طابت مصر.. واستوت ونضجت علي نار هادئة.. وحان قطافها لتسقط سهلة مستسلمة في حجر «الإسلاميين» بلا منازع.. ولا مقاومة.. إنهم كانوا ينتظرون نجاح الثورة لينقضوا عليها فقد رفضوا المشاركة منذ اللحظة الأولي وأعلنوا رفضهم الرسمي للمشاركة في احتجاجات 25 يناير.. ومر 26 و27 يناير دون مشاركة تذكر.. حتي يوم 28 يناير لم يشاركوا إلا بعد انسحاب قوات الشرطة والأمن المركزي.. وظهور بشائر سقوط النظام بأكمله.. وعندما اطمأن كل «الإسلاميين» إلي أنه لن يصيبهم أذي.. وأن موقفهم من المشاركة الذي أبلغوا به «نظام مبارك» قبل اندلاع الثورة مازال ثابتا وأنهم عند وعدهم بعدم المشاركة.. وفجأة «خدعهم» النظام وسقط وكأنه أعجاز نخل خاوية.. ولأنه نظام هش نخر السوس قواعده وقوائمه ورموزه انهار الهيكل علي من فيه ككومة قش.. ولكن الإسلاميين الذين عاشوا سنوات وسنوات في انتظار ذلك اليوم كانوا قد أعدوا العدة.. واستعدوا بكوادرهم المدربة.. وفيالقهم المسلحة.. للقفز علي السلطة بطرق «شرعية».. ولو استدعي الأمر «غير شرعية»، فما حدث في سيناء من هجوم مروع لبث الرعب والفزع في قلوب المصريين.. ورفع أعلام «السعودية» وقد نقش عليها «لا إله إلا الله».. وأعلام «شيعية سوداء» كتب عليها «الإمارة الإسلامية».. وبعد الهجوم المسلح الغادر علي قسم شرطة ثان العريش والذي استمر أكثر من 12 ساعة وأسفر عن سقوط 5 قتلي وإصابة 21 من قوات الأمن.. أكد شهود العيان أن المسلحين كانت تصلهم إمدادات علي مدي الساعة من قبل أشخاص يستقلون سيارات دفع رباعي ودراجات نارية.. واستخدم المسلحون في هجومهم علي قسم الشرطة: «مدافع جر ينوف عيار 250، 500 ملم، وقذائف آر. بي .جيه، وقنابل يدوية». وفيما كانت هذه القوات الملثمة تشن حربًا عاتية علي قواتنا المسلحة وقوات الأمن المصرية.. كانت عشرات الألوف من الإسلاميين يستعرضون قوتهم علي المجتمع المصري الآمن.. وعلي الائتلافات الثورية المسالمة في ميدان التحرير.. وبدلا من أن تكون «جمعة لم الشمل» أو «جمعة وحدة الصف» تحولت إلي «جمعة نقض العهد».. و«جمعة الحرب الكلامية» بين الائتلافات الثورية والإسلاميين.. حيث قال «عادل سعيد» القيادي السلفي ورئيس حزب الأصالة السلفي: «هتافات 4 ملايين إسلامي في التحرير جعلت الجرابيع يهربون من الميدان».. وقال عاصم عبدالماجد مدير مكتب الجماعات الإسلامية الإعلامي معلقا علي انسحاب التيارات الليبرالية من الميدان بأنها «بلطجة سياسية» وطالبهم بعرض أنفسهم علي طبيب نفسي لأنهم يدعون حرية الرأي فيما يمارسون سياسة الإقصاء. هكذا يخاطبنا «الإسلاميون».. وهكذا يستعرضون قوتهم لدرجة أن «خالد يسري» المتحدث باسم الجبهة السلفية قال: «إن التحرير لو كان يتسع ل20 مليونا «لاحتشد 20 مليونا» في الميدان».. وأضاف: «إن قوة الإسلاميين ستظهر في صندوق الانتخابات». وهكذا يعلن «الإسلاميون» حربهم القادمة ضد كل من يختلف معهم من المصريين.. وضد إرادة المجتمع المصري الذي يحلم بالأمن والأمان.. والهدوء والاطمئنان.. إنهم يشعلون فتيل الفتنة.. ففي الوقت الذي يحدث فيه مثل هذا الهجوم الغادر علي رجال الأمن المصريين.. يحمل الخطاب السياسي للإسلاميين كل هذا التعالي والغرور.. وكأنني لا أستطيع أن أفصل بين خطاب القنابل والمدافع والآربي جيه، في شمال سيناء والخطاب السياسي المحمل بهذا القدر من التهديد السافر لكل من يحاول أن يقف في طريق «التيار الإسلامي».. فبالتأكيد سوف يصعقه «التيار».. أو يجرفه «التيار».. فنحن حتي الآن لا نعلم كيف نحسب قوة هذا «التيار» هل نحسبه «بالفولت» أم «الوات» .. أم يتدفق الفيضان الذي سيجرفنا جميعا أمامه.. قد يعتقد الإسلاميون أنهم كثيرون وأقوياء وأشداء «علينا».. وأود أن أذكرهم فقط بأن نظام مبارك كان يمتلك من القوة والعتاد والجنود المدربين والضباط المبرمجين علي استعباد الشعب المصري.. والمدعومين بترسانة حربية شديدة «العتو.. ولكن كل ذلك سقط وبعثرته الرياح».. أتمني ألا يغركم بالحياة الغرور.. وتسقطوا في حسابات القوة الخاطئة فتذهب ريحكم سدي.. فالدين لله.. والوطن للجميع ولا حول ولا قوة إلا بالله.. نحن نعلم أنكم قادمون. ولكن الله فوق الجميع.. والحق فوق القوة.. والعدل أساس الملك.