على الرغم من أن الفقرة الأولى للمادة 25 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تنص على أن لكل شخص الحق فى مستوى معيشى كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، بما فى ذلك من مأكل أو ملبس والمسكن والعناية الطبية اللازمة للحفاظ على أرواحهم، كذلك الخدمات الاجتماعية، إلا أن الواقع فى قرية توماس3 التى تبعد 15 كيلو متر عن مدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، انحدر عن تلك النص وخالفه، ليعانى نحو 15 ألف مواطن بزمام القرية من الأملاح الموجودة فى مياه الشرب التى يحصلون عليها من الآبار الارتوازية غير صالحة الاستخدام، ما يعرضهم للإصابة بأمراض الكلى.. انتقلت «روزاليوسف» إلى القرية لترصد معاناة الأهالى فى توماس3، للحصول على المياه غير الصالحة للشرب.. وإليكم التفاصيل.. يقول يوسف المصرى، أحد أهالى القرية المضارون، إننا نعانى من ملوحة مياه الشرب التى أصبحت غير صالحة للاستخدام الآدامى، بالإضافة إلى رحلة من العذاب اليومية للحصول على المياه الصالحة من خلال قرية الزعرات التى تبعد مسافة تتجاوز ال 3 كليو مترات، منوها إلى أنه يقوم يومياً بشراء 3 جراكن مياه من أصحاب «التكاتك» الذين يقومون بجمع الجراكن من الأهالى وتعبئتها من القرى المجاورة. ويلفت المصرى إلى أن الأملاح الموجودة فى المياه تسببت فى إصابة الكثير من الأهالى بأمراض الكلى والتيفود، لافتا إلى أنه قد تم أخذ عينات من المياه الموجود بتوماس3 والتى أثبتت نتائجها عدم صلاحيتها نتيجة الأملاح الزائدة فيها، والتى تتجاوز المعدل الطبيعي.. واستنكر المضار من تعنت المسئولين وعدم البت فى الشكاوى التى تم تقديمها من الأهالى خلال الآونة الأخيرة، مستنكرا من تهالك شبكة مياه الشرب التى أكلها الصدأ، مطالبا بسرعة ترميمها وتطويرها خاصة وأن عمرها الافتراضى تجاوز ال تجاوز ال30 عامًا. ويتفق معه حمزة عوض الله، من أبناء توماس3، مؤكدا أن القرية بأكملها تسد احتياجاتها من المياه من خلال بئر ارتوازية عفى عليها الزمان، ولا تصلح المياه الموجودة به ل «الاستحمام أو الاستخدامات المنزلية الأخرى»، منوها إلى إصابة أحد أطفاله ب«حصوة» على الكلى نتيجة الارتواء بمياه الارتوازية، متسائلا: «هل أصبح الحصول على كوب ماء نظيف يقى أطفال القرية من أمراض الكلى أمرا مستحيلا»؟ وتشير أم يوسف إلى إصابة أطفالها بمرض التيفود بسبب تناول المياه المالحة، حيث إن الأدوات المنزلية أكلها الصدأ لشدة ملوحة المياه، وفى حال وضع المياه على النار للتخلص من الشوائب والأملاح تجدها تتحول إلى «رغاوى» لكونها فاسدة. وينوه حسن عباس، من الأهالى المضارين، إلى معاناة أسرته كباقى الأسر الموجودة بالقرية من ذات المشكلة، منوها إلى أنه مصاب بصديد حاد بسبب تكون الحاوى على «الكلي»، علاوة على وفاة والده منذ عام بسبب تدهور حالته الصحية بفعل تأثير المياه المالحة، فى حين إن أخيه الأصغر، 12 عام، مصاب بحصوى على الكلي، الأمر الذى دفعه إلى شراء فلتر لتنقية المياه من الرواسب والشوائب والأملاح، دون مراعاة من أن تنقيه المياه 7 مرات يفقدها قيمتها.. أما حمادة حسن، أصيب بعدد من الحصوات على الكلى أدى إلى ألم فى جانبه الأيسر، وبعد تناول الكثير من المسكنات أضطر إلى إجراء عملية جراحية لإزالة 28 حصوة على الكلى، لافتا إلى أن جميع أهالى القرية يعيشون فى فزع ورعب خشية من أن يصابوا بأمراض الفشل الكلوى جراء تناول المياه الارتوازية، مستنكرا سداد فاتورة المياه فى الوقت الذى توقف فيه عداد المياه عن العمل منذ سنوات. من جانبه نفى مدير إدارة المياه والصرف الصحى بمدينة إسنا، عدم صلاحية مياه البئر الذى يشرب منه أهالى قرية توماس3، مؤكدا صلاحية المياه الموجودة به، حيث أن نسبة الملوحة الموجودة بالماء لا تتجاوز النسب غير الطبيعية، منوها إلى أن إحدى الشركات تقوم الآن بحفر غرفة مياه لربط شبكة مياه قرية توماس3 بمحطة مياه الشيخ مسكين، لضخ مياه النيل عن طريقها لجميع أهالى القرية.. وكلف المسئولين بأخذ عينات من المياه وتحليلها فى معامل الصحة للتأكد من صلاحيتها من عدمه، وفى حال ثبوت أن المياه غير صالحة أثناء مرورها عبر خطوط الشبكة القديمة بالقرية، سيتم إحلال وتجديد خطوط الشبكة، موضحا أن توقف عدادات المياه مسئولية الأهالي، وفى حالة توقفه تتم المحاسبة بقيمه استهلاك 30 لترًا فى الشهر دون النظر إلى الاستهلاك الفعلى.