طريقة عمل الكريم كراميل، لتحلية مغذية من صنع يديك    وزير الزراعة: توجيهات جديدة لتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    حرق جثمان السنوار ونثر الرماد في البحر، قناة إسرائيلية تكشف مصير جثة قائد حماس (صور)    استهدفت إسرائيل فروعها في لبنان.. ما هي مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله؟    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم مدينة نابلس بالضفة الغربية من اتجاه حاجز الطور    عاجل - مصير جثمان يحيى السنوار.. دفن "سري" أم ورقة ضغط بيد الاحتلال؟    وجيه أحمد: التكنولوجيا أنقذت الزمالك أمام بيراميدز    أول تعليق لمصطفى شوبير بعد فوز الأهلي على سيراميكا كليوباترا (صور)    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    تحذير مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين.. والأرصاد تنصح: «شيلوا الصيفى»    إصابة 10 أشخاص.. ماذا حدث في طريق صلاح سالم؟    حادث سير ينهي حياة طالب في سوهاج    ناهد رشدي وأشرف عبدالغفور يتصدران بوسترات «نقطة سوده» (صور)    ارتفاع جديد بالكيلو.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الإثنين 21 أكتوبر 2024 في بورصة الدواجن    6 أطعمة تزيد من خطر الإصابة ب التهاب المفاصل وتفاقم الألم.. ما هي؟    إغلاق بلدية صيدا ومقر الشرطة بعد التهديدات الإسرائيلية    «العشاء الأخير» و«يمين في أول شمال» و«الشك» يحصدون جوائز مهرجان المهن التمثيلية    هيئة الدواء تحذر من هشاشة العظام    نقيب الصحفيين يعلن انعقاد جلسات عامة لمناقشة تطوير لائحة القيد الأسبوع المقبل    «هعمل موسيقى باسمي».. عمرو مصطفى يكشف عن خطته الفنية المقبلة    الاثنين.. مكتبة الإسكندرية تُنظم معرض «كنوز تابوزيريس ماجنا»    حزب الله يستهدف كريات شمونة برشقة صاروخية    قودي وذا كونسلتانتس: دراسة تكشف عن صعود النساء في المناصب القيادية بمصر    أحمد عبدالحليم: صعود الأهلي والزمالك لنهائي السوبر "منطقي"    مزارع الشاي في «لونج وو» الصينية مزار سياحي وتجاري.. صور    واحة الجارة.. حكاية أشخاص عادوا إلى الحياه بعد اعتمادهم على التعامل بالمقايضة    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل في دمياط- صور    للمرة الرابعة تواليا.. إنتر يواصل الفوز على روما ولاوتارو يدخل التاريخ    خبير استراتيجي: مصر تتخذ إجراءاتها لتأمين حدودها بشكل كامل    كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    حبس المتهمين بإلقاء جثة طفل رضيع بجوار مدرسة في حلوان    ملخص مباراة برشلونة ضد إشبيلية 5-1 في الدوري الإسباني    دراما المتحدة تحصد جوائز رمضان للإبداع.. مسلسل الحشاشين الحصان الرابح.. وجودر يحصد أكثر من جائزة.. ولحظة غضب أفضل مسلسل 15 حلقة.. والحضور يقفون دقيقة حدادا على روح المنتجين الأربعة    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل ثقيل بدمياط وإصابة سائق التريلا    مباراة الترسانة مع أسوان بدوري المحترفين.. الموعد والقنوات الناقلة    ضبط المتهم بقتل شخص فى عين شمس.. اعرف التفاصيل    النيابة العامة تأمر بإخلاء سبيل مساعدة الفنانة هالة صدقي    النيابة تصرح بدفن جثة طفل سقط من الطابق الثالث بعقار في منشأة القناطر    عمرو أديب بعد حديث الرئيس عن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد: «لم نسمع كلاما بهذه القوة من قبل»    نجم الأهلي السابق: هدف أوباما في الزمالك تسلل    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 