قال «البيت الأبيض» إن نظام بشار الأسد في سوريا يستعدّ لقيادة هجوم بالسلاح الكيميائي قد يتسبب في قتل مدنيين جماعيًا، وأنذره بدفع ثمن فادح إن أقدم على ذلك؛ فيما اعتبرت روسيا تهديدات واشنطن «غير مقبولة». فما هي دلالات توقيت التحذير الأميركي من هجوم كيميائي قد يقوده نظام بشار، وأيّ تداعيات قد يحملها التحذير خاصة في ضوء رد الفعل الروسي؟ فجأة ودون مقدمات واضحة يقول بيان للبيت الأبيض إن «الولاياتالمتحدة لديها ما يدعوها إلى الاعتقاد بأن الاستعدادات جارية لتنفيذ نظام الأسد هجومًا بالسلاح الكيميائي»، ويضيف البيان أنه «إذا نفّذ بشار هجومًا تسبب في قتل جماعي فسوف يدفع هو وجيشه ثمنًا فادحًا». التهديد الأميركي قابله ردٌّ روسيٌّ اعتبر فيه الكرملين تهديدات واشنطن لما وصفها «القيادة الشرعية في الجمهورية العربية السورية، غيرَ مقبولة». خط أحمر بشأن هذا الموضوع، يقول كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى «أندرو تابلر»، المختص في الشؤون السورية ومؤلف كتاب «في عرين الأسد»، إن التحذير الأميركي ينطلق من مؤشرات استخباراتية بأن نظام بشار يستعد لاستخدام أسلحة كيميائية في سوريا. واستبعد «أندرو» أن يكون هناك تغيّر في الاستراتيجية الأميركية حيال سوريا، وقال إن القوات الكردية المدعومة أميركيًا في شمال شرق سوريا تعرضت إلى هجوم من قوات الأسد في الأسابيع الماضية. واعتبر، في تصريحات تلفزيونية، أن إدارة ترامب ليست مثل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ولديها بالفعل خط أحمر من غير المسموح تجاوزه، وهي تركز على تنظيم الدولة؛ لكنها لن تسمح في الوقت نفسه باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهي عازمة على تطبيق ذلك. استفزاز وضغوط من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الخبير في شؤون الشرق الأوسط رسلان كوربانوف أن موسكو متفاجئة من هذا الموقف من واشنطن، وهي لا تعترف بالهجوم الكيميائي الأول في منطقة إدلب. وأضاف أن الحكومة الروسية تنظر إلى تصريح البيت الأبيض باعتباره استفزازيًا، وهو بمثابة ضغط تمارسه واشنطن على موسكوودمشق؛ وبالتالي فإن موسكو تحاول أن توضّح لواشنطن وحلفائها أنها لن تسمح لهم باستخدام هذا المنطق تجاه دمشق. وأوضح رسلان أن روسيا في وضع صعب حاليًا؛ لأنها لا ترى نهاية لهذا النزاع وهي تواجه موقفًا صعبًا فيه، وتبحث عن مخرج محتمل لإنقاذ صورتها أمام الشعب الروسي والمجتمع الدولي. وأضاف، أثناء مشاركته بحلقة تلفزيونية، أن روسيا ليست مستعدة لتصادم عسكري مع الولاياتالمتحدة، وستحاول أن تجد بدائل خارج هذا النزاع؛ لكنها تعي تمامًا أن واشنطن شيئًا فشيئًا تحاول أن تزيد مستوى الضغوط واستفزاز موسكو. عودة أميركية لكن الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد قواص يرى أن النظام السوري، وبمرور ستة أعوام من عمر الثورة السورية، لا يتصرف بشكل عقلاني؛ وهناك محاولات مستمرة لإحداث اختراق معين حتى لو كان في شكل مغامرات غير محسوبة. وأوضح أن مصلحة النظام من أيّ هجوم كيميائي عسكرية تهدف إلى فرض أمر واقع ميداني، معتبرًا أن التصريحات والتحذيرات الأميركية جزء من مسلسل التورط الأميركي في المنطقة، وقال إن واشنطن عازمة على العودة للملف السوري من بوابة التهديد بضرب النظام. وأضاف قواص أن واشنطن تريد الإمساك بزمام المبادرة من جديد، وتضرب بقوة على طاولة المفاوضات المقبلة قبيل اللقاء المرتقب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين؛ وبالتالي على الولاياتالمتحدة أن تكون متمكنة في الأرض والجو.