يأتي مقالي هذا اليوم حيث يأتي في مناسبة تاريخ وصول أول قافلة للتعمير بقيادة (اللواء الجغيلي) إلي مدينة الخارجة - تنفيذا لتوجيهات الرئيس جمال عبدالناصر في خطابه الشهير مساء 23 ديسمبر سنة 1958 بمدينة بورسعيد بمناسبة عيد النصر (الذي كان!) - بأن للمصريين أملاً جديداً - وخروجاً من الوادي القديم إلي الوادي الجديد! وهذه المنطقة من الصحراء الغربية المصرية تمثل بالإضافة إلي الواحات البحرية 375 كم جنوب غرب الجيزة (وتتبع إدارياً محافظة الجيزة) - وواحة سيوة 300 كم جنوب مطروح (وتتبع إدارياً محافظة مطروح ) حوالي 48.6% من أرض مصر كلها! وقد بدأت قوافل التعمير بالعمل بالمهجرين من الصعيد ومن عمال التراحيل - بعد أن أنشأت لهم قري في الواحات الداخلة والخارجة - بأسماء بغداد وفلسطين والمنيرة والمحاريق (نسبة إلي معتقل المحاريق) والرشيدية- وبلاط وسمنت وبشندي والقصر والمذوقة وغرب الموهوب والشيخ رمضان - وغيرها من القري وحفرت الآبار- وأقيمت المدارس - والمشاغل للسجاد والكليم والخزف وتجفيف البلح والطماطم والبصل - ومشاغل الخياطة (التفصيل)! وانتشرت الحياة علي طول المحافظة والتي تقوم علي طريق قديم هو (درب الأربعين) و(درب الغباري)! وكانت آمال التعمير والتنمية في هذا العصر - يرمي إلي مد خط أنابيب من بحيرة السد العالي في الجنوب - مارة بهذه المحافظة بطول 1000 كم حتي منخفض القطارة في الشمال (الساحل الشمالي) حيث كانت هناك خطة لانشاء أول محطة طاقة نووية وتوليد الطاقة عن طريق إدخال مياه البحر الأبيض إلي المنخفض (القطارة)! كانت مصر كلها أطفال وشباب ورجال ونساء - عندهم قضية كبري - قضية التنمية بدأت بقضية بناء السد العالي - بعد قضية الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي علي صغار المزارعين - ثم قضية زراعة الصحراء في شمال التحرير، وجنوب التحرير (بطول الطريق الصحراوي الآن) مصر - إسكندرية! وقضية تصنيع مصر وهو ما يسمي بعد سنة 1961 بالقطاع العام - بعد تأميم الخاص وإدماجه في العام - حتي انتكست مصر في يونيو 1967 وكانت نهاية كل خطط التنمية - تحت ضغط وعبء الاحتلال الإسرائيلي لجزء عزيز من الأمة (شبه جزيرة سيناء)!! ولن أطيل فيما حدث ولكن جائت حكومة الدكتور كمال الجنزوري لتقدم للأمة مشروعاً في جنوبالوادي الجديد وهو ما يعرف ب(مشروع توشكي)! أي أننا بدأنا من الصفر مرة أخري وليس بتنمية واستكمال ما نمتلكه في الوادي الجديد!! حيث لا يصلح أن نبني علي أسم قائد أو رئيس سابق !!فكل مشروع يجب أن يكون له أب!! والاسم يجب أن يكون "جديد".. وكان من الاسهل والاجدي أن نسمي المشروع الوادي الجديد (جدا)، حتي يمكن أن توجه الاستثمارات الضخمة إلي ما بدأناه، منذ أكثر من أربعين عاماً ولكن "معلش" هذه هي أهم صفات المصريين منذ فراعين الزمان! واليوم ممر التنمية - حيث يبدأ من الشمال ماراً بجوار الوادي القديم وتمتد الكباري والطرق من عواصم ومحافظات الصعيد - في اتجاه الغرب لربط جزء من الوادي الجديد للوادي القديم وأجد من المشروع المقدم والمثار حوله جدل قد استبعد واحات الفرافرة والخارجة وسيوة قد انزوت بعيداً عن المشروع المقترح فليكن اسم المشروع ممر التنمية أو توشكي أو الوادي الجديد أو حتي نسميه (عكاشة)! بس المهم كيف نستمر وكيف نبني علي ما لدينا من أرصدة حتي ولو كانت بأسماء قد ذهبت إلي وجه الله - والباقي هي مصر - وأجيالها القادمة! هذه المقالة نشرت من قبل بتاريخ 2006/10/3