21 أكتوبر 2024.. استمتع بخدمة الآخرين    عمر خيرت يمتع جمهور مهرجان الموسيقى العربية فى حفل كامل العدد    سعر الذهب اليوم الإثنين بعد آخر ارتفاع.. مفاجآت عيار 21 الآن «بيع وشراء» في الصاغة    وفود السائحين تستقل القطارات من محطة صعيد مصر.. الانبهار سيد الموقف    وزير الزراعة: توجيهات مشددة بتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    قوى النواب تنتهي من مناقشة مواد الإصدار و"التعريفات" بمشروع قانون العمل    نائب محافظ قنا يشهد احتفالية مبادرة "شباب يُدير شباب" بمركز إبداع مصر الرقمية    جاهزون للدفاع عن البلد.. قائد الوحدات الخاصة البحرية يكشف عن أسبوع الجحيم|شاهد    «شوفلك واحدة غيرها».. أمين الفتوى ينصح شابا يشكو من معاملة خطيبته لوالدته    هبة قطب تطالب بنشر الثقافة الجنسية من الحضانة لهذا السبب    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    مجلس جامعة الفيوم يوافق على 60 رسالة ماجستير ودكتوراه بالدراسات العليا    أستاذ تفسير: الفقراء يمرون سريعا من الحساب قبل الأغنياء    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت هناك أخيراً .. أبو القاسم الشابي ينتصر

كتب - وحيد الطويلة من تونس

سونيا والغناء والأستاذ هيكل
يعمل التوانسة علي فترتين وراء لقمة عيش مضنية ووراء قروض فاحشة ، أدخلهم النظام في دوامتها وتركهم يعومون وحدهم ، يعود من يعود منهم ظهراً لداره لتناول غداء سريع ثم يعودون للعمل وفي السادسة تزدحم الشوارع يرجعون إلي بيوتهم منهكين لا يفكرون في الخروج ثانية ولا يقدرون ، لا الجهد يساندهم ولا جيوبهم تساعدهم ، يكلمون بعضهم وهم في سياراتهم ، يشيحون بأياديهم لبعضهم البعض كأنهم في فيلم للمجانين ، وعندما تسأل تجد الإجابة الحاضرة : الضغط ، الناس كلها علي أعصابها ، لذا افكر أحياناً بشكل جنوني أن هذاهو أحد الأسباب التي ساعدت في تعلم التوانسة العزف علي العود ، السهرات في البيوت غير مكلفة وتلم الأحباب ويشيع الغناء ليطرد كآبة العيش والخوف من المجهول .
الغناء يقاوم القمع ، القتلة لا يحبونه ، إنه يحيي الروح وهم يريدون قتلها.
هنا في تونس يمكن لك أن تتيقن أن محمد عبد المطلب مازال مطرباً مسموعا وكارم محمود ومحمد قنديل واسماء اختفت من بلادها وزياد رحباني غير معروف علي قدر اهميته وتجربته لأنني أعتقد أنه يغني لي وحدي ولجرابيع مثلي.
يتساءل الشاعر الكبير آدم فتحي في احدي اغنياته عن صالح عبد الحي وعن المطرب عبد الحي سلامة مع انك يمكن ان تلف القاهرة كلها ولا تجد شريطاً واحداً لعبد الحي ولا أحد يتذكر عبد الحي سلامة علي الإطلاق في كل أنحاء المحروسة ولا سمع به.
عاد مارسيل خليفة إلي الظهور بعد أن اختنقت أغانيه في سوريا ، عادت جوليا بطرس وأميمه الخليل ، شغلوا كل المحطات وتذكر الناس ريتا والعصفور الذي طل من الشباك وشمس الحق التي ظهرت وغيرها.
عاد الشيخ إمام المعروف في تونس كأنه عبد الحليم حافظ ، بالكاد يعرفه في مصر ثلة من النخبة ، والذين سمعوا عنه لم يسمعوه جيداً ، وشرائطه بالطبع غير متوفرة .
كانت سونيا - وهي بالمناسبة صاروخ بشري معد للإنطلاق - قد أخبرتني أنها كانت زمان تضع شرائط مارسيل خليفة في الكاسيت ، تغني معه وتكتب الأغاني وراءه كلمة كلمة تقفل وتفتح حتي أوجعها إصبعها ، لكنه منذ مجيء بن علي استراح اصبعها ، واختفي مارسيل .
وانا امازحها : سلامة اصبعك ، انشاء الله يغور من في بالي ويقطعوا إصبعه ، وهي تضحك ، تمر أمامنا تغني بقوامها الفارع وقدها الممشوق.
