تفقدت "روزاليوسف" "السرداب"، الذي كشفت الصدفة عن احتوائه لخبيئة فنية تشكيلية "بمتحف الحضارة" بالأوبرا، فاكتشفنا أن عشرين عاماً قضاها متحف الحضارة المصرية، وهو يحمل لقب تحت التطوير والتحديث، إلي أن أصبح متحفا خارج نطاق الخدمة، والمقتنيات التي تحكي ذاكرة مصر محفوظة في صناديق تحمل اختاما رسمية، باعتبارها عهدة علي موظفي المتحف المغلق، إلي أن تم الكشف عنها الأسبوع الماضي أثناء أعمال المرحلة الثالثة من ترميم المتحف. الناقد الفني صبحي الشاروني أوضح لنا، أن مهمة اللجنة التي يترأسها لتوثيق الأعمال التي عثر عليها، وتضم كلا من الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وأحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض، ومدير المتاحف طارق مأمون، ومديرة المتحف دكتورة منال شلتوت، قائلا: مهمة اللجنة توثيق اللوحات الفنية فقط، أما الخرائط فلها جهة أخري معنية بها. ووصف اللوحات التي تم العثور عليها قائلا: اللوحات تعطي درسا للفنانين المعاصرين في مدي أهمية قيمة الرسوم المصغرة أو الاسكتش قبل بدء الجداريات، خصوصا بعد تفشي التجريدية في فترة فاروق حسني، الذي ساهم في "تجريد" الفن من مضمونه، ولابد من الاهتمام بالأعمال وعرضها في معرض خاص بها، خاصة أن اللوحات تضم أعمالا أصلية ونادرة للفنان الحسين فوزي، وهي لوحات تسجيلية وواقعية تحمل قيمة جمالية عالية، وتدل علي موهبة متميزة. وعن توقعه لسر هذه الخبيئة قال الشاروني: أتصور أن هذه الخبيئة وضعت في سرداب سري وأغلق عليها بعد ثورة 23 يوليو، لأنها تمثل الملك فاروق والأسرة العلوية، وربما كان القصد من هذا إخفاء فترة معنية، خوفا من الحنين إلي عصر الملكية. أما الدكتور أشرف رضا فتحدث عن الخبيئة الفنية قائلا: تضم روائع فنية لا نستطيع أن نقول عنها أنها منسية أو كانت ضائعة، لأن لا أحد يتوقع وجود مثل هذه الأعمال داخل سرداب، هي أعمال نادرة ذات قيمة عالية فنياً وتاريحياً ومادياً، وتحسب ضمن ذاكرة فترة تاريخية لمصر. جاري تحديد التوصيف الدقيق لكل عمل علي حدة من خلال اللجنة، ولكن التوصيف المبدئي كالآتي: 65 لوحة رسوم هندسية دقيقة معمارية عن المتحف، و32 لوحة رسوم توضيحية عن المتحف وطريقة العرض المتحفي، و85 اسكتش علي أوراق شفافة، توال وخشب وألون جواش لفنانين مصريين، و18 لوحة زيتية للفنان الحسين فوزي، ولوحات للفنان محمد حسن، وكامل مصطفي، ومفيد جيد، ونجيب فانوس، و19 خريطة في فترة الأربعينيات لمصر والسودان، 3 صور فوتوغرافية للملك، وأكثر من 1000 كتالوج صدر عام (1950) عن قصة متحف الحضارة، محفوظة بداخل الكراتين والصناديق. ومن جانبه أوضح أحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض أن الشركة المعنية بخطة تحديث "متحف الحضارة"، كانت قد انتهت من تطوير مبني سراي النصر، الذي كان يضم متحف الجزيرة، ومتحف الحضارة والقبة السماوية، وضمت خطة التطوير والتحديث إلغاء "متحف الحضارة" وتحويله إلي "متحف الجزيرة العالمي"، خطة الترميم قسمت علي مراحل تم الانتهاء من المرحلة الأولي والثانية بمتحف الجزيرة، الذي كان يتطلب إخلاء المتحف بالكامل، وكانت المرحلة الثالثة الخاصة بمتحف الحضارة تتطلب إخلاء الديورامات للترميمات، وهي المرحلة التي تم فيها اكتشاف الخبيئة في السرداب السري، ومن المقرر أن يتم استئناف أعمال الترميم للأعمال ، بعد انتهاء اللجنة من التوثيق والتوصيف. وأكدت الدكتورة منال شلتوت مديرة متحف الحضارة أن ما اكتشف في السرداب ليس له علاقة بمقتنيات متحف الحضارة الأصلية والمقيدة في السجلات، وإنما لها علاقة فنية بكل الأعمال المعروضة بالمتحف، فمنها اسكتشات لنفس الديورامات، وأعمال الفنان مفيد جيد، المعروضة، ورسوم وخرائط عن المتحف وكل قاعات العرض. وعن العثور علي الخبيئة قالت: حين تم فك الديورامات بقاعة السودان بالمتحف، وهي ديوراما عبارة عن خريطة مجسمة ل"حوض النيل" مصر وأثيوبيا، واكتشف خلفها السرداب ولم يكن أحد يتوقع وجود أي كنز. وعن طريقة العرض الموجودة بالمتحف قالت شلتوت: بالمتحف قسم خاص لكل عصر من العصور التاريخية، توضع نماذج لأهم آثار هذا العصر، من الملابس والأسلحة ونظم الجيش، والآلات الزراعية والصناعية ووسائل المواصلات، بالإضافة لخرائط مجسمة تبين حدود مصر ومدنها وأقاليمها الزراعية، تحتوي علي مكان لوضع نماذج مجسمة تمثل المناظر الطبيعية وعادات وتقاليد معتقدات الشعوب بها.