أكد الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار على ضرورة الالتزام والمحافظة على التراث الثقافي طبقا للمبادئ والسياسات المقررة بالمواثيق والمعاهدات الدولية والإسلامية . وطالب وزير الآثار في كلمته خلال افتتاح الندوة الدولية التي عقدت اليوم الخميس بالقاعة الذهبية بقصر محمد على بالمنيل بعنوان ” أهمية التراث الثقافي والمحافظة عليه .. رؤية اسلامية للتراث الحضاري ” – جميع الدول والسلطات باتخاذ التدابير لوقف أي اعتداء أو تدمير يطول التراث الثقافي أيا كان انتماءه أو موقعه ، معربا عن بالغ سروره لعقد هذه الندوة على أرض مصر الثورة ، مصر الجديدة ، مصر الحضارات الأمينة على كثير من التراث الإنساني عبر القرون . وأكد وزير الآثار أن هذا الاجتماع يسعى إلى تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه في مجال الحفاظ على التراث في البلدان الإسلامية تأكيدا على القيام بدورنا المقدر لنا في الحفاظ على تراث عظيم زاخر صنعه أجيال على مر العصور ، كما طالب وزير الآثار – في كلمته – رجال الدين وأئمة المساجد والعلماء وقساوسة الكنائس أن يكونوا على قدر المسئولية لتوعيه الناس للحفاظ على تراثهم الحضاري والتصدي للفتاوى الشاذة التي تدعو لهدم الآثار . من جانبه، أعلن الدكتور علي جمعة مفتى الديار المصرية – في كلمته خلال الندوة - على أن دار الإفتاء بصدد الإعداد لكتاب يضم كل ما يخص التراث الإنساني من أحاديث وآيات قرآنية تحض على الحفاظ على التراث الحضاري وصيانته ، مشيرا إلى أنه يوجد العديد من هذه الأحاديث والآيات تنهى عن عدم هدم تراث الأسلاف ، مسترشدا بحديث الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام الذي أنهى فيه عن هدم آطام المدينة والمقصود بها الحصون . وأشار الدكتور جمعة إلى أن هناك أماكن معينة لها ذكرى تاريخية ودينية كالصفا والمروة ، واصفا ما نعيشه الآن بالأزمة الحضارية التي يجب الاهتمام بمواجهتها لتحسين صورة المسلمين في العالم من أجل مستقبل أبنائنا وأحفادنا ولتوضيح تعاليم الدين بعد أن بدأ الكثير من الناس في الصد عن سبيل الله دون علم يشوهون الإسلام بتلك الأقاويل التي ما انزل بها الله من سلطان . وأكد شيخ الأزهر أحمد الطيب – فى كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار – أنه عند دخول الإسلام حافظ على تراث الحضارات والآثار في مصر وبلاد الرافدين ومختلف الحضارات التي سبقت الإسلام وابقوا على آثارها حتى وصلت إلينا كما تركوها وأن دعوات التدمير تشير إلى جهل أصحابها . كما أكد شيخ الأزهر على ضرورة وضع شعار القدس في المناهج الدراسية بمختلف البلدان لحمايتها من التهويد . من جانبه، طالب أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدول الأعضاء بالمنظمة والمنظمات الدولية بضرورة حماية الآثار القديمة، مشددا على أهمية سن قوانين تحفظ سلامة التراث الحضاري، والتصدي لمن يقدم على تخريبها. ودعا أوغلي – في كلمته – إلى ترميم وصيانة هذه الآثار وعدم تركها هدفا للسرقات أو عوامل التعرية ، مطالبا المجتمع الدولي متمثلا في الأممالمتحدة واليونسكو والقوى والمؤسسات المهتمة بالتراث الإنساني حماية هذه المنشآت وتجريم محاولات المساس بها، داعيا إلى إيجاد نصوص قانونية لذلك ، مشيرا إلى أن الحديث قد كثر في الآونة الأخيرة عن تصريحات أدلى بها البعض بشأن الرغبة في “تطهير” البلاد من بعض المظاهر التي تتعارض مع الدين الإسلامي في نظرهم. وأضاف أوغلي أنه ” سواء أكان هذا الأمر قد قيل على سبيل المبالغة أو الجد فإنه يعكس توجهات متطرفة ومتزمتة تنم عن جهل بالدين الإسلامي الحنيف ” . بدوره، دعا طلعت عفيفي وزير الأوقاف – في كلمته – للمحافظة على ما صنع السابقون وتركوه من آثار ، مستشهداً بالآية الكريمة ( ألم ترى كيف فعل ربك بعاد ) إلى آخر الآية الكريمة والتي تؤكد إلى لفت الأنظار فيما تفوق فيه هؤلاء القوم. من جهته، أشار الدكتور خالد ارن مدير عام منظمة إرسيكا إلى أن هذه الندوة تعد خطوة كبيرة نحو الحفاظ على التاريخ وتقييم الوضع فيما يتعلق بالمحافظة على التراث واتخاذ إجراءات ملموسة على الصعيد الدولي لتحسين هذه الأوضاع ، وفي الوقت نفسه يعد هذه الندوة محاولة لبناء روح مشتركة والعمل باسم العالم الإسلامي فيما يخص دراسة التراث الثقافي وفهمه وحمايته . وقال مدير عام منظمة إرسيكا إن أحد أهم أهداف الندوة الرئيسية يكمن في توضيح وإبراز وجهة نظر الإسلام حول التراث الثقافي ، مؤكدا على نقل نتائج الندوة إلى العالم الإسلامي كله بقياداته وإلى المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية . شارك في الندوة أكثر من 30 مسئولا وخبيرا في مجال التراث الإسلامي من مختلف الدول العربية فى مقدمتهم مفتى الديار المصرية فضيلة الشيخ الدكتور على جمعة ، ووزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفي ، ووزير الأوقاف الأردني عبد السلام عبادي ، ومفتى مدينة القدس الشيخ محمد حسين وأناب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب الدكتور محمود العزب نيابة عنه فى حضور الندوة . وتدور الندوة في عدة محاور تستهدف الاقتراب من قضايا التراث الثقافي من بينها مفهوم التراث في الإسلام مصادره وتعاليمه وتطبيقاته والمحافظة عليه والإجراءات المتبعة لحمايته . كما تسلط الندوة الضوء على مفهوم التراث في الإسلام في محاولة لإبراز أهمية تراث الحضارات في الماضي والحاضر من أجل ازدهار ورفاهية العالم الإسلامي والحضارة العالمية في الحاضر والمستقبل مما يتطلب زيادة الوعي بأهمية التراث في الإسلام وتقييم وضع تراث العالم الإسلامي والمجهودات المبذولة للحفاظ عليه . كما تناقش الندوة أيضا الوسائل والسبل المتاحة لحماية التراث من أية أضرار أو دمار قد تلحق به في أوقات السلم أو الحرب.