الأستاذ هيكل قال إن الغرب تحديداً أمريكا صنع من نظام بن علي نظاماً مصفحاً لا يسمح بأي ثورة ، ليوافق المنخرطين تحته علي أي ( سلام ) تفرضه أمريكا واسرائيل علي المنطقة والقضية الفلسطينية ( سونيا توافق علي كلام الأستاذ هيكل رغم أنها لا تعرفه وهو لا يعرفها).
الشاهد ، الناس تغني علي طريقتها والصحافة علي جنبها .
لسنوات عندما تفتح صحيفة تونسية ستجد الصفحة الأولي ونصف الصحيفة تقريباً مكتظة بحكايات كرة القدم ومبارياتها التي لاتنتهي و صور لاعبيها التي احتلت كل المساحات ماعدا المساحة المخصصة للسيد الرئيس السابق والسيده حرمه .
كنت أري وجه ليلي بن علي بدون تعابير ، وجه جاف جامد ، حواجب مصنوعة علي الطريقة اللبنانية ،حادة مرفوعة من نصف الحاجب حتي طرفه البعيد ، مقوسة توحي بالصلف ، أكره تلك الحواجب وأمقت اكثر منها النساء اللواتي يروجن لها في التليفزيون ، ما علينا ، كنت أراه وجهاً خاليا الا من تعبير ( العنطزة الفارغة )، لم أكن أراها حتي قاسية ، القسوة تليق بآخرين ، بزوجها .. بزوجنا ، وجه جاهل في أقرب التوصيفات لا يعرف ما يدعي ولا ما يمنحك ، وصور تها تعرضت ( للفلترة ) حتي تبدو بلا شائبة بشكل مسح عنه الوهج الإنساني ،والأخطاء الإنسانية التي تمنح الوجه الفتنه والألفة البشرية أو النسائية - هذا يختلف بالطبع عن الصور التعبيرية عندنا في مصر للرئيس السابق مبارك ، لم يصلوا اليها بعد وإن تفننوا في أشياء أكثر إبداعاً .
أوجعني أكثر تهافت الصحفيين المصريين واللبنانيين( اللبنانيين كانوا واحدا فقط ممثلاً لكل الطوائف ياللمفارقة - ) - ، الذين تهافتوا أمام ليلي وبطولاتها وكتبوا ، كتبوا بعناوين من العيار الثقيل أقلها ؛ سيدة العرب ، وزغردي يا من لن تخسرين شيئاً ، مرمغوا وجوههم ووجه الصحافة في الوحل ، والسيدة لم تقصر ولم تتهاون بطانتها ، صنعوا منظمة للمرأة العربية ووضعوها علي رأسها .، في اتجاه مضاد تماماً للاتجاه الذي كافح فيه علماء ومفكرون وسياسيون سنين طويلة.
دفع نظام بن علي للصحف والصحفيين في جل البلاد العربية ، وانهالت الدعوات علي الأذناب وصغار الكتاب أصحاب المناصب الكبيرة في صحفنا ، في العيد (الوطني) لتونس تنهال الدعوات علي الأسماء إياها ، تراهم في كل عام يسمنون ويتسلمون موضوعات إنشائية مدبجة مسبقاً تعلم الصحفيين الصغار معني أن تكون مطيعا وخانعاً :
مرة مازحت احدهم ، قلت له كي أهرب من الموضوع إن الشاعر المصري حلمي سالم - منه لله - يقول : سأدلك علي جملة تخلو من الماضي المركب : كن رهناً للطاغوت فهذا أفضل للطاغوت رد بسخرية: .
شكلك ستذهب في ستين داهية قريبا.
قلت وانا اضحك خائفاً:
مكتوبة لكم إن شاء الله.
، في تونس يترحم الناس علي إثنين بورقيبة وابو القاسم الشابي ، صنع بورقيبة صفحة ملونة للمرأة التونسية ، صنع لتونس من قبلها ، ولم يستطع النظام رغم اقصائه من الحكم ان يقصيه من حياة الناس ، وضع بورقيبة تونس علي طريق التعليم ، وفي كل التقارير الدولية جاءت تونس متقدمة علي الجميع، نافستها احيانا الأردن، وحدّد النسل ، وتخيل معي ان ذلك لم يحدث ، لكانت تونس الآن تقارب الثلاثين مليوناً وكانت الثورة قد قامت من زمان.
قالت جارة جميلة في المقهي : ربي يرحمه.
