أتذكر تلك اللحظة .. منذ حوالي 6 سنوات حينما انتهيت من إمتحانات الثانوية العامة ، وكنت أشعر بعزلة شديدة ، كانت الثانوية العامة..عزلة، لا أعرف ماذا يحدث في الخارج ، خارج عالم الثانوية العامة، كنت أحياناً أستعين بالجرائد لأعرف ماذا يجري في الدنيا .. لكن أبي كان يخفى الجرائد أحياناً حتى لا تضيع وقتي ... وقد كان محقاً إذ كنت أقرأ الجريدة كاملة، فوجئت أن هناك أسماء مغنيين جدد لا أعرفهم وأن هناك أفلام جديدة عرضت في السنين الماضية لم أكن أعرفها، فوجئت أن هناك كلمات جديدة .. إذ كان آخر الكلام الذى سمعته " روش طحن " لكن فوجئت أن القاموس تغير تماماً. وقد كنت متأثراً إلى حد كبير فى تلك الفترة بالفلسفة الإسلامية، كانت حصة الفلسفة هي العالم الذي أهرب فيه من عالم الثانوية العامة الكئيب، وكان مدرس الفلسفة يعلم هذا فكان يتعمد التوسع في موضوعات الفلسفة خارج المقرر، كان يسمح لي أن أكتب تعليقات على آراء الفلاسفة في القضايا المختلفة ويسمح لي بالنقد ثم يقرأ آرائي التافهة ويناقشني فيها وقد رسمت على وجهه ملامح الجد! غير أنني كنت متأثر أيضاً بكتاب الأيام لطه حسين والذي كنت أدرسه من ضمن مقرر اللغة العربية. حينما أقرأ في هذه الأيام آرائي وتعليقاتي على الفلاسفة الأوروبيين والمسلمين بعد أن عرفت بعض من التفاصيل التي لم أكن أعرفها، أدرك كيف كنت متأثر بالفيزياء الأرشميدسية والنيوتنية والهندسة الإقليدية التي كنا ندرسها ضمن مقرر الثانوية العامة لكني لم أكن مدرك هذا، والطريف أنني استخدمت مدخل ميكانيكي في نقد مفهوم الحرية عند ابن رشد، كلها أشياء مثيرة للضحك والسخرية والسعادة ..