مدير تعليم دمياط يتفقد المدارس ويؤكد على أهمية الانضباط الإداري    مسؤول أسترالي: تغير المناخ تسبب في انخفاض الهطول المطري غربي البلاد    6 قروش.. تراجع سعر الدولار أمام الجنيه منتصف تعاملات اليوم    رئيس الوزراء يؤكد على سرعة الانتهاء من مشروعات المياه والصرف الصحي    وزير الإسكان يلتقي مطورين عقاريين لبحث مشاركتهم بفعاليات المنتدى الحضري العالمي 12    موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2024 وحقيقة الزيادة الجديدة 15%    اليونسيف: حرب لبنان أجبرت أكثر من 400 ألف طفل على النزوح خلال 3 أسابيع    رئيس جامعة النيل ينعى طلاب جامعة الجلالة    ماذا قدم رونالدو مع منتخب البرتغال قبل مشاركته المتوقعة اليوم؟    برنامج علاجي وتأهيلي ل«دونجا» في الزمالك    قرار من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة فبركة سحر مؤمن زكريا    خروج 14 مصاباً بحادث الجلالة من المستشفى بعد تماثلهم للشفاء    «الأرصاد الجوية»: الطقس حار نهارًا والقاهرة تسجل 30 درجة    انطلاق أولى فعاليات الموسم الثقافي بجامعة القاهرة    نفاد تذاكر حفل الموسيقار عمر خيرت بمهرجان الموسيقى العربية    5 عادات صباحية بسيطة تحسن من وظائف الكبد.. تعرف عليها    ندوات لتنمية ورفع كفاءة العاملين بجامعة المنيا    منافس الأهلي.. البدري ليلا كورة: لا توجد مفاوضات رسمية لتولي شباب بلوزداد    الأهلي يواجه النجم الكونغولى اليوم فى ختام مجموعات بطولة إفريقيا لليد    وكيل تعليم مطروح يتابع مسار العملية التعليمية بمدارس براني    تعرف علي مجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل بالديوان العام بالشرقية    تجديد حبس "هناء الواجهة" وزوجها 15 يوما بتهمة حيازة مخدرات بالإسماعيلية    تحرير 1138 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم خلال أسبوعين    وزيرة التضامن: نتجه نحو التشبيك والتعاون مع كل مؤسسات الدولة لتحقيق خدمة أفضل للمواطن    10 محظورات على الجماهير فى مباراة موريتانيا ومصر بتصفيات أمم أفريقيا    تحديث المخطط الاستراتيجى العام لمدينة فارسكور بمحافظة دمياط    وزير الثقافة يفتتح معرض "تواصل الأجيال".. الجبالي وقنديل    هنا الزاهد تعتذر عن فيلم إن غاب القط وأسماء جلال بدلاً منها    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    وزير الإسكان: تشغيل 100 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة- مطروح    وزير الصحة: 5 محاور بالمؤتمر العالمى للتنمية تلتزم بمعالجة التحديات الصحية    علم أطفالك خطوات غسل اليدين لقتل الجراثيم وحمايتهم من الأمراض    ارتفاع مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الثلاثاء    مفتي الجمهورية: الإسلام يرسخ مفاهيم الخير ويدعو إلى التعايش السلمي    الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا الاحتلال بغزة إلى 42344 شهيدا و99013 مصابا    «الأنباء اللبنانية»: غارات إسرائيلية على بلدة حانين في قضاء بنت جبيل    سيول: بيونج يانج نسفت الأجزاء الشمالية من الطرق بين الكوريتين    3 ملفات رئيسية تتصدر زيارة ولي عهد السعودية لمصر    شقيق مؤمن زكريا يدعى مدنيًا بمبلغ 100 ألف وواحد ضد المتهمين في واقعة السحر    حازم خميس: اتحاد الكرة يرفض سداد مديونيات لجنة فحص المنشطات    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة رئيس الجمهورية للكشف عن أمراض سوء التغذية    قرار عاجل من التعليم بشأن المصروفات الدراسية للطلاب الأيتام    كفران بالنعم.. داعية تحذر من مقولة "مش بحب الأكل ده" (فيديو)    