أعلنت لجنة تعديل الدستور مؤخرا التعديلات التي أدخلتها علي عدد من مواد الدستور وأهمها تلك المتعلقة بشروط انتخاب رئيس الجمهورية وتحديد مدة ولايته، وبما أن التعديلات بمثابة مقترحات، يفتح بموجبها المجلس الأعلي للقوات المسلحة حوارا وطنيا وحزبيا وسياسيا حولها، قبل أن يقول كلمته النهائية فيها ثم تطرح لاستفتاء عام، فإننا هنا نستفتي عددا من المثقفين والكتّاب، أو بالأحري نأخذ رأيهم في تعديلات مازالت قابلة "للتعديل"، خاصة وأن هناك منهم من يؤكد علي أهمية تغيير الدستور بأكمله وآخرون يعترضون علي تعدد نواب الرئيس، فإلي آرائهم. في البداية يري الكاتب شريف الشوباشي: بالنسبة للدستور أعتقد أننا نميل لثقافة التطرف في المواقف، فيكون الدستور السابق مفتوحا تماما لرئيس الجمهورية ليظل مدي الحياة ثم فجأة تتقلص المدة إلي أربع سنوات، وهذا قد يكون جيدا في أمريكا وهي دولة ذات طابع خاص، إنما فرنسا كانت 7 سنوات حتي فترة قصيرة ثم أصبحت 5 سنوات، وأنا أعتقد أنها الفترة الأمثل، ثالثا الحد الأدني 40 عاما، هو معقول جدا وأنا موافق تماما ألا يكون هناك حد أقصي فرئيس الدولة ليس موظفا يخضع لسن المعاش، كما أنني أطالب ب "الإشراف الدولي" ،وللعلم جميع الانتخابات في الدول المتقدمة تتم تحت اشراف دولي حتي في أمريكا نفسها، بمعني أن يكون هناك مراقبون من منظمة الوحدة الأفريقية فلا أطالب بمراقبين من دول إنما من منظمات، كمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكفانا مزايدات بأنه تدخل خارجي وهو ليس كذلك إنما هو ضمان للشفافية إضافي، في بداية قدوم السادات ومبارك كان الدستور ينص علي مدتين فقط ولقد غير الدستور، فمن يضمن ألا يأتي رئيس يغير الدستور بشأن المدة ويهلل البعض له ويبقي رئيسا مدي للحياة، فهذه المادة تحديدا يجب ألا تكون قابلة للتعديل". في تشكك واضح ورفض معلن يوضحه الروائي أحمد زغلول الشيطي قائلا: "أضمرُ سوء ظن كبيرا بفكرة التعديلات الدستورية، وأري أنها التفاف علي مطلب جوهري من مطالب الثورة هو لجنة تأسيسية تقوم بإنشاء دستور جديد للبلاد يعبر عن عقد اجتماعي جديد مستلهم بالكامل من مطالب ثورة 25 يناير 2011 التي نادت بدولة مدنية، ديمقراطية يتم تداول السلطة فيها عبر الصندوق الانتخابي وبفصل واضح بين السلطات ويقرن ما بين الحرية والعدالة الاجتماعية، ويضمن حق حرية التعبير بشتي صوره دستور يؤسس لمجتمع جديد علي أسس مستمدة من الثورة. فتعديل الدستور صنو الترقيع والرتق والتوفيق أما الإنشاء فهو صنو الابتكار والإبداع والخلق، لذلك أعتبر أن التعديل مهما حسنت نواياه هو تحسين القديم حتي يستمر، وهو خصم من رصيد الجديد خصم من رصيد الثورة والتفاف عليها بثورة مضادة، تتقنع بقناع ضيق الوقت وحاجة الاقتصاد للنمو وضيق الناس بالارتباك الذي خلقته الثورة وهي دعاوي تبتكرها الثورة المضادة كل يوم لعل القوي التي توحشت في ظل النظام السابق تجد طريقا للعودة بأقنعة جديدة وينسون أنه لا مجال للتعلل