خطورة حقيقية علي الأمن القومي حتي لايحتل الأعداء أرض مصر مع كامل الاحترام للحالة الثورية التي تلف ميدان التحرير، ومناطق أخري في مصر، ومظاهرات الاحتجاج المتكررة، التي دخلت الأسبوع الثالث، فإن علينا جميعًا أن ننتبه إلي أن هناك مخاطر عظيمة تلم بالبلد.. وتهدده.. بحيث لن يكون هناك بلد.. يمكن أن يتحقق فيه التغيير الذي يسعي إليه الجميع أو إصلاح تريده مختلف الفئات. أمننا القومي يواجه تحديات تاريخية.. ونحن نثق في أن مؤسسات حماية الأمن القومي لن تتفرج كثيرًا.. حين تدرك أن البلد أصبح مهددًا.. وسيادته أصبحت علي مرمي حجر من انتهاكات تلوح في الأفق.. وإذا كانت هذه المؤسسات تدير الحالة الحالية راغبة في أن تصل بها إلي بر الأمان.. رغم كل المشكلات.. وكل التحديات.. وفي إطار من الشرعية.. فإن علينا الانتباه إلي أن هذا كله يجب أن يتم في سياق له ضفاف.. وليس في اتجاه نحو الفوضي الكاملة.. وحين تري مؤسسات حماية الأمن القومي أن البلد أصبح مهددًا لا أعتقد أنها سوف تقف تتفرج. نائب الرئيس عمر سليمان، في لقائه مع رؤساء التحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف يوم الثلاثاء، قال بوضوح إن أمام إدارة الأزمة اختيارين.. الأول: هو حماية الشرعية وبلوغ الاستقرار.. أو أن يحدث انقلاب.. وحين سئل عن تعريف الانقلاب فإنه قال: إنه اللجوء إلي حلول منفعلة وغير عقلانية تقود البلد إلي المجهول. ما تحقق حتي الآن هو مكسب كبير، علينا أن نستوعب قيمته ونستفيد منه، وقبل ذلك أن ندير عملية جني الأرباح المجتمعية منه.. لا يمكن أن نمضي مع الموجات المتوالية نحو الفوضي إلي هذا المجهول الذي يحذر منه الجميع.. خصوصًا إذا تعدي الأمر حدود مجريات ميدان التحرير أو أي ميدان آخر.. وفي هذا السياق أعتقد أن الجميع لابد أن ينتبه إلي الاحتمالات التالية التي تهدد الأمن القومي للبلد.. وهي سيناريوهات حقيقية وقائمة ولابد من التفكير فيها: سيناريو أن تتجه إسرائيل إلي اقتطاع شريط حدودي من أرض سيناء كي تقول إنها عبر هذا سوف تحمي أمنها من المخاطر الآتية من مصر. سيناريو أن تقتطع إسرائيل منطقة من شمال سيناء كي تضمها إلي قطاع غزة.. ويكون هذا السيناريو - المعروف من قبل والمطروح مرات مختلفة - هو سبيلها لحل مشكلة فلسطين علي حساب أرضنا. سيناريو أن تتحالف القوي الدولية وتنزل قوات إلي مناطق القناة.. متحججة بأنها تريد حماية حرية الملاحة في قناة السويس.. وأنها لا يمكن أن تترك هذا لأخطار الاحتمالات في مصر. إذا ما وقع أي من هذه السيناريوهات فإن هذا البلد الحر.. الذي حمي أرضه وسيادته محمد حسني مبارك.. وحافظ علي استقلاله ورفض أن تقام فيه أي قواعد عسكرية أجنبية.. وقتها لن يكون حرًا.. وإنما وطن محتل.. وهي مصيبة كبيرة.. سوف نحيلها لأجيال أخري كي تحلها.. إن تمكنت من حلها.. ولن يرحمنا التاريخ ونحن نهدر بلدنا وأمنه ووحدة أراضيه بهذه الطريقة بينما نحن نسعي إلي الإصلاح. في هذه