لليوم الثاني على التوالي.. مجلس كنائس مصر يعقد مؤتمر لجنة الكهنة والرعاة بوادي النطرون    بالفيديو.. وزير الإسكان يُعلن تفاصيل مشروعات إعادة إحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية    موسيقى تجمع القلوب.. عمرو سليم يضيء مسرح النافورة في مهرجان الموسيقى العربية    روجينا تكشف تفاصيل مشروعها الرمضاني 2025    موعد مباراة تونس وجزر القمر اليوم في تصفيات أمم إفريقيا والقنوات الناقلة    أمريكية صينية روسية.. ماذا نعرف عن أخطر أنواع الطائرات المسيرة في العالم؟    دور مجلس النواب في تعزيز التعليم والبحث.. مناقشة مشروع قانون المجلس الوطني للتعليم والابتكار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-10-2024 في محافظة قنا    نشأت الديهي: الأزمة في تايوان تؤثر سلبًا على دخل قناة السويس    عفت السادات: سياسية الرئيس عبد الفتاح السيسي هادئة وحكيمة    ما هو حكم الشرع في أداء كفارة اليمين.. الإفتاء تجيب    هل يجوز قراءة سورة الفاتحة بنية شفاء المريض وقضاء الحوائج    حبس المتهمين بسرقة العقارات تحت الإنشاء بمدينة 15 مايو    ملف يلا كورة.. التحقيق مع 4 اتحادات لمخالفات مالية.. إصابة داري.. وفوز تاريخي لسيدات الزمالك    وكيل الصحة بالسويس يطمئن على مصابي حادث أتوبيس الجلالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال حمدان: المعركة إعداداً وتوقيتاً وأداء أعظم تحول فى تاريخ الصراع العربى- الإسرائيلى

وهو ليس بحديث حرب.. على العكس إنه حديث عن الدفاع فى وقت تتكاثر فيه الأخطاء فى سيناء كما تتكاثر الأطماع وفى وقت تبدد فيه كما لم يتبدد من قبل الحلف العربى الذى حقق نصر أكتوبر وفتح الطريق إلى تحرير سيناء الذى لن يكتمل إلا بتعميرها تعميرا شاملا وبملئها بالبشر.
وقد صدر الكتاب على الأرجح فى النصف الثانى من عام 1974 وقبل انعقاد مؤتمر جنيف فى نوفمبر من ذلك العام وفى هذا الكتاب يتجلى حماس جمال حمدان وتدفقه ومدى الآمال التى عقدها وبحق على جولة 1973 ورغم الحماس فإنه وضع هذه الحرب فى إطارها الصحيح فى جولات حروبنا ضد العدو الصهيونى وفى إطار التأثيرات الاستراتيجية العالمية التى خلفتها هذه الحرب والتى بددتها الإدارة السياسية للحرب ولم يكن هذا قد وضح كاملا عند كتابة هذا الكتاب الذى إن جاز أن نتجاوز حديثه عن الحرب وأثارها إلا أننا لا يمكن بحال أن نتجاوز حديثه الساخن عن سيناء وقيمتها وأهميتها ولعل التقييم الحماسى للحرب يتضح من قوله:
إن حرب أكتوبر لم تكن مجرد جولة بين خصمين متصارعين حسمت لصالح أحدهما وليست مجرد مكافئ موضوعى أو رد استراتيجى على نكسة يونيو ففى يقين حمدان أن التاريخ سوف يسجل 6 أكتوبر كأخطر وأعظم وأروع تحول مؤثر فى تاريخ الصراع العربى - الإسرائيلى المفعم وبالتالى فى تاريخ العرب جميعا ومن ثم ودون إفراط فى المبالغة فى تاريخ العالم المرئى .
قدس الأقداس «سيناء مقبرة الغزاة»
تعرض حمدان فى تحليله للمعركة بفصل مطول عن «قدس الأقداس» ويعنى فى لغته «سيناء» فى كونها واسطة العقد فى منطقتنا العربية مما يجعلها «طريق الحرب» بالدرجة الأولى وهنا تفرقة أساسية بين «طريق الحرب» وأرض المعركة أنها معبر أرضى وجسر استراتيجى معلق أو موطئ عبرت عليه الجيوش منذ فجر التاريخ عشرات وربما حرفيا مئات المرات جيئة وذهابا تحتمس الثالث وحده عبره 17 مرة.. فلها أطول سجل عسكرى معروف فى التاريخ تقريبا ولو أننا استطعنا أن نحسب معاملا إحصائيا لكثافة الحركة الحربية فلعلنا لن نجد بين صحارى العرب وربما صحارى العالم رقعة كالشقة الساحلية من سيناء حرثتها الغزوات والحملات العسكرية حرثا.
