قديما قالوا ان الشباب في كل أمة عماد نهضتها وسر قوتها وهناك عنصر فاعل في هذه الشريحة العمرية وهو الطلاب. على مر العصور والأزمنة كانت الحركة الطلابية قاطرة الثورات ضد الحكام الطغاة والأنظمة المستبدة. لقد كان لمظاهرات الطلاب في عام 1919 م بعد نفي سعد زغلول أثرا بالغا في تحول الثورة من ثورة نخب إلي ثورة شعبية حيث انضم لهم كل طوائف المجتمع المصري والذي اسهم اسهاما كبيرا في نجاح الثورة. وفي عام 1946 م قام الطلاب بتنظيم المظاهرات التي تندد بحكم الانجليز لمصر واثناء توجههم لميدان الاسماعيلية (التحرير الان) قامت شرطة الانجليز بفتح كوبري عباس عليهم لإغراقهم في النيل وكان لهذا أثره في جلاء الاحتلال من القاهرة وتمركزه في منطقة السويس وخلد العالم بأسره ذكرى هؤلاء الطلاب واتخذوا من هذا اليوم ذكرى أطلقوا عليها (يوم الطالب العالمي). - شهدت الحركة ازدهارا لم تشهده من قبل في فترة السبعينيات حيث أصبحت قوة أساسية وعنصراً فاعلاً في المجتمع المصري بتأسيسها الكيانات الطلابية التي انطلقت بين الطلاب لتقول لهم إن الجامعة كما أنها منارة للعلوم فهي مدرسة لتخريج جيل قادر على بناء وطنه والنهوض به في شتي المجالات (السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية). - وكان لها دورها في التصدي للمخلوع ونظامه من خلال حملاتها التوعوية التي تحركت بها في الوسط الطلابي مطالبة إياهم بالتصدي للظلم والاستبداد والفساد الذي استشرى في الوطن وكانت آخر الحملات حملة التعديلات الدستورية التي تبنتها الجمعية الوطنية للتغيير، وبعدها قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي كان للطلاب دور عظيم وتضحيات بالغة أسهمت في انضمام جميع الفئات العمرية لهم، وتوحدهم على هدف واحد وهو إسقاط النظام وسقط النظام ونجحت الثورة، وما أن بدأت في تحقيق أهدافها ومطالبها التي قامت من أجلها حدث عليها انقلاب عسكري في 3/ 7/ 2013 عصف بكل إنجازاتها وحاكم قادتها وأودعهم السجون. فما كان من الطلاب إلا أن انطلقوا في ميادين مصر وجامعاتهم ليدافعوا عن ثورتهم وحقوقهم التي عصف الانقلاب بها وقدموا في سبيل ذلك الغالي والنفيس ونذكر من هذه التضحيات: - كما فتح الإنجليز كوبري عباس على الطلاب لإغراقهم في النيل فتحت عصابة الانقلاب النار عليهم في الجامعات والميادين ليغرقوا في دماؤهم فقتلوا منهم الآلاف ولم تكتفِ عصابة الانقلاب بفتح النار عليهم، بل فتحت أبواب السجون لتحوي بداخلها اكثر من 4 آلاف طالبا وطالبة ناهيك عن حملات التعذيب التي يتعرض لها الطلاب داخل سلخانات التعذيب واغتصاب الطالبات في مدرعات الشرطة والأقسام، وبعد هذا كله يتم الحكم عليهم إما بالإعدام أو بالمؤبد. - ولم يكتفوا بذلك بل يحاكمون الآن أكثر من 150 طالباً أمام القضاء العسكري، وكل تهمته أنه طالب رفض أن يعيش تحت وطأة الأنظمة القمعية وراح يطالب بحريته. - خرج الطالب ليعبر عن رأيه وحقه في حياة كريمة ونظام ديمقراطي يحدث فيه تداول للسلطة فتكافئه الجامعة أو أستاذه المخالف له في الرأي الذي من المفترض أن يعلمه كيف يختلف مع الآخرين وكيف يعيش حراً بحرمانه من أداء الامتحان أو حرمانه من أعمال السنة التي يتحكم فيها تحكماً مباشراً أو تفصله الجامعة عاماً أو عامين، وقد يصل الأمر إلى أن تفصله فصلاً نهائياً من الجامعة وكل تهمته أنه طالب حر!! وبعد كل هذه التضحيات التي قدمتها الحركة الطلابية إلا أنها لا تحظي بأي دعم إعلامي أو حقوقي لقضاياها كباقي تيارات وفصائل الثورة. ومع كل هذه التضحيات هناك مكتسبات اكتسبتها الحركة الطلابية، لكن للحفاظ عليها هناك مجموعة من التحديات لابد أن توضع في عين الاعتبار كي تستطيع الحركة مواصلة مشوارها وثورتها وهي: - في جامعتي التي أنتمي إليها تم عمل استبيان رأي لما حدث في 3 يوليو هل كان ثورة أم انقلابا، فكانت نتيجة الاستبيان أن أكثر من 70% من الطلاب يعتبرون أن ما حدث في مصر انقلاب عسكري فهل ستستفيد الحركة من هذا الوعي الطلابي في تغيير وتطوير أساليبها ورؤيتها للمشهد؟ - دائماً ما كنا نهتف (حركة طلابية واحدة ضد السلطة اللي بتدبحنا) فهل ستستطيع الحركة الحفاظ علي نسيجها وروح الوحدة التي بينها لتستطيع أن تصل إلى أهدافها التي تسعى إليها ومحاولة إقناع باقي فصائل الحركة لتلحق بركب الثورة. - الطلاب وقود الثورة ودائما ما نسمع هذه الكلمات وهم بالفعل كذلك، لكن هذا الوقود إن لم يجد من يحافظ عليه ويستخدمه الاستخدام الأمثل سيكون عرضة للانسكاب، وبالتالي سيشتعل بأقل الشرر، لكنه قد يشتعل في مكان وزمان غير مناسبين لو لم يكن هناك وضوح وانسجام بين رؤية الحركة والقيادة السياسية لآليات التغيير. - كما ذكرنا من قبل أصبح الأستاذ الجامعي أداة لقمع الطلاب عن طريق حرمانهم من أداء امتحاناتهم وتحويلهم لمجالس التأديب بتوصية من جهاز الأمن الوطني فهناك تخوف من تحول العلاقة بين الاستاذ والطالب من علاقة قائمة على الاحترام والتقدير إلى علاقة أشبه بالثأر أو بمعنى آخر تخليص حسابات. فكيف ستكون العلاقة بينهم بعد ذلك؟؟ - حاولت سلطة الانقلاب العسكري أكثر من مرة استفزاز الطلاب داخل الحرم الجامعي بقيام رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بتجييش البلطجية من خارج الجامعة؛ لقمع الطلاب المتظاهرين والسماح للداخلية باقتحام الحرم الجامعي فقتلوا واعتقلوا الطلاب في محاوله منهم لجر الطلاب إلى تحويل الحرم الجامعي لساحة حرب فهل يستطيع الطلاب الحفاظ على سلمية حراكهم وعدم انسحابهم لحمل السلاح داخل الحرم حتى لا تتحول الجامعة من صرح للعلم إلى ساحة للحرب؟