بضيق الوقت، لأن الوقت هو ملك للثورة لا للنظام البائد ولا لذيوله، الثورة هي صاحبة الشرعية وبالتالي الضيق والاتساع يحسب علي ساعتها لا ساعة غيرها أن طبيعة الثورة تنطوي علي المحو والكشط والقطع والهدم مثلما تنطوي علي الخلق والإبداع والإنشاء والابتكار، وهي بحسب طبيعتها عليها أن تصيب كافة البني المادية والفكرية والروحية في عصرها، أرفض فكرة التعديلات الدستورية بحجج زائفة، حتي ينفض ضغط الثورة، الذين ينحازون للرتق والترقيع والتحسين يراهنون علي ارتخاء الثورة ووهنها بمرور الوقت ليدخلون الوحش ولو من ثقب إبرة. في رؤية تحليلية ووقوفا عند المادة المتعلقة بمدة الرئاسة يقول الباحث أحمد سعيد: طبعا التعديلات حول مدة الرئاسة وهي المادة(77) ليست كافية لإعادة هيكلة الدولة، فقصر المدة لا يتيح الوقت لإعداد دستور جديد مرة أخري، وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة من المحليات صعودا لمجلسي الشعب والشوري، وتشكيل جمعية وطنية منتخبة لصياغة دستور جديد أثناء المرحلة الانتقالية، فهي فترة رئاسة تأسيسية حيث الجمهورية الخامسة ابتداء من تشكيل الشكل السياسي للدولة إلي إعادة صياغة للمؤسسات والاقتصاد وهي أهم العناصر، وتقييد صلاحيات الرئيس بحيث يصبح رئيسا شرفيا في مرحلة تأسيسية خوفا من فكرة الاستبداد السياسي، فكسر الشكل القديم لمؤسسة الرئاسة لا يكون بهدم صلاحيات المؤسسة أو تقييد صلاحيات منصب الرئيس لأنها فترة تحتاج لاستراتيجية شاملة. وأكد سعيد: لابد أن يكون له صلاحيات تنفيذية، فهناك أشياء تقتضي الإحالة لمحكمة عسكرية كجرائم الإرهاب والجرائم التي تمس الأمن القومي، كذلك تحديد من لهم حق الترشيح أي شروط الترشح بثلاثين عضوا من مجلس الشعب وألف آخرون من المواطنين الذين لهم حق الانتخاب، فتقييد الترشيح بهؤلاء كان أفضل في الدستور السابق الذي كان يحددهم ب 250 عضوا من المحليات ومجلسي الشعب والشوري، فالمادة الجديدة (76) تعطي حق الترشيح لمرشح بتزكيته من ثلاثين عضوا بمجلس الشعب أو ثلاثين ألف مواطن من خمس عشرة محافظة، فهذا القيد يفتح الباب لترشح أي قوي قد تهدد الأمن القومي أو القوي السياسية الأخري، في حين أن المادة القديمة كانت تؤسس لفكر دور المؤسسات التشريعية وتعطيها دورا قويا لدولة المؤسسات المرجوة في الفترة القادمة، المادة (88) تعطي السلطة للإشراف القضائي الكامل ولكن من المهم أيضا إضافة الرقابة المجتمعية والتي تنتصر لمبدأ الشفافية والمتغيرات السياسية الجديدة، أيضا المادة (93) فيما يتعلق بصحة العضوية التي تجاوزت محكمة القضاء الإداري العليا أن الفصل في صحة العضو يكون من اختصاص المحكمة الدستورية العليا، كان يجب ألا يغفل المعدلون المتغيرات السياسية الجديدة المتضحة في المرحلة الانتقالية أنها مرحلة رئاسية تأسيسية. ويقول الكاتب شيرين الكردي: أولا: أري أن شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية معقولة لولا أن عازها شيئان مهمان .. الأول هو