واستطاع حمدان أن يضع يد القارئ على أسباب المعركة الحقيقية المتمثلة فى أطماع المعتدى فى ثروات أرض الفيروز فتعرض لجغرافيا المكان بسهوله الشمالية «العريش» و«رفح» من آبار ومياه جوفية كعماد للاستقرار والحركة أى الزراعة والعمران من ناحية وحركة المواصلات والجيوش من ناحية أخرى.. فضلا عن تمركز مناجم المعادن والأحجار الكريمة الذهب والفيروز ومحاجر الفراعنة القديمة ومناجم الفوسفات وحقول البترول فى الكتلة الجبلية «جبل الطور».
عدنا يا «ديان» بقوة الحديد والنار
استهل حمدان حديثه عن معركة التحرير الكبرى بنداء تحد وتشفى عدنا يا ديان بقوة الحديد والنار وعلى أشلاء وجثث جندك «عدنا» حرص الكاتب على تلك الألفاظ عامدا لتتناول الحرب النفسية التى شنها العدو لخلخلة صفوف الجيش المصرى لينهى الحرب المعركة الرابعة قبل إطلاق الرصاصة الأولى وقبل أن تبدأ المعركة من الأساس وتسريبه لأساطير ضخمتها ونشرتها وأشاعتها.. وعاشتها مثل «جيش الدفاع الذى لا يقهر» وقادته ألهة الحرب الجدد والتفوق التكنولوجى والجوى الطاغى وباستعراض عضلاته وأسلحته المتطورة والسرية بميراجه والفانتوم.. إلخ
ونأتى إلى أركان الخطة التى هدمت الأسطورة النفسية للكيان الصهيونى والتى تتمثل فى المبادأة أى المبادرة بالهجوم وهو ما حذر منه الجنرال إيجال يادين من أول رؤساء أركان جيش الدفاع الإسرائيلى فقال «لا شىء أخطر على وجود إسرائيل من وجود الروح الهجومية عند العرب ولا يجوز رد الهجوم إلا بسبق العرب إليه.
وكان مناخ العبور معدا بدقة لا نظير لها ليلقى تأييد عالمى وصل إلى عزلة العدو ومعسكره دوليا اختيار المناسبة الدينية التى تصيب العدو بشلل تام يوم الغفران والتكفير «يوم كيبور» ومن جانبنا شهر رمضان وهو فى نظر العدو شهر كسل وتواكل.. وأخيرا 6 أكتوبر هو أنسب يوم للعبور حيث تقل فيه سرعة التيارات المائية فى القناة وليلة العاشر من رمضان قريبة من منتصف الشهر القمرى وتمام البدر مما يتيح العمل ليلا والصدمة كانت توقيت العبور الذى خالف القاعدة العامة إما أول ضوء أو آخر ضوء للشمس لقد كان فى منتصف النهار الثانية ظهرا وهو ما منح قواتنا الجوية القدرة على دقة إصابة أهدافها وعلى تصحيح نيرانها فى ضرباتها التمهيدية الأولي.
ومن الذين أنكروا المفاجأة «شارون» الذى جزم حين رأى الصور الجوية لمعدات العبور والحشود المصرية بأن «الحرب ستقع فى يوم أو اثنين».
ثلاثية الموانع الطبيعية والهندسية
وعن ثلاثية الموانع الطبيعية والهندسية الأرضية والمائية القناة الساتر الترابى خط بارليف يحدثنا حمدان فيقول: أولا، القناة مجرى ضيق اتساعها يتراوح بين 180 - 220 مترا وأقصى عمق لها 20 مترا مما يجعلها صعبة لعبور الدبابات والسيارات المدرعة البرمائية فضلا عن تياراتها المائية السريعة المختلفة الاتجاهات ما بين الشمال والجنوب 1.5 متر فى الثانية.
أما الساتر الترابى والذى يبلغ ارتفاعه تدريجيا من 10، 15، 20 مترا فى المتوسط فى زاوية شبه عمودية وكان أشبه ببرج مراقبة يكشف الضفة الغربية كاملة ومن هنا كان لابد من فتح ثغرات بالساتر للعبور.
