كان مقتل مارك داجان في بريطانيا بمثابة الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات فبرغم مسارعة الإعلام البريطاني بنشر تقارير غير دقيقة تشير إلي أنه أطلق النار علي الشرطة أظهرت الحقيقة أن الشرطة هي التي أطلقت النار أولاً وأخيرا وأودت بحياته، لينضم إلي مئات المهمشين ممن قتلوا علي يد الشرطة في ظروف تثير التساؤلات والقلق، لكن الإعلام البريطاني لا يقلقه ذلك. حيث كشفت إحصاءات رسمية في بريطاينا أن عقار ميفدرون، الذي يستخدم كمخدر، منتشر بين المراهقين والشباب بنسب تعادل انتشار الكوكايين، وتبين أن ما يقرب من 300 ألف شخص ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً «أي ما يعادل نسبة 4.4% من هذه الفئة العمرية»، تعاطوا هذا العقار كمخدر خلال 2010 . كما يأتي كل من الميفدرون والكوكايين في المرتبة الثانية بعد الحشيش من حيث رواجه بين الشباب في هذه السن، وذلك طبقا لدراسة أجرتها هيئة الدراسات الاستطلاعية البريطانية. وتشير الإحصاءات التفصيلية إلي أن بعض المواد الأخري التي تم منعها مثل بعض أنواع التوابل «جوزة الطيب» التي لها تأثير مشابه لتأثير الحشيش، لم تشهد نفس الدرجة من الرواج الذي يشهده عقار ميفدرون، كما أوضحت الدراسة أن الأغلبية العظمي ممن تعاطوا هذا العقار خلال العام الماضي كانوا من معتادي تعاطي المخدرات وليسوا من المتعاطين الجدد. وفي نفس السياق سادت حالة من الهدوء النسبي بلندن عقب ثلاث ليال من أعمال النهب والشغب ما أدي إلي نشر نحو 16 ألف شرطي وقالت شرطة سكوتلانديارد: إنه تم اعتقال 685 شخصا في العاصمة حتي الآن كما تم توجيه اتهامات ل111 شخصًا. في سياق متصل ذكرت تقارير إعلامية أمس الأربعاء أن بريطانيا شهدت اضطرابات لليلة الرابعة علي التوالي، مع اندلاع أعمال شغب في مانشستر وسالفورد ولفرهامبتون ونوتنجهام وليست روبرمنجهام، وكذلك أعمال نهب وحرق عمد. وذكرت وكالة برس أسوسيشن الإخبارية أن مئات الشباب اشتبكوا مع الشرطة في مانشستر. وتم اعتقال نحو 50 شابا في المدينة شمال غربي انجلترا مساء الثلاثاء الماضي. ألقت الشرطة القبض علي نحو 80 شخصا في منطقة برمنجهام بوسط انجلترا، وترددت أنباء كذلك عن وقوع اشتباكات في ولفرهامبتون ووست بروميتش في ميدلاندز. كانت المظاهرات العنيفة وأعمال الشغب قد أندلعت السبت الماضي في توتنهام شمالي لندن، عقب مقتل شخص يشتبه في ارتكابه جرائم، يدعي مارك دوجان، برصاص الشرطة. قالت لجنة شكاوي الشرطة المستقلة أمس الثلاثاء: إنه ليس هناك دليل علي أن دوجان قام بإطلاق النار قبل أن يردي قتيلا. يأتي ذلك فيما شكل المئات من سكان لندن لجان دفاع ذاتي في شوارع عاصمة المملكة المتحدة التي تشهد أعمال شغب منذ أربعة أيام. من ناحية اخري لقي ثلاثة رجال حتفهم بعدما صدمتهم سيارة في خضم أعمال الشغب في مدينة برمنجهام البريطانية. وذكرت الشرطة أمس أن الحادث وقع عند إحدي محطات البنزين بوسط المدينة. وأضافت الشرطة أن جميع الرجال الثلاثة لقوا حتفهم في المستشفي متأثرين بجروحهم الخطيرة. ولم يعرف بعد ما إذا كان الحادث له علاقة مباشرة بأحداث الشغب التي شهدتها المدينة أمس. وذكرت وسائل الاعلام استنادا إلي شهود عيان أن الرجال الثلاثة كانوا يحاولون حماية مبني سكني من مثيري الشغب. وذكر رجال الإسعاف أن نحو 80 شخصًا كانوا متواجدين عند محطة البنزين عندما وصلوا. وكانت الشرطة البريطانية قد قامت باعتقال المئات من الشباب مؤخراً. وفي نفس السياق علقت صحيفة "إل موندو" اليسارية الليبرالية الإسبانية علي أحداث الشغب في عددها الصادر أمس: "التجاوزات في بريطانيا بدأت في الأحياء الفقيرة، هذا يعني أن وراء ذلك نزاعًا مجتمعيا ، فالبطالة وغياب الفرص المستقبلية وعدم المساواة الاجتماعية شكلت برميل بارود انفجر الآن ، فهذا ما يفسر أعمال الشغب لكن لا يبررها". ورأت الصحيفة أن صور العنف وعمليات السلب والنهب في بريطانيا لا تنم عن مطالب اجتماعية أو احتجاجات ، بل عن جرائم. وكتبت الصحيفة: "يتعين علي الحكومة البريطانية تغيير سياستها والاهتمام بشكل أكبر بالمجموعات المظلومة، لكن لا ينبغي أن تفعل ذلك تحت ضغط عمليات التخريب". ورأت الصحيفة أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "ليس مسئولا عن هذا الوضع لأنه تولي مهام منصبه منذ 15 شهرا فقط". وكانت مجلة تايم الأمريكية قد اعتبرت أن الحرائق الناجمة عن أعمال الشغب التي بدأت في حي توتنهام بشمال لندن، الذي يعد سكانه من الطبقة العاملة ويعتبر حي متعدد الأعراق، يوم السبت الماضي حرائق ذات كثافة لم تشهدها العاصمة البريطانية لندن منذ الحرب العالمية الثانية. وأضافت المجلة أنه خلال ثلاثة أيام لم تكن مدن ليفربول ومانشستر وبرمنجهام بعيدة عن أزمة لندن لتتحول إلي أزمة في جميع أنحاء البلاد. وقالت المجلة: "إن السكان المحليين أعربوا عن مخاوفهم بسبب ما يرونه رداً متكاسلاً من الشرطة.. وفي ظل غياب الشرطة ظهر المخربون في إحدي لقطات الفيديو وكأنهم يتخيرون أي متجر من المتاجر المتعددة أمامهم يريدون سرقتها. وأشارت المجلة إلي أن المحكمة العليا البريطانية كانت قد قضت في شهر أبريل من العام الحالي بأن شرطة سكوتلانديارد خرقت القانون عندما أحاطت وطوقت جماهير كبيرة من المحتجين من بينهم أشخاص لم يكونوا يستخدمون العنف لفترات طويلة من الوقت. وأوضحت المجلة أن ضابط شرطة سيواجه المحاكمة في شهر أكتوبر المقبل بعد أن مات المحتج إيان توملينسون الذي يدعي أن الشرطي دفعه إلي الأرض وهو ما أدي إلي وفاته.