اتساع العقل لاستيعاب النفي الرباعي دون عراك.1 أباجورات مخزن المطعم العشر البديلة لها وجود.2 أباجورات مخزن المطعم العشر البديلة ليس لها وجود.3 أباجورات مخزن المطعم العشر البديلة لها وجود وليس لها وجود. 4 أباجورات مخزن المطعم العشر البديلة لا هي لها وجود ولا هي ليس لها وجود. فضَّلتُ علي العموم ضلع النفي الرابع، بينما فضَّلتْ نوال الضلع الأول وهي تقول: أنت تعرف كذب كامل العجوز، ورغبته الدائمة في إضافة هالة من الغموض حول بضاعته، حتي يتمكن من بيعها بالسعر الذي يريد. أنا واثقة من أنه لم يقل لك إن مزاد المطعم يعقد سنوياً من أجل تغيير بعض الأثاث والديكورات.. لماذا؟ لأنه أراد أن يوحي إليك بأن المزاد يتضمن بشكل ما إغلاق المطعم، أو بيعه، حتي لا يساورك الفضول في الذهاب إلي المطعم. إنه ذكي لا يتورط أبداً في كذب مكشوف. إنه يحوِّر فقط بعض الحقائق من داخلها بحيث تظهر الصورة النهائية لكلامه مُغايرة تماماً للحقيقة. هو علي سبيل المثال ذكر لك أن مخزن المطعم يمر عبر المطبخ. ولم يذكر لك أن هناك باباً آخر للمخزن من الشارع الخلفي. هذا الباب الآخر غير المطل علي البحر، وهو نقيض باب المطعم الرئيسي الرقيق المصنوع من زجاج وخشب مُعشَّق، ويطل مباشرة علي هزيم الأمواج التي تلحس برذاذها المتطاير عبر أسفلت الكورنيش، في أوقات نادرة من الشتاء، زجاج الباب الرئيسي، يجري علي عجل حديدي. باب ضخم كئيب من خشب الجميز القاسي المُدعَّم طولياً وعرضياً بشرائح حديدية صدئة تنفذ منها مسامير ذات رؤوس مدببة، والباب يرشح في مواضع كثيرة بالشحم الأسود، ليسهل انزلاقه. أما المخزن نفسه، فهو مثل مخزن بضائع كبير، شاهق الارتفاع، سقفه علي شكل هرمي، مُقسم زجاجه إلي مستطيلات، والزجاج أزرق مُجعَّد، ينعِّم ضوء السماء. في المخزن مئات من الأباجورات والمناضد والكراسي والأدوات الصحية والثريات الكهربية والشمعدانات. إنه يشبه محل كامل العجوز، أو يشبه تانك بنزين أكبر مئة مرة من السيارة التي تحتوي تانك البنزين. ثم قالت بلهجة آسفة وهي تعيد خصلة الشعر إلي مكانها تحت القبعة الشتوية: إن حجم المطعم الصغير أمر مُحزن بالقياس إلي حجم المخزن الكبير. قالت لي أيضاً بلهجة خنوع ومذَّلة: هل تريد أن تراه؟ وكأنها تستعطف الأب الرامي بذرة المتعة في أحشاء الأم، علي الابن الذي نشأ مثل اليتيم، بينما يلهو أبوه بعيداً عنه. قلتُ: المخزن؟ قالت: لا لا.. المطعم. إن المخزن يقتصر فقط علي العاملين في المطعم، أما الزبائن فهم يترددون علي المطعم للأكل والشرب والحديث. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الظهر عندما دعتني للغداء في المطعم غير البعيد عن جلستنا. مشينا متجاورين علي الكورنيش، البحر علي شمالنا ماء واسع كثير، زرقته غير محدودة، تميل إلي لون الرصاص، والسماء محتجبة بغطاء سحب كثيف. نظرتُ إلي بروفيل رفيقتي مُتتبعاً خط الأنف المنتهي بانتفاخ طاقته المُحدَّدة من الخارج بقوس رشيق إلي الداخل، يغور مع التفاف الطاقة، ويتلاشي تحتها مُتناغماً مع تحديد خط آخر، ينتهي عند زاوية الشفتين، وهنا ينغرس الخط المُحدِّد في نقطة، ثم يستسلم إلي دائرة الذقن.