لذا لم يكن مفر من العبور الأرضى لا الجوى والاقتحام المباشر لا الالتفاف واتباع مبدأ «لا تقامر لكن لا تخشى أن تغامر» وهو ما يتطلب من العقلية العسكرية المدبرة مخيلة جريئة وقدرة هندسية فائقة وجاء العبور بلا مبالغة بجميع حلقاته وتطبيقه قطعة من العلم وتكنولوجيا العسكرية التى تستحق التدريس لذا يمكن اعتبار سلاح المهندسين هو السلاح الرابع للقوات المسلحة جنبا إلى جنب مع القوات البرية والبحرية والجوية فخلال ساعتين فقط كان حجم قوة المهندسين على الضفة الشرقية وفوق القناة 15 ألف رجل وفى الموجة الثانية عبرت 80 وحدة هندسية بقواربها الخشبية بكل معداتها.
وهكذا بالقياس نجد تحركات المشاه مع المهندسين.. المدرعات مع المشاه الميكانيكية.. فنجد وحدة التوقيت فى الضربة الجوية وإنطلاق عملية المدافع الثقيلة وفى اللحظة نفسها عملية عبور الزوارق المطاط والعربات البرمائية المدرعة تحمل المهندسين لإقامة الكبارى لعبور المشاه لتأمين رؤساها على الضفة الشرقية.. وكانت هذه الجسور والمعابر هى الحبل السرى وخط الحياة بين القوات الزاحفة فكانت الهدف الذى ركز عليه العدو نيرانه الجوية بصورة محمومة فقامت القوات المصرية بتحريك الكبارى بمرونة فائقة وأطلقت ستارة كثيفة من الدخان تحجب الرؤية وإصابتها وأقامت جسور خداعية ودفعت عليها بقوات هيكلية لتشتيت العدو فمعظم الكبارى أصيبت وأعيد إصلاحها فى دقائق أكثر من خمس مرات لتستمر عملية العبور بلا توقف.
خريطة خط بارليف
خط بارليف كما وصفه المحايدون هو معجزة عسكرية حقيقية يتألف من حوالى 30 نقطة قوية للدقة 22 موقعا حصينا تضم 31 نقطة قوية تبدأ بالشط وتنتهى ب«رأس العش» محاط بمجموعة من الاسلاك الشائكة والخوازيق والألغام المدفوعة وأحواض النابالم على ضلوع الخط وبناء عليه جاء تصريح بارليف أنه على يقين باستحالة عبور القوات المصرية للقناة واختراق خطه الدفاعى وأنه غير قابل للتدمير حتى ب«القنبلة الذرية» ومن هنا تأتى سخرية القدر من بارليف وأعوانه فلقد سقط الخط بنقاطه الحصينة على يد المشاه الراجلة لا الميكانيكية المزودين فقط بالقناببل اليدوية فاقتلعت القوة البشرية وخلعته كالطوفان بعد أن قامت القوات الهندسية بتطهير حقول الألغام وفتحت ثغرات فى الأسلاك الشائكة بعد اعتلاء الساتر الترابى بالحبال والسلالم وبمجرد المشاه الميكانيكية أغرقته بكثافة النيران وكان الجنود يهاجمون العدو فى مخبئه بالسلاح الأبيض وسقطت أول نقطة الكيلو 19 جنوب بورسعيد فى يد الجيش الثانى فى ساعة وثلث الساعة ونقطة الشط بعد ساعة ونصف..
«عملية شارون».. «الثغرة»
يقول حمدان: أن القوى الإسرائيلية المنهكة من حرب الدبابات الكبرى أرادت أن تخفف الضغط وتنقله إلى مؤخرة القوات المصرية كبديل للمواجهة التصادمية فلجأت إلى استراتيجية الإقتراب غير المباشر التى تقوم على التطويق فالتصفية فاستغلت انشغالنا بمعركة الدبابات الكبرى لتبحث عن ثغرة تتسلل منها وتبين فيما بعد أنها كانت خطة احتياطية استعد لها العدو ومهد لها بفتحات فى الساتر الترابى حددها بعلامات معينة من الحجارة تحسبا لعملية العبور.. وقد وصف شارون نفسه الثغرة بمثابة «مسدس مصوب نحو القاهرة، وحبل حول رقبة الجيش الثالث».
واختار العدو منطقة البحيرات المرة كنقطة لا يتوقع العبور عندها فى الظروف العادية ومخاطرها كفيلة بتحقيق عنصر المفاجأة.. فضلا عن الحشائش البرية العالية الشبه السافانية التى تساعد على الاختفاء.
