كان مشهدًا مثيرًا ولافتًا للنظر أن تجد وسط حشود المتظاهرين في ميدان التحرير يوم الأربعاء الماضي مجموعة من الأشخاص يركبون الخيل والجمال ويشتبكون مع المتظاهرين، وعلي الفور طيرت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المحلية والعالمية صور ذلك المشهد وقالت إنهم قادمون من منطقة نزلة السمان المجاورة للأهرامات التي تشتهر بالخيل والجمال التي يفضلها السائحون، ووصفت بعض القنوات الفضائية هؤلاء الأشخاص بالبلطجية والخارجين علي القانون. «روزاليوسف» ذهبت إلي نزلة السمان لتستطلع رأي الناس هناك ولماذا فعلوا ذلك وحقيقة أن أحد أعضاء مجلس الشعب هناك هو من دفعهم لذلك، بعضهم وافق علي الحديث دون اسم أو تصوير والآخر رحب بذلك، لكنهم اتفقوا جميعًا علي أن مظاهرات التحرير عرضتهم لخسارة كبيرة وتسببت في قطع أرزاقهم حسب قولهم لأنها أدت إلي هروب السائحين من مصر الذين كانوا مصدر الدخل الأساسي لهم. أحد الذين شاركوا فيما حدث رفض أن يذكر اسمه وقال إن أحد الأشخاص جاءنا وأخبرنا أنه من طرف «عبدالناصر الجابري» عضو مجلس الشعب وسيأخذ كل منا 100 جنيه علي أن نذهب إلي ميدان التحرير وندخل إلي منطقة تجمع المتظاهرين ونحدث هرجًا ومرجًا بينهم من خلال الاشتباك معهم مع وعد بأننا لن نصاب بأذي ولعب علي وتر أننا تضررنا كثيرًا من تلك المظاهرات التي ضربت السياحة ولم يعد هناك سائحون يأتون للهرم كي يركبوا الخيل والجمال. وآخر قال إننا ذهبنا إلي التحرير مدفوعين برغبة قوية في أن ينتهي هذا الوضع الذي «أوقف حالنا» وأضاع رزقنا الذي كنا نحصل عليه من السائحين «قلنا نروح ونخلي الناس اللي هناك تمشي علشان الحياة تمشي، احنا مش بلطجية ولا مأجورين زي ما قالت علينا» قناة الجزيرة احنا كنا بندافع عن لقمة عيشنا. أحد سكان المنطقة يدعي الحاج محمد قال إن تراجع حركة السياحة في الهرم بسبب المظاهرات أدي إلي وقف حالهم وهم أصحاب أسر ولديهم متطلبات حياتية ومصاريف وركوب السائحين للخيل والجمال مصدر رزقهم الوحيد، وقد تولدت لديهم رغبة قوية في إنهاء ذلك الوضع حتي ولو بأيديهم وقرروا الذهاب إلي التحرير للقيام بذلك وسواء كان اتفق أحد منهم علي ذلك بمقابل مادي أم لا كانوا سيذهبون بعدما أصبحوا يجلسون علي المقهي أكثر مما يعملون. «مافيش سياح ولا فيه شغل خالص وادينا قاعدين» هكذا تحدث خالد الذي لم ينكر أن الجمال والخيل التي كانت في ميدان التحرير من نزلة السمان بالفعل، لكنه رفض أن يكونوا مأجورين لفعل ذلك وقال: «الناس دي راحت علشان أكل عيشهم لأن الحالة واقفة، وكانوا رايحين عشان يفضوا الناس اللي في التحرير ويقولوا لهم كفاية وحرام عليكو». وأضاف: الناس دي ماحدش بعتهم وليسوا بلطجية ولا متسلطين وكل دي إشاعات طلعتها القنوات عليهم خصوصا الجزيرة وده غلط مش صحيح. «سيد» شاهد ما حدث في الميدان من خلال التليفزيون وقال: الدنيا واقفة والسياحة واقفة ومافيش شغل والناس دول كانوا رايحين يحاربوا علي أكل عيشهم لأن ما فيش دخل ووراهم مسئوليات وبهايم عاوزة تأكل شوال العليق للجمل أو الحصان سعره 360 جنيهًا، ده غير بيتك ومصاريفك، هم قالوا لي تعالي معانا وأنا رفضت وقلت لهم أنا طالع علي أكل عيشي. جمال فكري الجابري صاحب خيل في نزلة السمان وأحد الذين شاركوا في واقعة ميدان التحرير وقريب «عبدالناصر الجابري»، أشار إلي أن النزلة بها حوالي 7 آلاف شخص يمتهنون الخيل والجمال وتأجيرها للسائحين، كل هؤلاء تضرروا بشدة من المظاهرات التي شهدتها مصر وتجمعت في ميدان التحرير، فلم يعد هناك سائحون يأتون للمكان. وحول ما تردد عن أن عبدالناصر الجابري عضو مجلس الشعب هو من أرسل الخيالة والجمالة إلي التحرير قال: ده كلام مش صحيح، وممكن يكون اللي قال كده ناس من اللي كانوا نازلين قدامه في الانتخابات ومانجحوش عاوزين يجيبوا له بلوة، وبعدين ده صاحب مرض وعنده الكبد، يبقي هايبعت الناس دي ليه؟ وأضاف: مش صحيح إن في حد اتهجم علي بيته لأن العمارة بتاعته قدام القهوة اللي بنتجمع عليها في المكان، ولو كان حصل حاجة كنا عرفنا علي طول. من جانبه نفي «عبدالناصر الجابري» عضو مجلس الشعب عن دائرة الهرم تعرض مقر سكنه لأي هجوم من أحد مشيرًا إلي أنه لا يمتلك فيللا كما أشيع ويسكن في شقة بإحدي العمارات وقال: لو عاوزين تعالوا صوروها. وأوضح أن أصحاب الخيول والجمال الذين ذهبوا إلي ميدان التحرير يعيشون يومًا بيوم وذهبوا في مظاهرة سلمية للتعبير عن آرائهم وأنهم مؤيدون للاستقرار خاصة أن أعمالهم التي يسترزقون منها توقفت بسبب المظاهرات، لافتًا إلي أن عددًا كبيرًا منهم من خارج الهرم ولم يقم أي أحد بتحريضهم علي الذهاب إلي ميدان التحرير، ونفي أي علاقة له بذلك.