قالت جارة أجمل منها : المؤ كد أنه فتح الطريق: لا تعرف ان كان قد ساعد الثورة بالتعليم أم أخرها بسبب تنظيم النسل ، لكن المؤكد أنه ساهم فيها ولو بطريق غير مباشر ولو لم يكن يطيق الثورة بطبيعته ، كان يعتقد أنه أب للشعب للتونسي والأب لا يمكن ولا يجب تغييره.
لكن المؤ كد أن هناك من مهد الأرض لبورقبية وهو قطف بذكاء واستغل ثمار الزرع ، هناك من أرسوا ومهدوا لإسلام حداثي الطاهر عاشور والحداد والعفيف الأخضر وهشام جعيطة وكثيرين وصولا للمبدعة ألفه يوسف ، زرعوا الطريق جيداً ، ونمت أفكارهم ، قطف بورقيبة واستغل ذلك أفضل استغلال وإلا لما تسني له أن يواجه (بعلمانيته ) جحافل تربت علي تراث مقلد ، هذا موضوع آخر لكنه يصب في خانة تعبيد طريق الثورة .
ما إن تقابل تونسيا في الستين عاماً الماضية إلا وقال لك بيت شعر ابي القاسم الشابي : إذا الشعب يوماً أراد الحياة ، يرددونها بغير مناسبة ، لم يكن ابوالقاسم نفسه يعرف أنه بعد مئويته بشهور سوف يتحقق حلمه وقسمه ، في قناة فرانس 24 التي غطت الثورة بشكل متباطيء في البداية ثم تسارع إيقاعها حين وجدت الجزيرة تلعب في ملعب آخر وبتشكيل آخر ، قال أحد الضيوف اذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر بإذن الله ، وتعالت أصوات من قلب المقهي ، اسلاميين لا ، هناك من يريد أن يدفن ابوالقاسم وهناك من يريد أن يدفن الثورة، في تونس بعض تسجيلات لجورج وسوف ملك المقاهي هنا يغني فيها مقطعاً من اغنية الأطلال للشاعر ابراهيم ناجي ، لاتقل شئنا فإن الحظ شاء يبدلها جورج ويقول فإن الله شاء ، فيما قبل الثورة لم يكن أحد يلقي بالاً لغناء جورج للجملة ، بعد الثورة قال صاحب المقهي ، أحرقوا الشريط.
حاول بن علي في السنين الأخيرة أن يؤسلم بعض المعطيات علي طريقته ، أنشأ زوج ابنته مصرف الزيتونة ، في مماهاة لجامعة الزيتونه بإرثها الديني ، ,انشأ إذاعة الزيتونة أيضاً ، وجبة خفيفة جدا لا تستطيع أن تقترب من مدفعيتنا الديينية الثقيلة ، وظلت خطب الجمعة لطيفة تحكي عن التورك في الصلاة وما شابه ذلك ، في رمضان الماضي اعتلي أحد المساجد خطيب سوري من بواقي الإخوان هناك ، دخل عليهم بالحنجل والمنجل ، وعندما انطلقت قذائفه ، وصلته الإشارة فأعلن اعتزاله علناً .
حاول صخر الماطري زوج ابنته الصغري أن يظهر بعد الإذاعة والمصرف الإسلاميين بمظهر الملاك ... يحب يعمل ملاك ، قال السائق التونسي ..
أعطي لكل حاج تونسي هذا العام شيكارة من البسيسة ( وهي أكلة تونسية لذيذة ومفيدة وإن كنت لا أحبها ، وكرهتها أكثر بعد هذه اللقطة المزيفة ) قدمها زادا وزواداً للحجاج في رحلتهم ولكي يمطروا صخر بدعواتهم في الكعبة .
في السنوات الأخيرة راجت أقاويل عن أن الرئيس لو إنخبط في مخه وتقاعد فإن ليلي بن علي هي المرشحة للركوب علي الكرسي أوهي المصنفة رقم واحد ، ووجد هذا الكلام صداه ولو من تحت الطاولة بين أشباه النخبة التونسية والعربية بدعوي أن المرأة قد حان دورها (أنا بالطبع أويد المرأة في تولي كل شيء لكن ليس هنا بالذات ) ولعب اللاعبون واللاعبات علي هذا الوتر مستغلين الوضع الباهر الذي قدمه بورقيبة متسلحاً بالإسلام الحداثي ، وحافظ عليه النظام البائد وإن أدخله في طرق أخري ، إذ فرغ البلاد من كل احتمال إلا إحتمال رحيله غير المتوقع .