وكادت العملية تفشل فى البداية لكن التسلل نجح ليلاً عن طريق طائرات الهليوكوبتر وعلى نوع من الأطواف العائمة.. كما استخدم العدو عددا من الدبابات تلتصق بها من أسفل قطع من كوبرى عائم تنفصل عنها عندما تصل إلى الشاطئ فتعبر عليه الدبابة وتتلاحم تلك القطع فى كوبرى تام يصلح معبراً للدبابات العادية.. وكان هدفها الأول هو شبكة قواعد الصواريخ «أرض - جو» التى شلت حركة طيرانهم أثناء العبور.
نشر العدو قواته ومدرعاته لتأمين تلك الثغرة الفاصلة بين الجيشين الثانى والثالث شرق القناة متخذاً موقفاً دفاعيا تجاه الجيش الثانى فى الشمال وهجوميا فى الجنوب فى محاولة لزحزحة الجيش الثالث، ومن الجانب المصرى احتدمت معركة الدبابات لسد الثغرة ووقف تغذيتها وتطويقها على حسب التقديرات الأمريكية انتظمت 800 دبابة على الجانب المصرى و 600 دبابة للعدو و 1000 فى التقديرات الأخرى.. ويرجع ذلك للجسر الجوى الأمريكى المعزز لقواته أثناء المعركة.. كل همها وقتئذ الانتشار فى مساحات واسعة يمكن التفاوض عليها فيما بعد فأرسل وحدات مفتتة قزمية من دباباته ومدرعاته لتتداخل إلى أقصى حد بين صفوف قواتنا فيما وصف بحق استراتيجية حرب عصابات الدبابات.
وكأى أسطورة انتهازية للعدو الصهيونى سقطت لأهون الأسباب فلم يكن فى مواجهة ميكنة هذه المرة وإنما وقف أمام مدرعات بشرية أهالى السويس فلم ينجح حصاره لها بردم قطاع من ترعة الإسماعيلية وقطع الامدادات التموينية فى تسليم المدينة فوقف الأهالى ظهيرا للجيش الثالث ووضعت بصمودها حدا لتخريبه وتدميره وادعاءاته بسيطرته على 700 كيلو مترا مربع فى حين أن تواجده الفعلى لم يزد على 70 كيلو متر ولم ينجح فى دخول أو حصار أى من مدن القناة وتم تطويقه بجيش رابع من أهالى السويس.. فأصبح بين فكى كماشة فتتواجد القوات المصرية غرب القناة بنسبة 1:3 لينسحب بشكل مخز ويتحقق بذلك نظرية الجنرال بوفر «عملية شارون لم تكن عملية عسكرية بقدر ما كانت مظاهرة تليفزيونية.
سلاح العرب.. «البترول ملكاً»
جاء إدراك العرب للبترول كسلاح استراتيجى فى توقيته المناسب ليشكل جبهة إنقاذ خارجية تقطع الامدادات والدعم عن العدو الصهيونى من كل الاتجاهات.
فى البداية أبدت عدم اهتمامها به كسلاح مؤثر وأفاضت فى الحديث عن بدائل وأن العرب لم يتفقوا قط إلا على أن يختلفوا وهددوا بضرب البلاد العربية بعمل عسكرى مباشر للاستيلاء على منابع البترول وكان رد العرب فورى بأنهم على استعدادا للاستغناء عن دخل البترول وتدمير آباره والعودة إلى حياة البداوة إذا لزم الأمر بالفعل أحاطت كلا من الكويت والسعودية حقول بترولها بحزام من المتفجرات لنسفها من أول باردة للهجوم الغربى.. ليرى الغرب فى أى نهر صبت كلمة السلعة الحضارية والعالم المتحضر أن البترول كمصادفة جيولوجية وقع فى أيد أمة من البربر تحاول تخريب حضارة العالم.. فإذا كانت هناك دول لا تعتمد على البترول فى إدارة عجلة انتاجها كالولايات المتحدة بوصفها وسيط فإن هناك عوالم بأسرها تعيش عليه مثل أوروبا واليابان بنسبة 70٪ وتلك هى الدول التى تحتاجها أمريكا.. وعليه أعلنت اليابان انسحابها من الجبهة الأمريكية المضادة وانضمت إلى الطرف الأقوى تبعتها دول أوروبا تباعاً لينجح على حد وصف الأمريكان «الابتزاز البترولى العربى».. وبذلك تكون الحرب عادلة لتصدق مقولة السادات الشهيرة «رسالة حاولنا أن ننقلها إلى العالم كله، وهى أن العرب بعد السادس من أكتوبر يستحقون مكانهم تحت الشمس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.