مصر إلي إيطاليا، وحين تخبره أنها حامل منه، يخيرها بين إما أن تغادر البلاد معه، أو تجهض حملها، لكنها ترفض الخيارين رغم حبها الشديد له، وبعد ذلك تنهار حياة "أمل" و تجد نفسها في عالم تسوده الجريمة والرذيلة . وينتظر الجمهور أيضا فيلم "هابي فلانتين" من إخراج منال الصيفي، وهو من الأفلام المفروضة أيضا من الكنيسة المصرية بسبب تطرق الفيلم لبعض تفاصيل الدين المسيحي، وتدور أحداثه حول راهبة مسيحية يقتل زوجها يوم عيد الحب لذلك تقرر أن تصبح راهبة، كما يتطرق الفيلم لتفاصيل دقيقة في الدين المسيحي وما يدور في الكنيسة المصرية، وتقوم ببطولته إلهام شاهين التي قدمت في نفس السياق فيلم "واحد صفر" . كما تنظر الرقابة حاليا فيلم آخر بعنوان "الغماية" للناشط الشيعي "محمد الدريني" ويتناول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين بشكل حساس، إذ تدور أحداثه حول قصة شاب مسيحي اسمه "كرم" وهو من الشباب الملتزم دينيا وتقوم باختطافه مجموعة دينية متشددة ويتناول الفيلم قصة الالتزام الديني داخل البيت المسيحي . ولأن المشكلة والجدال المثار تركز أكثر في السينما بينما انصبت الدراما علي الجانب التقليدي المعتاد، توجهنا بالحديث إلي هشام عيسوي مخرج ومؤلف فيلم "الخروج من القاهرة" الذي قال لنا : قصة الفيلم تدور حول شاب مسلم يقع في غرام فتاة قبطية، وأري أنه لا يوجد هناك أي فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولكنها مشاكل مثل أي مشكلات تحدث في العالم أجمع، فمثلاً هناك مشاكل بين البيض والسود في أمريكا والمسلمين والمسيحيين في أوروبا، وبصراحة شديدة لا أري الأقباط يعانون من أي مشكلات داخل مصر والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين علي أتم وجه ولن تفسدها السينما، وتابع قائلاً : أقوم في الفيلم بإظهار المشكلة بموضوعية تامة للوصول إلي حلول منهجية، إذ إن دور السينما هو التقريب بين وجهات النظر ونقل المشكلات بموضوعية ودقة. أما منال الصيفي مخرجة فيلم "هابي فلانتين" فتري أن السينما لا بد وأن تقدم أهدافاً واضحة ورسالة لتوضيح العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وتابعت: أناقش في فيلمي تلك العلاقة بمفهوم إيجابي لأن الدين ليس به تهريج ولا مجال للخطأ فيه، وأري أنه لا توجد أي مشكلات بين المسلمين والمسيحيين لأننا جميعاً نعيش في وطن واحد، همنا واحد، وفرحنا وحزننا واحد ، أما الأفلام التي تناقش هذه العلاقة بصورة خاطئة فإنها تقدم رسالة سلبية وتسعي إلي خلق المشكلات وإحداث بلبلة في المجتمع، وأعتقد أن هذا أسلوب استفزازي ينم علي عدم احترام القوانين والعادات الموروثة لدينا. وعن فكرة أن هناك أعمالاً كثيرة خلال الفترة المقبلة تناقش نفس القضية تقول الصيفي : أعتقد أن هذا حدث بمحض الصدفة وليس هوجة مثلما يقال ، وأري أيضاً أن تلك الفكرة متشعبة ويجب مناقشتها في أكثر من عمل ، ولأن عملاً واحدًا لن يكفي لطرح كل جوانبها ، وفي كل الأحوال يجب أن تقدم تلك الأعمال بمهنية وحرفية عالية حتي لا تكون سبباً في عمل بلبلة وإشعال فتيل الفتنة الطائفية في المجتمع.