قدم المفكر والباحث السياسي السيد يس خلال المحاضرة التي ألقاها في الجمعية الفلسفية بعنوان "ثورة 25 يناير بين القطيعة التاريخية والزمن المتسارع" تحليلا نظريا لثورة 25 يناير قال فيه: لقد أسقطت الثورة النظام وهذه سابقة، لم يكن أحد يتوقعها، ومع تسارع وتصاعد سقف المطالبات، وشعارات الرحيل، فإذا بهذه البنية السلطوية المتماسكة بكل أجهزتها المخابراتية والأمنية تسقط في 18 يوما، وهذا هو الزمن المتسارع الذي نعيشه، زمن تلهم فيه تونس مصر، وتلهم فيه مصر ليبيا واليمن والبحرين وسوريا، لم تعد السلطة بعيدة عن السخط الشعبي، والانتفاضة الثورية. وأكمل: لا يمكنك أن تفهم ما حدث في ثورة 25 يناير إلا بمعرفة السياق الذي نشأ فيه، والسؤال ما هو السياق التاريخي الذي نشأت فيه ثورة 25 يناير؟؛ حين انتهت الحرب الباردة وسقط نظام الثنائية القطبية وتصاعدت الولاياتالمتحدة تغير العالم، وسقطت النماذج المعرفية القديمة، وأصبح لينا ثلاث ثورات، الأولي ثورة سياسية، وهي عبارة عن صور جديدة من الديمقراطية تختلف عن الديمقراطية التثميلية القديمة، كذلك الثورة الكونية، وثورة المعرفة وتلك الأخيرة هي ببساطة الانتقال من الحداثة إلي ما بعد الحداثة. وواصل: لن أدخل في تفاصيل ما بعد الحداثة، ولكن سأركز علي فكرة سقوط السرديات الكبري، وهذه مسألة لها علاقة وثيقة بأن ثورة 25 يناير لم يكن لها أيديولوجية، ففي الثورة الكونية، والسياسية والمعرفية ظهر ما يسمي وعي كوني عالمي، وأصبح هناك نموذج قيمي جديد تبناه الناس، وبزغ السياق الأول للثورة، تلاها اللحظة الانفصالية حيث المجتمع الشبكي، وانفصال الشباب عن الواقع، تلاها لحظة اتصالية اتصل خلالها الشباب علي الإنترنت، وحشدوا الناس وبدأ مأزق السلطات العربية، كان باب الديمقراطية مغلقا، فخرجت إبداعات عربية ممتازة، مرت بمرحلة الاختمار الثوري، وتشبعت بكل الممهدات التي أدت إلي الثورة من تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية، تصاعد نبرة النقد الاجتماعي والسياسي وانتقال السخط والغضب من جيل الآباء إلي جيل الأبناء والأحفاد، ناهيك عن النقد الاجتماعي العنيف الذي مارسه الصحفيون. وكان أخطر ما حدث هي تلك الاحتجاجات الجماهيرية التي كشفت عن فساد النظام، وتطورت الأمور حتي وصل الشباب إلي الميدان، وهناك فعلوا ما يتمنون تحقيقه في مصر كلها، والصور تتحدث عن نفسها، كان بإمكانك أن تري محبة، وتعاوناً بين الجميع، لا فارق بين منقبة وسافرة، الكل يتصرف علي طبيعته، والعلاقات في صورتها النقية، كانت أشبه بحلم يوتوبيا تمناه الثوار كي يكون الصورة السائدة في مصر كلها.