** هل هذا وقت الخلافات والانشقاقات والضرب تحت الحزام؟ منتخب قضى كثيرا من الوقت، وأنفق من المال الكثير والكثير، من أجل أن يستعد للمشاركة فى واحد من أبرز الأحداث الرياضية فى العالم، وأعنى الدورة الأوليمبية فى لندن 2012، أما المنتخب المقصود بالطبع، فهو منتخب مصر الأوليمبى، الذى صار.. بعد كل هذا الوقت موضعا للقيل والقال، ومسرحا للمشكلات، وساحة للصخب والضجيج، ووصل الأمر إلى حد أن تخرج تسريبات، تتكلم عن القيام بعملية تغيير فى قيادة المنتخب الفنية.. هل هذا معقول؟ وهل هذا وقته؟ ما هذا الذى يجرى فى مبنى الجبلاية؟ هل هؤلاء البشر يدركون جيدا معنى أن هناك مسئولية ووطنا وواجبات.. أم أنهم يضعون الأولوية دوما لصراعاتهم ومؤامراتهم؟ هل هؤلاء الناس يحبون مصر بالفعل ويدركون ما يتعين عليهم القيام به لكى يكونوا فى خدمتها فعلا.. أم أنهم يمارسون الوطنية على طريقة كثير من المصريين.. ببيع الكلام فقط؟ ما جرى فى قصة المنتخب الأوليمبى كارثة بكل المقاييس.. ولا أدرى كيف أمكن السكوت عليها بهذه الصورة؟ هل هانت مصر عليهم بهذا الشكل؟ هل أصبح الإعلام مغيبا إلى هذا الحد؟ أم أنه صار ينتقى القضايا التى يتفاعل معها.. وليس مهمًا أن تكون لمصلحة مصر أم لا؟ يقولون لك دوما إنهم يحبون البلد.. ويعشقون ترابها، ويتيهون غزلا فيها، ثم تكون هذه هى النتيجة؟ إيه القرف ده.. اكرهوا البلد يا أخى وامقتوه، بس اعملوا الصح.. ملعون أبو الحب لو كان بهذه الطريقة!! -*- ** تبقى الكرة العالمية سببا فى انبهار الناس فى دول العالم الثالث من أمثالنا، وكأس الأمم الأوروبية هى واحدة من أسباب هذا الانبهار، وقد كنت دوما أقول إن كرة القدم، أو الرياضة عموما ليست نشاطا قائما بذاته، وهى لا تتقدم، ولا تعكس صورتها وحدها، لكنها مثل المرآة التى تكشف كل ما يجرى أمامها، وقد تابعت مباريات البطولة، ليس فقط من جانبها الكروى، ولكن أيضا من الجانب الإنسانى، والتنظيمى، والحضارى، وحين تتأمل التفاصيل، التى تجرى أمامك فى كل لحظة، يسهل عليك أن تكتشف إلى أين وصل هؤلاء البشر؟ وإلى أى مدى بلغ تحضر الشعوب؟ وكيف هم يسعون على الدوام ليكونوا أفضل؟ فى حين أن هناك من البشر من يتفنن فى كيفية ممارسة السلوك البدائى.. الهمجى قدر ما يستطيعون، أو لنقل أن نفرًا غير قليل من الناس فى مصر، بلغوا حدا من تدهور السلوك للدرجة التى جعلت ما يجرى عندنا.. وبيننا، أمرًا لا علاقة له بالزمن الذى نعيشه، وربما أن العصور الوسطى، أو العصور البدائية هى التى تناسب مثل هذا الذى يجرى عندنا، فلا علاقة لنا بالتحضر.. والتقدم.. والانطلاق نحو الأفضل. مشكلة حقا أن يكون الفارق بيننا وبين أوروبا، وصل إلى هذا الحد، مع ملاحظة أن البطولة تقام فى دول، كنا نطلق عليها من قبل.. دول الكتلة الشرقية، ولكم أن تدققوا إلى أين وصلت؟ وإلى أين وصلنا؟ أما المشكلة الأكبر بالفعل أن هناك من لا يشعر بأى حرف مما كتبت، أو لا يجد فيما كتبت أى صدى عنده، وهى المصيبة بكل معنى الكلمة! -*- ** تأتى إلينا الفرق لتقيم معسكرات إعداد، وأداء مباريات ودية، وربما كان اللافت للنظر لنا على وجه الخصوص، أن تنقل لنا وسائل الإعلام، أن منتخبى الكويت، والبحرين، أقاما معسكرى إعداد فى مصر فى الفترة الماضية، ثم تكون المفاجأة أن فرق مصر، تسعى إلى السفر إلى الخارج، لتقيم معسكرات إعداد أوروبية، فى نفس الوقت الذى تشعر فيه بالإصرار على أن تقيم الفرق المصرية معسكرات خارجية فى دول أوروبا، وكأنها باتت نوعا من التقاليد المعتادة، أيا كان المردود الفنى منها، لا يهم.. المهم أن يسافر الناس، ويستمتعوا بالأجواء الأوروبية، والمشتريات، والإقامة