تحت عنوان «الراوي» يستضيف «أتيليه القاهرة» معرضا للفنانة التشكيلية الدكتورة سماء يحيى، يشاركها فيه الشاعر والروائى الدكتور صلاح الراوى بأشعاره ونصوص من كتاباته. المعرض يمثل لقاء أدبيا تشكيليا، حيث اختارت الفنانة بعض نصوص للراوى والتى تقترب من تعبيريتها وشخصياتها التشكيلية والروحية، الذى ربط بينها هو طلاقة التعبير وزحم التجربة الإنسانية.
جسدت الفنانة «المرأة»، التى شكلت محور أعمال المعرض نصا وتشكيلا، بأدواتها التشكيلية وأسلوبها التعبيرى فى مجموعة لوحات تصويرية، كما استخدمت مجموعة من عناصر الطبيعة التى شكلت مضمون كل لوحة، ومنها عنصر النخيل، وموج البحر والأشجار، والجبال، والنبات، والقمر، والطيور، والقطط وغيرها، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العناصر تحمل الطابع الشعبى، ولها دلالات ومعان تتشابه إلى حد كبير مع نصوص الراوى.
استخدمت الفنانة فى أعمالها الألوان الزيتية الدرامية، والدرجات اللونية التى تكمن ما بين الأزرق الروحانى والأصفر الطلق الحر، بدون مزجه، فى دلالة على الحيوية والتفاؤل، بتقنية تتناسب مع شخصيات ومضمون اللوحات، فجاءت المرأة فى لوحاتها بملامح مصرية، ذات نظرة حالمة وعيون متسعة فرعونية، تبدو باكية رغم ابتسامتها، واللوحة هنا تتلاقى مع قول الراوى: لت أبكيك إلا لأنك تبكى .. ولا أغادرك إلا لأغادر نفسى.
طريقة العرض أضَفت على المعرض قيمة الحوار مع المتلقى، فبداخل القاعة نجد كتابات ونصوصاً بخط الشاعر صلاح الراوى، معلقة من أعلى قاعة العرض وكأنها أوراق للنخيل الذى حدثنا عنه فى أشعاره، وعلى الحوائط لوحات تشكيلية تحتضن النصوص المعلقة وتحاورها، وفى منتصف القاعة باب خشب قديم، استخدمت الفنانة فيه أسلوب «تجهيز فى الفراغ»، الباب كأنه نزع من جذوره وجاء يحكى قصته، الباب يحمل رصيداً وتراكمات زمنية وكتابات وذكريات، وأسفل الباب تتناثر مجموعة من الكتب والروايات والأشعار، إنه باب الراوى كما أطلق عليه فى المعرض.
وتقول الفنانة أسماء يحيى عن فكرة المعرض: قام المعرض على مقاربة بين رؤيتين وتجربتين لا بين عالمين، رؤية امرأة محملة بتجربة أحد عشر عاما من البحث فى الأساطير والرؤى والمفاهيم، ودلالات الأنوثة والخصوبة والنماء والأرض والسماء وعوالم السحر، امراة محملة بأحلامها وهواجسها ومعاركها وانتصاراتها وهزائمها ومخاوفها.
أما الدكتور صلاح الراوى فقال عن «الباب»: إنه باب ليس ككل الأبواب، مغلق على كل أسرار الوجود، ومفتوح عليها كما هو مفتوح على أسرار حكاياته مغلق عليها، هو الباب الذى يفصل خط النهر المقدس عن أفق السماء المفترحة، ويفصل صلصال الأجساد عن أثير الأرواح، باب نبحث له عن مفاتيح الحقيقة، وينتظر نور الحقيقة.
وعن رأيه فى تجربة الفن التشكيلى المصاحب للكتابات الأدبية يقول الراوي: هذه التجربة مغامرة إنسانية وإبداعية محفوفة بأمرين متقابلين، أولهما: الجرأة، وثانيهما: المخاطرة، تجربتين تسعى كل منهما إلى استقلالها بعيدا عن القراءة المباشرة، التى تعيد إنتاج التجربة الفنية المقابلة، تكريسا أو تفسيرا أو تناصا لها، أو «تصويراً على قول» أو إجمالاً «فن على فن».
أما الفنان التشكيلى والكاتب مجاهد العزب، الذى شارك أيضا بكتابة مقدمة المعرض تحت عنوان: «انظر ترى» فذكر فى كلمته: العمل الفنى أو يدفع المتلقى إلى رؤية المتراكم لديه وإدراك الواقع، أو استشراف المستقبل، أما إدراك العمق وتداعيات النص أو مستويات الرؤية البصرية، فكلها تأتى فى مهام التلقى الأساسية، وفقًا لمدركات وتراكمات معرفية قادرة على التفاعل مع العمل الفنى حين تلقيه، أو استنباط المخزون العميق من دلالات لون وخط ومساحات وأشكال.