أعلنت 71 قبيلة في إقليم دارفور غرب السودان عن مبادرة لوقف الحرب الدائرة منذ 10 أعوام، وخلفت 300 ألف قتيل، و2.5 مليون مشرد، بحسب إحصاءات الأممالمتحدة. ففي مؤتمر صحفي بمدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور، طرحت هذه القبائل خارطة طريق لحل شامل لأزمة الإقليم، من خلال تكتلها في تنظيم باسم “الهيئة الأهلية لأبناء دارفور”. وهي الهيئة التي تضم، وفقا لتلك القبائل، “زعماء القبائل، وتهدف إلى الاتصال بكل أطراف الأزمة، سواء حكومة الخرطوم أو الحركات المسلحة، دون انحياز لجهة”. وقال مسؤول بالهيئة، أحمد قرشي، إن “خارطة الطريق تلك جاءت بمبادرة من مجلس شورى قبيلة الفور، حيث تم تشكيل لجنة تضم ممثلين للقبائل، وضعت خارطة من 4 محاور، هي المحور الاجتماعي، والأمني، والتنموي، والسياسي”. وعن مدى قدرتهم على الدفع نحو إنجاح هذه المبادرة، رأى قرشي أن “زعماء القبائل، ومن خلفهم أهل دارفور، بمقدورهم فرض خيار السلام على الحكومة والحركات المسلحة”. وبشأن المحور الإجتماعي، أوضح أنه “يرتكز على وقف النزاعات القبلية بالاحتكام إلى الأعراف الموروثة، التي كانت تحفظ النسيج الاجتماعي لدارفور”. واستنكر “تزايد النزعة القبلية والعنصرية المسيطرة على الإقليم، حيث يتم توزيع المناصب العامة على أساس قبلي؛ ما يزيد من تشتت أهل دارفور عبر تقسيمهم إلى عرب وزرقة”. ويٌقصد بالعرب المنتسبين للقبائل العربية، أما “الزرقة” فهم المنتسبون للقبائل الزنجية. وتتهم الحركات المسلحة بدافور حكومة الخرطوم بتسليح القبائل العربية ضد القبائل الزنجية، التي يدعم أبنائها تلك الحركات. ورأى قرشي أن المحور الأمني “من أهم المحاور، إذ يمثل حجر الزاوية في التنمية والاستقرار، ويتطلب نزع السلاح من كافة المواطنيين وحصره في أيدي القوات النظامية، وإعادة النازحين واللاجئين إلى قراهم بعد توفير الأمن”. وأضاف أن “الهيئة الأهلية لأبناء دارفور” ستعمل على “الاتصال بالحركات المسلحة وإقناعها بالتفاوض لتحقيق السلام، وترك الخيار العسكري”. أما عن المحور التنموي، فقال قرشي إن “الحرب خلفت دمارا هائلا في الموارد البشرية والبنية التحتية؛ لذا لا بد من تنمية دارفور، وتأهيل السكك الحديدية، ومد خطوط التيار الكهربائي، وتنظيم التعدين، وإكمال طريق الإنقاذ الغربي”. وهو طريق مرصوف يربط الخرطوم بدرافور ما زال تحت الإنشاء منذ 20 عاما. وأشار إلى أن وفدا من الهيئة التقى مساء أمس برئيس السلطة الإقليمية لدارفور، التجاني سيسي، وولاة الإقليم الخمسة، على هامش “مؤتمر العودة الطوعية للنازحين واللاجئين” الذي اختتم أعماله في نيالا أمس. وأضاف قرشي أن “الوفد طرح عليهم خارطة الطريق، فرحبوا بها، وأعربوا عن اعتزامهم مساندة الهيئة حتى تحقيق السلام الشامل في دارفور”. وقال إن “الهيئة ترتب للقاء مع الحركات المسلحة، وستستعين بالتجمعات الشبابية والنسوية لإنجاح مهمتها”. وعن تمويل أنشطة “الهئية الأهلية لأبناء دارفور”، أوضح قرشي أن “القبائل ستتكفل بالتمويل للمحافظة على استقلالية قرار الهيئة”. وحذر عضو الهيئة ممن وصفهم ب”تجار الحرب المنتفعين من معاناة أهلهم”. وأضاف أن “القبائل ستتصدى لهم بحزم بعد أن طفح الكيل.. 10 أعوام من الدماء تكفي، ونحن قادرون على فرض السلام بوصفه المصلحة الوحيدة لأهل دارفور، وليس الحرب التي يعمل البعض على تأجيجها”. وبحسب خارطة الطريق، التي نقلتها وكالة الأناضول على نسخة منها، فإن أزمة دارفور هي “أزمة سياسية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية وجزء من الأزمة الوطنية الشاملة، وتحل عبر الحوار بين كل الأطراف كخيار وحيد”. وتدعو هذه الخارطة إلى “تمكين الإدارة الأهلية (زعماء القبائل) في ولايات دارفور الخمسة (جنوب وغرب وشمال وشرق ووسط دارفور) حتى تساهم في استقرار الأوضاع بجانب إبعاد المعايير القبلية والعنصرية عند الاختيار للوظائف العامة”. ومنذ عام 2003، يشهد إقليم دارفور نزاعًا مسلحًا بين الجيش السوداني وثلاث حركات مسلحة هي “العدل والمساواة”، و”تحرير السودان” بقيادة عبد الواحد نور، و”تحرير السودان”، بقيادة أركو مناوي. كما ينشط في دافور كثير من العصابات في عمليات نهب وقتل واختطاف للأجانب العاملين في الإقليم؛ طلبًا للفدية مقابل إطلاق سراحهم. ورفضت هذه الحركات المتمردة الانضمام لوثيقة سلام برعاية قطرية في يوليو 2011، بينما وقَّعت عليها حركة “التحرير والعدالة”، لكنها تعتبر الحركة الأقل نفوذًا في الإقليم، حيث تشكلت من مجموعات انشقت عن الحركات الرئيسية. وبناءً على نص هذه الوثيقة، تم إنشاء سلطة انتقالية لإقليم دارفور، برئاسة زعيم حركة “التحرير والعدالة”، التجاني سيسي.