الفخيمة.. ليس مهمًا لو كنت تعانى أزمة مالية.. المهم أن يقام المعسكر فى أوروبا.. فى حين أن الناس يأتون الينا ويقيمون معسكراتهم عندنا، رغم أنهم قادرون على أن يذهبوا إلى أى مكان فى العالم.. شىء محير فعلا، وشىء غريب بحق، فنحن لا نفعل إلا ما يمكن أن يقال عنه إنه استهزاء بوطننا.. فنسافر بينما الغير يأتون إلينا، ويبقى لسان حالنا يقول لهم.. إيه اللى جايب العالم دى للبلد دى؟!! كم بمصر من المضحكات المبكيات..؟! -*- ** الصين تسعى إلى غزو كرة القدم، تماما مثلما فعلت عندما أنتجت كل شىء فى الدنيا، وصارت منتجاتها موجودة فى كل بقاع الأرض، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، القوة العظمى الأوحد فى العالم، لأن فيها شعبا يريد أن يحقق التقدم، ويجعل وطنه أفضل.. وأكثر تقدما، وهو عندما يريد أن يحقق ذلك فلا يفعله بالغناء.. ولا بالفهلوة.. ولا بالكلام الفارغ، هم يفعلونه بالعمل، تماما مثلما فعله الأوروبيون من قبل، وحققوا واحدة من أروع تجارب التقدم، والحداثة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، التى خرجت منها كبريات الدول، وهى شبه مدمرة، ومنهكة إنهاكا رهيبا على كل المستويات، ولكنها الآن تقف فى صدارة الدول فى كل المجالات، وتعيش شعوبها الحياة التى يتمناها أى إنسان على وجه الأرض. الصين تدخل مجال كرة القدم، وهى تسعى إلى بناء تجربة لا تختلف كثيرا عن التجربة الاحترافية، التى يطبقها الغرب، ومن المؤكد أنها سوف تصل إلى غايتها، لأنهم فى مثل هذه البلاد التى تحترم قيمة العمل، وتقدر قيمة الأوطان، سوف يصلون إلى غايتهم، وسنتذكر بعد سنوات أننا كنا متقدمين عنهم، ونسبقهم على الأقل فى كرة القدم ولكنهم بدلوا الأوضاع، وصاروا هم من يسبقنا، فهم يحترمون العمل، ولديهم قيم إيجابية كثيرة، ويؤمنون بالرسالة التى يسعون إلى تحقيقها.. أما نحن فنعشق الكلام، ولا نجيد إلا بيع الوهم، ولا يهمنا لو كنا نضحك على أنفسنا أو نضحك على الغير.. فالنتيجة واحدة، وهى أننا نتهيأ كل يوم لنحتل مؤخرة الصفوف بين بلاد العالم. أعود إلى تجربة الصين، فقد راحوا يجتذبون نجوم العالم من أصحاب الأسماء الشهيرة، وبعد أن تم ضم "نيكولا أنيلكا"، وتولى عدد من المدربين المشاهير قيادة مجموعة من الفرق المحلية، مثل "سيرخيو باتيستا"، جرت مفاوضات مكثفة مع الإيفوارى "ديدييه دروجبا"، لاعب تشيلسى الإنجليزى، كى يضم لفريق شنغهاى، بجانب وجود عدد من اللاعبين الذين تم ضمهم بالفعل، حتى تدخل الصين ساحة كرة القدم، كواحدة من القوى الكبرى.. ونبقى نحن نشترى الوهم.. ألف مبروك!! -*- ** لا أميل دوما للكتابة عن أمر شخصى.. مهما كان، ولكن.. حين قامت لجنة مناقشة رسالتى فى الماجستير فى الإعلام بمنحى قبل أيام الدرجة العلمية امتياز، وجدت أنه من الواجب أن يكون هذا الأمر، فرصة للتوقف السريع أمامه، من جانب محاولة تشجيع الناس على العلم، حين تعرض تجربتك، أو ما قمت به.. ربما أملك مساحة للتأثير.. حتى لو كان على إنسان واحد.. وهنا أقول إن مثل تلك اللحظة التى تنطق فيها اللجنة بمنح الدرجة العلمية، هى لحظة من اللحظات الاستثنائية فى حياة الإنسان، وفرحتها لا تدانيها فرحة أخرى.. ولا يتسع لها وقت أو مكان، وأتمنى أن يعيش الناس كلهم مثل هذا التجربة، فهى الفرصة الحقيقية للبقاء متجددا.. ملما بكل حديث، لأن التعلم لا يقف عند عمر أو محطة. أشكر كل من هنأنى، وكل من حضر المناقشة، وكل من اهتم بأى صورة من الصور.. والشكر أيضا للجنة المناقشة، برئاسة الدكتور عدلى رضا المشرف على الرسالة، وعضوى اللجنة.. الأستاذ الدكتور عادل عبدالغفار، والدكتور نبيل طلب.