الحالات لا أعتقد أن مؤسسات الأمن القومي وحماية استقلال البلد سوف تسكت.. وبالتأكيد سوف تأخذ خطوات من أجل أن تحافظ علي هذا الوطن.. وسوف تقوم بإجراءات من أجل أن تبقي هذا البلد حرًا غير محتل.. وقتها لن يلومها أحد.. ولكن وقتها أيضًا لن تكون هناك فرصة موجودة للحرية.. ولا التغيير.. ولا الإصلاح.. وسوف يكون علي الجميع الرضوخ للأمر.. بدلاً من أن يكون شريكًا في صنع مستقبل بلده. حين يتهدد الأمن القومي وتكون الفوضي هي التي سوف تدفع البلد إلي أن يكون محتلاً، فإن الخيارات ستكون واضحة.. خصوصًا إذا كانت لدي مؤسسات حماية الأمن القومي معلومات كاملة وتصورات دقيقة عن طبيعة ما يجري.. وإذا كانت لديها القدرة علي تمييز ما هو حالة ثورية راغبة في التغيير في ميدان التحرير.. وما هو انتهاز وقفز فوق الشرعية. لقد حمي الجيش الحق في حرية التعبير، وأضفي علي التظاهر سياجًا من الطمأنينة، لأن هذا تحقيق للشرعية الدستورية التي تنص علي حق المواطنين في حرية التعبير.. كما حمي الجيش الشرعية ولم يسمح بتلك التطاولات الخارجية علي الرئيس وشرعيته.. ورفضت كل مقومات الحكم عروضًا متعددة لقلب الحكم.. وهذا معروف ويتكلم فيه الجميع.. ومن المؤكد أن الشارع ينتبه إلي أن من واجبات القوات المسلحة وبقية مؤسسات حماية الأمن القومي حماية البلد.. والبلد لابد أن تحمي أرضه وسيادته وشرعيته.. وحين تدفع الحالة الثورية إلي ما لا تحمد عقباه.. وحين تكون الخيارات صعبة..فإن مؤسسات حفظ الأمن القومي سوف تفعل ما في وسعها للحفاظ علي السيادة.. تلك هي مهمتها الأولي.. وبدون أن تهدر الشرعية.. وفي وجود الرئيس أيضًا.. وفي هذه الحالة بالتأكيد لن تكون هناك فرصة لنمو الديمقراطية.. بل لا أعتقد أنه سوف يكون هناك مناخ من أجل هذه الديمقراطية. إن علي الحالة الثورية، أيا ما كان توصيفها، انتفاضة أو حركة أو ثورة، أن تنتبه إلي تفاعلاتها وأن تنتبه إلي أن ثمن التحول لا ينبغي إبدًا أن يكون التضحية بالبلد.. ويكفي ما وقع من فوضي.. ولابد من إعمال صوت العقل.. ولابد من الاستسلام إلي العواطف الوطنية الأصيلة.. ففي نهاية الأمر لدي القوات المسلحة مهمة أهم وأكبر وهي حماية أرض البلد.. وتلك هي مهمتها الأولي.. ولابد أن تتفرغ لها.. ولا أعتقد أنها وبقية مؤسسات حماية الأمن القومي يمكن أن تقبل إبعادها وإشغالها عن مهمتها الأصيلة. فيا أبناء مصر.. كلكم.. من أي اتجاه.. انتبهوا إلي الخطر.. وإذا كنتم تريدون الديمقراطية لاتستدعوا الديكتاتورية.. وإذا كنتم تريدون النزاهة في الانتخابات حافظوا علي بلد يمكن أن تجري فيه الانتخابات.. وإذا كنتم تريدون حربًا علي الفساد، فليس عليكم أن تهدروا مقومات البلد أو تتيحوا لأحد أن يؤدي إلي مزيد من الخسائر في اقتصاده.. بلدنا ينهار.. ونحن لسنا العراق.. ونحن لسنا تونس.. ولا يمكن لأي وطني أن يقبل استمرار هذا.. حكموا العقل واستجيبوا إلي انتمائكم الوطني. www.abkamal.net [email protected]