وعلي غير المتوقع أيضاً بدأت أخبار أخري ، ربما يستغل صخر الماطري الوضع ويقفز هو علي السلطة ، رجل وزوج ابنة الرئيس السابق وليلي والموضوع كله في ذقن العائلة والبرم والفتل من عندنا.
.. يحب يعمل رئيس ، قال سائق آخر ، وأردف : علي الأقل عمل إذاعة الزيتونة .
قال صاحب المقهي ، ابو القاسم الشابي انتصر أخيرا ، و ينام سعيداً في قبره الآن فلا تقلقوه.
سمعت اسم الطرابلسية وهو اشقاء وابناء اشقاء المدعوة ليلي زوجة الرئيس السابق ، سمعت عما فعلوه منذ خطت قدمي تونس منذ أكثر من خمسة عشر عاماً ، فنادق وتوكيلات سيارات ، سيطروا علي قطاع السياحة الباب الكبير للموارد التونسية ، اخترعوا لعبة جديدة ما يجدونه جاهزا يشاركون صاحبه فيه بالنصف ، أحد اصحاب مصانع المعسل قرر ان يفتتح منفذا في تونس لبيع انتاج مصنعه الموجود في مصر ، كانت الإجابة : بالنصف ، المكسب بالنصف ، المصري كان عنده دم فرفض وعاد أدراجه .
كنت أري عماد الطرابلسي يحوم حول المقهي الذي نرتاده ، لم يكن يحوم حول إمرأة كما فعل النشامي في عدة بلاد عربية ، كان يحوم ليقول لنا هأنا ذا ، هانا هاهنا .
قال لي شوقي الأجنف صديقي البارع في اعمال الجرافيك ومشتقاته أنه عمل معه لفترة مرغما وعندما سأله عن أجره اجاب خمسة الآف دينار قال بهدوء : اعطوه خمسمائة ولما ظهرت علي جهه ارهاصات ملامح تعجب ، قال :
ولا مليم ( في الحقيقة هو قال له .. ولا دورو بالتونسية وانا قمت بالترجمة وبعفة أيضاً ) في الدوحة قابلت تونسيا يعمل رئيسا للجرسونات في مقهي في سوق واقف :
قال لي سأعود ومعي سيارة فولكس فاجن آخر موديل ، القانون يمنحنا سيارة في العمر بجمارك بسيطة.
بعد فترة عاد مكفهرا ، طلب منه عماد الطرابلسي هذا شراؤها بنفس الثمن الذي اشتراها به وخصم منه ثمن استعمالها لأسبوع ، حين رفض ، وجد السيارة محترقة في اليوم التالي .
قال جارنا في المقهي : إحمد ربك ، لو كان بلحسن الطرابلسي شقيق ليلي هو الذي طلب منك ذلك ورفضت لحرقك أنت.
لكن الإحتراق لم يتأخر طويلاً ، يبدو أنها كانت نبوءة وعلامة لم ينتبه اليها أحد بعد احتراق بوعزيزي بإسبوعين وطلقات الرصاص تصطك بالأجساد استوقفني أحد ضباط المرور ، أشار باصبعه إشارة الأمر ، توقفت قال : الرخص.
لماذا ، السيارة عليها أرقام الصحفيين المعتمدة من الدولة .
قدمت له بطاقة اعتماد الصحفيين الأجانب .
- الرخص... قال بصلف .
الغيظ يصعد إلي رأسي .
.. أنت تراني كل يوم مرتين وتعرفني شخصياً ، الرخص سليمة ، لكنك لن تراها . عيونه تمتد داخل السيارة يفتش عن شيء ما.
- اسمع قالها ببساطة ، سيارتي ليس بها لتر واحد بنزين ، وأريد عشرة دينارات . .. البلد كلها مولعة بالبنزين وانت تبحث عنه في جيبي.
الأرض والشموع
يوم الجمعة 14 يناير كان بن علي رئيساً في الصباح ، وبعد المغرب كان الغنوشي رئيساً مؤقتا ، وبعد يوم آخر كان فؤاد المبزع رئيساً مؤقتاً أيضاً رئيس لمدة ثلاث وعشرين عاما ُ وثلاثة رؤساء في ثلاثة أيام والمتظاهرون لم يبارحوا الشوارع ، واللافتات تقول ، لن نعود لبيوتنا حتي تخرجوا من حياتنا.
