روزاليوسف اليومية : 23 - 08 - 2009 في العالم كله تتلون الصحافة بمختلف ألوان الطيف السياسي والمالي وحتي الديني، لكنها في تلونها لا تبدو واضحة إلا في حالة الصحافة الصفراء أو "التابلويد" المتخصصة في الفضائح، لكن خارج مصر عموما لم أر من قبل اللون الأسود في الصحافة الذي أصبح منتشرا في صحافتنا بشكل مخجل. أضرب مثلا بالعدد الأخير من صحيفة "صوت الأمة" الذي يحفل بالعديد من الأخبار السوداء، لكنني أتوقف عند تقرير في الصفحة العاشرة بعنوان " الشحات: رفضت بيع أرض المشروع النووي بالضبعة لصهر الرئيس مبارك فأطاحوا بي" وهو كلام منسوب للمحافظ السابق وعلي لسانه ولا يحتمل اللف أو الدوران. في متن الخبر الكلام علي لسان المحافظ يناقض ويخالف ما جاء في العنوان تعالوا نقرأ ماذا قال المحافظ بالنص في نفس الخبر، يقول الفريق الشحات: إنه رفض عدة طلبات مقدمة من رجال أعمال للحصول علي جزء من أراضي الضبعة أثناء توليه المحافظة، وكان يعتبر الموقع مقدسا لا يجب المساس به. وكشف الشحات عن طلب تقدم به إبراهيم كامل عضو امانة السياسات للحصول علي مساحة كبيرة من أرض الضبعة ورفضه..ولم يقدم محمود الجمال صهر الرئيس مبارك والكلام لا يزال علي لسان الفريق الشحات لم يقدم طلبات للحصول علي أرض الموقع. ويضيف الفريق الشحات أنه يطالب باختيار موقع بديل لأن موقع الضبعة يساوي 40 مليار جنيه تكفي نصفها لاختيار موقع بديل وتنفيذ أربع محطات نووية بديلة". انتهي كلام المحافظ السابق الذي يختلف 180 درجة عما نسبته له نفس الصحيفة في عنوان الخبر.. هذه هي الصحافة السوداء.. أي التي تحرف الكلام وتتدخل في صياغة الأخبار والتقارير وكلام الناس وتغيره لأهداف سياسية أو حتي محاولة إحداث ضجة لزيادة المبيعات. وصحيح ان صوت الأمة منذ سنوات تحولت إلي صحيفة سوداء، لكنها ليست الوحيدة التي تتعامل بهذا اللون الصحفي، بل أكاد أقول بملء الفم إن معظم صحافتنا الخاصة وبعض القومية قد تحولت إلي صحافة سوداء لا هم لها إلا تشويه الحقيقة ومحاولة التأثير في الناس لصالح تيارات سياسية معينة ففقدت بذلك مهنة الصحافة الكثير من مصداقيتها.. ولم تعد صاحبة جلالة.. وإنما صاحبة خطايا.