مؤهلات الترشح للمنصب والثاني أن المنصب سياسي بالدرجة الأولي مما يتطلب خلفية سياسية ممارسة .. كأن يكون حزبيا أو برلمانيا سابقا كما هي الدول المتقدمة .. بالتالي أري أن المناسب عمرو موسي أو البرادعي وليس زويل مثلا أو عمر سليمان، ثانيا: فترة الأربع سنوات معقولة جدا وتفرض علي الرئيس أن يكون خادما للشعب مع جواز تكرارها مرة واحدة .. لكن الأهم من ذلك هو تقليص سلطات الرئيس، الذي ينبغي أن تعطي للسلطات الثلاث، ثالثا: الاشراف القضائي الكامل علي الاستفتاء والانتخابات أري أن يضاف اليها الرقابة المحلية والدولية من قبل الهيئات الحقوقية المختلفة.. نحن لسنا اقل من امريكا وغيرها، رابعا: المحكمة الدستورية العليا تفصل في صحة عضوية البرلمان .. أراها كافية، خامسا: تعيين نائب للرئيس أو أكثر .. لا أفهم معني تعيين نائب ولماذا لاينتخب مع رئيسه .. ويذهب مع رئيسه .. الشيء الغريب ما معني أكثر من نائب؟ هل ليساعدوه؟ وعلام يساعدوه إذا كان متقلص السلطات والنظام البرلماني يخول لرئيس الحكومة من الأغلبية المنتخبة كل القوة اللازمة لإدارة البلاد؟..سادسا: حالة الطوارئ لايكفي إعلان مدتها ولكن يلزم تحديد أوجه تطبيقها وسلطة فرضها وإلغاؤها وأعتقد أنها لأغلبية البرلمان. في رأي مخالف تماما يري الدكتور صلاح قنصوة أستاذ الفلسفة بقسم الدراسات العليا بأكاديمية الفنون: لدي ملاحظة ..طالما أنها تعديلات مرتبطة بحالة مؤقتة فلا نقف أمامها كثيرا، لأن الهدف الأساسي عمل دستور جديد فلا يوجد الآن تحسين مضمون بعض المواد التي ستؤثر في عملية الانتخاب وتخص نهاية المرحلة الانتقالية فيكفينا منها الحد الأدني، لكنه ليس التعديل المنشود فكلمة تعديل نقولها رغما عنا لأن المطلوب هو دستور جديد، وهو ما يتطلب إجراءات معينة يجب أن تتم منها هذه التعديلات التي تمت فعليا. ما بين القبول والاعتراض يحلل الكاتب سامي كمال الدين رأيه قائلا: المادة 75 أنا معها قلبا وقالبا حيث اشترطت أن يكون الرئيس مصريا خالصا ومتزوجا من مصرية، وهذه المادة تتواجد للمرة الأولي في الدستور المصري، أما بخصوص المادة 76 إلي حد ما مقبولة الآن لكنها تضير بالأحزاب وذلك بسبب "وهم" التعددية الحزبية بسبب هشاشتها نتيجة سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي عليها طوال حكم الرئيس المخلوع. بالنسبة لخضوع الانتخابات للإشراف القضائي كلنا معها جميعا لأنها مطلبنا في الأساس، وقد سعدت كثيرا بتعديل المادة 77 التي حددت مدة الرئاسة لأربع سنوات فقط، كذلك المادة 93 التي تخص الفصل في النزاعات في الانتخابات وإبعاد مجلس الشعب عنها وجعله سلطة تنفيذية فقط، أيضا المادة 148 التي قيدت سلطة الرئيس باستغلال قانون الطوارئ، مع أن مطلبنا في الأساس هو رفع قانون الطوارئ تماما، المواد التي عدلت جميعا فيها بعض من الراحة لأنها رفعت يد رئيس الجمهورية من أن ينفرد بسلطته ويتحول إلي طاغية، وأتمني أن يتخلي الرئيس حين وصوله إلي الحكم عن صفته الحزبية.