افترش الناس الأرض ,اشعلوا الشموع ترحماً علي شهدائهم في محاكاة لثورات طلعت قبلهم في دول أخري .
لا تصدق أحداً يقول لك نحن فعلنا وحدنا ، هناك من النخبة من دافع وقاسي وسجن وحوصر وعذب وضرب وانتهكت أعراضه ، وهناك من قاموا بالدعاء ، لكن الثورة الحقيقية صنعها الناس الغلابة المسحوقين وليس الجوعي ، الناس الغلابة التي لم تتنفض ضد الجوع ، التونسي يستطيع أن يفض مسألة المأكل بأي شيء ، لكنهم انتفضوا ضد اليد الغليظة التي صفعتهم وكممت أنفاسهم طويلاً ، وضد القدم الغليظة التي داست علي رقابهم ، الجندي أو عسكري الأمن في الشارع هو الفاتق الناطق ، كأنك في سوريا أو مصر ، أكثر بكثير ، ولعل هذا ما يفسر أن الثورة جاءت بعيدة عن العاصمة ، أو انتقلت من القصرين وتالة ورديف وسيدي بوزيد اليها ، لم تكن ثور ة طعام ، كانت ثورة الثأر للكرامة الناس ، في العاصمة بالمجمل كانوا متأخرين سنوات عن الذين عاشوا في المدن البعيدة ، وغضبتهم جاءت متأخرة ، حتي الأحياء الفقيرة في العاصمة ومنها حي التضامن ( لاحظ الإسم) والملاسين والكبارية ومقرين والجبل الأحمر جاءت قبل أن تتنصر الثورة بليالٍ قليلة ) ، لكن لم يك في مقدور أحد أن يوقفهم وسمعت أصحاب المصالح يطالبون بمواجهتهم خشية علي أملاكهم ومصالحهم الريعية التي اكتسبوها أيام بن علي وتحت سمع بطانته ، كان كل هم الجوعي في هذه الأحياء أن ينقضوا علي الأحياء الغنية يقلقون منامها ، لكنهم عندما أحسوا بضعف بن علي في خطابه الأخير وتوسله ومناشدته واعتراف الصنم بالخطأ بحثوا عن بيوت عائلة ليلي بن علي زوجة الديكتاتور ليرموا محتوياتها في الشوارع بعد تهشيمها أو حرقها .
في كرة القدم كان الجمهور المنهمك المدفوع يقول دائما نسور قرطاج ، لم أكن أحب التسمية ليس لمبالغتها ، بل لمبالغة من يتحدثون بها والنفخة الكاذبة التي كانوا ينفخون ربها .
استيقظ الغلابة ، النسور الحقيقية في الثورة التونسية ، ما مر شهر واحد علي أول شهيد ، ما اكتمل ، ما أكمل القمر دورته إلا وكان بن علي وحقبته في مزبلة التاريخ ، في كتاب الصفحات الرديئة والدول المصفحة كما يقول سيدنا هيكل ، والناس غير مصدقة لما فعلوه في ايام ليست تعد بالأيام .
سبحان مغير الأحوال ، رجال الأمن يتظاهرون و يبكون- العقبي لنا في كل بلد عربي- ، منهم من يعتذر ومنهم من يطلب الصفح ، وآخرون يقولون أنهم كانوا مرغمين ، وكاركاتير في صحيفة تونسية يبدو فيه رجال الأمن في مظاهرتهم ومواطن يقبل عليهم من بعيد وهو يقول : من فضلكم ، تظاهروا بهدوء
قال جاري ، لقد شاركت أنت وزوجتك في الثورة .
قالت زوجتي إنها شاركت في الثورة بإنطلاقة الفيس بوك.
قالت الجارة الحلوة ، سأطلب لك الجنسية التونسية ، واقسمت بشرفها .
حيث كانت الثورة كنا ، حلمنا بها ، آمنا بها تحديداَ بعد ان انطلق الرصاص وصعد الدم الزكي وصمد الناس ، آمنا بها بعد خروج الناس للشوارع معلنين أنهم لم يبتلعوا طعم وعود بن علي.
قلت لسمير بن علي ستنجح قال سننجح.
كتبت علي صفحتي في الفيس بوك:
نجحت الثورة في تونس ، أستأذنكم في الرحيل. ، استأذنكم في العودة.
أفكر بأكبر عدد من المناشدات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.