حذرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية من أن نظام القذافي يراهن علي نجاح سياسة التعتيم الإعلامي وتراجع الاهتمام العالمي بتحرك الثوار الليبيين مقارنة بالتغطية الإعلامية الواسعة وأخبار المحتجين في مصر وتونسوإيران، في إجهاض أي تحرك يستهدف إسقاط نظامه. وأشارت المجلة في تقرير لها إلي أنه في الوقت الذي خرج الثوار الليبيون للاحتجاج ضد نظام القذافي، كان الليبيون بالخارج يحتجون علي التغطية الإعلامية للأحداث. ولفتت إلي أن مجموعة من النشطاء والمراقبين الليبيين وجهوا انتقادات حادة للعديد من وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لتواضع التغطية للاحتجاجات وافتقار بعضها للدقة. وقالت «فورين بوليسي»: إن الليبيين يدركون بقدر من الألم أن بلدهم لا يجذب تقريباً نفس القدر من الاهتمام مقارنة بمصر أو إيران إلا عندما يتعلق الأمر بالتصرفات الشاذة والغريبة لحاكمهم السلطوي المثير للاهتمام. وأضافت المجلة: إن تراجع الاهتمام بليبيا يأتي علي الرغم من حقيقة سيطرة نظام القذافي علي السلطة لفترة أطول تقريباً من أي نظام آخر في العالم أثبت خلالها أنه من بين أكثر الأنظمة الحاكمة وحشية وأقلها كفاءة. وأشارت إلي أنه بتعرض المحتجين الليبيين للتجاهل، فقد يتمكن القذافي الذي لا يهتم كثيراً بصورته أمام العالم من غلق الباب أمام المراقبين الأجانب وسحق أي انتفاضة. وأضافت المجلة أن هناك مؤشرات بالفعل علي نجاح هذا المسعي من جانب النظام الليبي، كما أن عدد الضحايا يتحرك ببطء، إضافة لكون الاهتمام الدولي لا يزال حتي الآن في أدني درجاته. وأشارت المجلة إلي أن هناك مشكلة أخري تتمثل في افتقار المحتجين الليبيين إلي تنظيم، موضحة أنه حتي من تابعوا الأحداث في ليبيا عن قرب ويتمتعون باتصالات وثيقة مع الناس بالداخل يجدون صعوبة في تحديد حجم التنظيم لدي المحتجين أو عدد الذين شاركوا في الاحتجاجات يوم الثلاثاء. وأوضحت فورين بوليسي أن المشهد مثير للتشاؤم بالنسبة إلي الكثيرين.. فليبيا بلد مترامي الاطراف مع عدد قليل من السكان يصل إلي 6.4 مليون نسمة موزعين في أنحاء البلد بينما المسافة بين المدينتين الاكبر سكانا وهما بنغازي وطرابلس تبلغ نحو ألف ميل. وأضافت أنه علي خلاف تونس ومصر لا توجد جماعة معارضة واحدة أو حزب سياسي لديه القدرة علي تعبئة الجماهير للخروج والتظاهر، كما أن نسبة مستخدمي الانترنت أقل كثيرا في ليبيا. ونبهت فورين بوليسي إلي أن مشاعر الغضب والاحباط تجاه النظام الليبي تتركز بشكل كبير في المناطق الغربية التي عانت طويلا من التجاهل، ما يثير مخاوف من أن الاحتجاجات لن تمتد إلي شرق البلاد وتحديدا إلي المركز الاكبر للبلد ممثلا في مدينة طرابلس وان كان السخط علي النظام شديداً هناك أيضا. ورجحت المجلة أن يواصل النظام الليبي خلال الايام المقبلة توظيف أساليب معنية بالسيطرة علي نقل المعلومات خارج البلد وحجب الحقائق علي الارض قدر المستطاع.. وحثت المجتمع الدولي وادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإدانة استخدام السلطات الليبية العنف ضد المتظاهرين السلميين واحترام حقهم في التعبير عن مظالمهم مثلما تصرفت مع المحتجين في مصر وإيران. وحذرت من أن القذافي سيسعي خلال الأيام القادمة إلي استغلال الخواء الاعلامي لاخماد الانتفاضة وأنه سينجح في هذا المسعي بكل تأكيد إذا لم تعط وسائل الإعلام والمجتمع الدوليان مزيدا من الاهتمام للانتفاضة الليبية.