النظام السوري في دمشق والذي ادعي رئيسه بشار الأسد مؤخرا أنه "محصن" ضد الثورة السياسية التي تجتاح العالم العربي،يواجه الآن احتجاجات في الشوارع بوتيرة لم يسبق لها مثيل. إن التوتر لم يأخذ مكانه بعمق في العاصمة ذات التواجد الأمني الكبير في إحدي أكثر الدول قمعا للمظاهرات. و لكن النظام قام بقمع الاضطراب بعنف في محافظة درعا الفقيرة في الأيام الأخيرة حيث قامت قوات الأمن بإطلاق النار علي المتظاهرين مما أدي إلي مقتل خمسة أشخاص ولربما يصل العدد إلي 25 شخصا. لقد قام عشرات الآلاف من المحتجين بحرق مكاتب حزب البعث الحاكم وقصر العدل وشركة هواتف تابعة ل "رامي مخلوف".إبن خال الرئيس وقد ألقت دمشق اللوم علي أيدي خفية في أعمال التخريب. علي الرغم من التعتيم سيئ السمعة للنظام،إلا أنه وردت تقارير بأن الأسد قد أمر القوات الخاصة التابعة للقوة المدرعة الرابعة والتي يقودها شقيق الرئيس الأصغر ماهر بالتوجه إلي درعا التي تبعد 60 كم عن الحدود الأردنية إلي الجنوب من دمشق، وذلك بعد 3 أيام من العنف. ويبدو أن الخطة تهدف إلي عزل جنوب سوريا عن باقي أنحاء البلاد من أجل عزل الاضطراب باستخدام قوات ولاؤها للنظام أمر لا يمكن الشك فيه. إن سوريا تقبع تحت قانون الطوارئ منذ أن وصل حزب البعث إلي السلطة في إنقلاب عام 1963 حيث يحظر القانون أي معارضة سياسية. كما أن الأوامر صدرت للجيش بمحاصرة منطقة جبل الدروز القريبة وهي منطقة جبيلة قريبة من مرتفعات الجولان ويقطن فيها ما يقرب من مليون شخص من القبائل الدرزية. إن الأقلية الدرزية والتي تعتبر فرعا باطنيا من الإسلام، قامت بثورة عظيمة عام 1925-1927وهي ثورة امتدت إلي باقي أنحاء سوريا إبان كانت لا تزال تحت الإنتداب الفرنسي. إن النظام السوري يسيطر عليه من قبل أقلية مسلمة أخري وهي الطائفة العلوية،علي الرغم من أن الأغلبية في سوريا هي سنية. منذ أن اندلع الصخب السياسي في العالم العربي في تونس في شهر يناير،فإن سوريا بدت حتي قبل 10 أيام قادرة علي اجتياز العاصفة. في الواقع ،لقد كان الأسد واثقا بشكل كاف ليتفاخر أمام مجلة وول ستريت بأن مجتمع سوريا المسيطر عليه بقوة محصن ضد فيروس المظاهرات. إن الإصلاح السياسي في سوريا بالكاد أحرز تقدما منذ توليه للسلطة بعد والده حافظ الأسد الذي توفي عام 2000 . حافظ الأسد وهو ضابط سابق في سلاح الجو قام بإنشاء النظام عام 1970 حيث كان آخر نظام بعد سلسلة من الانقلابات والانقلابات المضادة السورية والتي ابتدأت بعد صخب الحرب العالمية الثانية عام 1949. إن لدي سوريا تاريخا سيئا في قمع المعارضة. في عام 1982، قام حافظ الأسد بتقديم درس وحشي لأولئك الذين يريدون تحديه. عندما حاول الإخوان المسلمون اغيتاله قام بإطلاق عنان جيشة علي مدينة حماة، حيث دمر أحياء كاملة وقام بقتل ما يقرب من 30000 شخص في المدنية. وهناك أمر مقلق آخر لدمشق ألا وهو الأقلية الكردية التي و كحال أقربائها في إيران وتركيا والعراق لديها حلم طويل في الحصول علي دولة مستقلة حيث واجهت النظام بشكل مستمر و كلفها ذلك عددا لا بأس به من الأرواح. آخر الاضطرابات الحقيقية مع الأكراد كانفي عام 2004، عندما اندلعت المواجهات في مدينة القامشلي الشمالية. حيث قامت قوات الأمن بقتل 25 شخصا. إن الأكراد بتاريخهم كمقاتلين يشكلون التهديد الأكبر لنظام الأسد. إن الجيش وأجهزة الأمن الداخلية قد أنشأت علي يد حافظ الأسد ولا تزال موالية للنظام، وهي أجهزة آمنة بشكل كاف بالنسبة للنظام. ولكن دعم الجيش لايجب أن يكون أمرا مسلما به في العالم العربي بعد الآن- ليس منذ أن تخلي ضباطا الجيش في مصر وتونس عن حكام هذه الدول، وأجبروهم علي التخلي عن مناصبهم. إن الأسد حالة فريدة في العالم العربي لأنه تولي السلطة بعد وفاة والده قبل عقد، وهو ليس الابن الوحيد لدكتاتور جمهوري يرث السلطة وهو يشكل سابقة في هذه الأمر. إن هذا الأمر لم يجر بشكل جيد لدي العديد من العرب، علي الرغم من أنه يري كأحد الزعماء العرب القلائل المستعدين للوقوف في وجه إسرائيل. إن أحد الأسباب التي أدت إلي سقوط الرئيس المصري حسني مبارك عن طريق ثورة شعبية في 11 فبراير منهيا حكما استمر لمدة 30 سنة، كان يتمثل في أن الشعب كان يعارض خطته في تسليم السلطة لابنه جمال. كما أن سببا كبيرا للغضب الذي يتعرض له الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ينبع من جهوده الرامية إلي توريث الحكم لابنه أحمد. ترجمة - داليا طه نقلاً عن وكالة يو بي آي UPI