حاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان جاهدا مداراة فشله فى جولته الخليجية التى شملت السعودية والكويتوقطر فى المؤتمر الصحفى الذى عقده عقب عودته بمطار أسن بوغا فى العاصمة التركية أنقرة، إذ أطلق عبارات فارغة المضمون، وجملاً لا تحمل أى معني، وكلاما عاما لا يوحى سوى بالفشل، والانكسار، والهزيمة التى ظهرت على ملامحه، علاوة على أن حديث أردوغان لصحفييه لم يكن به ما يستحق الالتفات إليه غير أنه جزء من الازمة القطرية. من يفهم عقلية أردوغان الانتهازية، ويتتبع سلوكياته الاستعراضية يدرك أن الأغا التركى الذى تتبدل مواقفه من الضد إلى الضد أراد أن يثبت من خلال جولته الخليجية لحلفائه القطريين ومطاريد التنظيمات الإرهابية المتطرفة أنه قادر على أن ينجح فيما فشل فيه وزراء خارجية ألمانيا، وبريطانيا، والولايات المتحدةالأمريكية، وفرنسا التى انتهت زيارتهم كما بدأت، وتوهم رئيس الكيان التركى أن مجرد بدء جولته من السعودية، وهى طرف فى الأزمة وليس من الكويت البلد الوسيط، سوف يبدل من مواقف المملكة، وينجح فى خلق تباين بين مواقف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. الرئيس التركى الذى يتبنى الموقف القطرى وينحاز اليه بلا رشد أو عقل، أثار استياء كل من التقوه فى السعودية والكويت، حينما طالب بضرورة رفع الحصار أولا عن قطر، وبعدها يمكن مناقشة أى مطالب بين الدوحة والدول الداعية لمكافحة الإرهاب، ما يكشف أن الرجل يعيش خارج سياق الأزمة والعصر. الوساطة الاستعراضية هى الوصف المناسب الذى ينطلى على جولة أردوغان الخليجية حيث يبدو أنه استهدف منها دخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية باعتباره أول رئيس دولة يزور الدوحة التى تعانى من المقاطعة والعزلة منذ انطلاق الازمة فى 5 يوينو الماضي.. بحسابات الأرباح والخسائر، فإن تركيا أردوغان قد منيت بخسائر ضخمة على جميع المستويات فى علاقاتها الاقتصادية بكل من السعودية والإمارات، وهما الدولتان ذاتا الوزن والثقل الاقتصادى الضخم مقارنة بقطر التى يربطها بتركيا قواسم مشتركة وهى دعم وتمويل الإرهاب، وإيواء المطلوبين والمطاريد من الإ ومن هم على شاكلتهم من المتطرفين والتنظيمات الإرهابية. ومن منطلق المكايدات التى تتبعها تركياوقطر، قال خالد بن محمد العطية وزير الدولة القطرى لشئون الدفاع بعد مغادرة أردوغان للدوحة إن مناورات عسكرية مشتركة ستجرى بين القوات القطرية والتركية والأمريكية، ما يعنى أن أردوغان ماض فى تحالفه الإرهابى مع إمارة نظام الحمدين. وفى أعقاب جولة أردوغان الفاشلة وضعت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مصر والسعودية والإمارات والبحرين أمس الثلاثاء قائمة جديدة تضم أفراداً وكيانات من ليبيا واليمن وقطروالكويت ذات ارتباط مباشر وغير مباشر بقطر ضمن قوائمها لمكافحة الإرهاب. فيما أشارت مجلة «كومنتري» الأمريكية إلى أن الجولة الخليجية التى قام بها للكويت والسعودية لم تثمر عن أى جديد فيما يخص المطالب العربية ال13، ومن ضمنها وقف دعم تميم بن حمد بن خليفة للمنظمات الإرهابية فى الشرق الأوسط. زيارات أردوغان الخارجية لم تنجح منذ أن تولى الحكم، وتشير بيانات تركية إلى أن أردوغان قطع مسافة بلغت 146 ألف كيلومتر فى زياراته الخارجية خلال عام 2016، أى ما يعادل 4 دورات حول الأرض تقريبا. وبدأ أردوغان أولى زياراته إلى أمريكا اللاتينية، وشملت تشيلى وبيرو وإكوادور، وأجرى جولة أفريقية أثناء عودته، شملت كلا من ساحل العاج وغانا ونيجيريا وغينيا. كما زار أردوغان روسيا مرتين، فضلا عن زيارات لدول الخليج العربي، والتقى خلال زياراته رؤساء 37 دولة، واستقبل رؤساء حكومات 15 دولة، لتبلغ خطاباته خلال العام الماضى مجتمعة، داخل تركيا وخارجها، 110 خطابات، فضلا عن استقباله 836 وفدا أجنبيا مكونة من 9 آلاف و880 شخصا، ولقائه مع أمناء ثمانى منظمات دولية كبرى. ولم تنجح كل هذه المقابلات والزيارات فى زيادة حجم التجارة التركية أو حتى حل المشكلات السياسية التى عزلت أنقرة بسبب سياستها المؤيدة للإرهاب. كما أن أردوغان لم يفلح فى تعزيز التواجد التركى خليجيا رغم كثرة الزيارات التى قام بها هو والوفود التى كان يرسلها لدول كثيرة. وخلال زيارته الأخيرة لواشنطن، أكدت مصادر أمريكية أن الزيارة فشلت فى تحقيق أى من أهدافها. وأشارت مصادر تركية معارضة عقب الزيارة إلى أن حادث الشجار أمام السفارة التركية فى واشنطن عبر عن وجه من أوجه التوتر بين أنقرةوواشنطن، وقارن خبراء زيارته التى تلت زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بشهر وأكدوا أن زيارة أردوغان فشلت تمامًا، فزيارة السيسى استمرت لمدة 6 أيام وعقد لقاءات مع مسئولى البيت الأبيض والكونجرس ووسائل الإعلام الأمريكية، ووقعت عددا من الاتفاقات التجارية والعسكرية بين القاهرةوواشنطن، بعكس أردوغان الذى لم يلتق سوى بترامب ورحل سريعا عن البيت الأبيض بعد يوم واحد فقط، كما ألغى اجتماعا كان مقررا عقده فى المركز الإسلامى بواشنطن دون إبداء أسباب كافية. علاوة على ذلك، فشلت زيارات أردوغان إلى موسكو، حيث لم يستطع إقناع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بتغيير موقفه من الأزمة السورية.