وسط إجراءات أمنية مشددة، تحتفل فرنسا، غدا الثلاثاء، بعيدها الوطني "ذكرى الثورة الفرنسية فى الرابع عشر من يوليو"، حيث يقام عرض عسكرى مهيب، و يستعرض الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند القوات المسلحة الفرنسية التى ستجوب أشهر وأجمل شوارع العاصمة الفرنسية و هو جادة الشانزليزيه الواقع فى قلب العاصمة باريس. واحتفالات هذا العام تسلط الضوء على القوات العسكرية الفرنسية المنخرطة فى محاربة الإرهاب فى الداخل والخارج، مثل قوة "برخان" المتمركزة فى منطقة الساحل والصحراء، وقوة "سانجاريس" فى جمهورية إفريقيا الوسطى، وقوة "شامال" فى العراق. وتشارك فى الاحتفالات تشكيلات من الجيش المكسيكى الذى يحل ضيف شرف هذا العام بمناسبة الزيارة الرسمية التى يقوم بها الرئيس المكسيكى السيد إنريكى بينا نييتو لفرنسا و التى تعد الأولى من نوعها منذ 18 عاما. ويشهد العرض العسكرى مشاركة جميع وحدات القوات المسلحة الفرنسية التى قدرت ب3501 جندى و 208 عربات و 55 طائرة حربية حيث يحتفل هذا العام سلاح الجو الفرنسى بعيده الثمانين و 31 مروحية و 237 فردا من فرقة الفرسان التابعة للحرس الجمهورى الفرنسى فضلا عن 90 جنديا من اجمالى 7000 تابعين لعملية "الحارس" الفرنسية لحفظ الأمن داخل الأراضى الفرنسية. كما تشهد احتفالات هذا العام تكريم أفراد "عملية الحارس"، و هى قوة قوامها 10 آلاف جندى تم حشدهم لحماية المواقع الحساسة فى البلاد لا سيما دور العبادة، و ذلك عقب هجمات باريس الارهابية فى يناير الماضى التى أسفرت عن مقتل 17 شخصا. ويشارك فى العرض العسكرى للمرة الأولى القوات الخاصة للشرطة الفرنسية حيث سيتم تكريم مجموعة الدرك الوطنى للتدخل السريع (جى ايه جى إن)، و عناصر وحدة "ريد" و هى القوات الخاصة فى الشرطة، ووحدة البحث والتدخل للشرطة "بى إر إيه" وهى القوات التى تعاملت مع "الأخوان كواشى" و"أميدى كوليبال" منفذى اعتداءات باريس فى مطلع العام الجارى على مقر صحيفة شارلى إبدو و المتجر اليهودى.
ومن المقرر أن ترتدى قوات الشرطة المشاركة فى العرض من عناصر وحدة "ريد" و "بى إر إيه" خوذات و نظارات سوداء حفاظا على سرية هويتهم و كذلك قوات الدرك "جى إيه جى إن" باستثناء من لا يشاركون مباشرة فى عمليات أمنية. وفى هذا السياق، تم إعطاء توجيهات للقنوات التلفزيونية المختلفة بعدم اتخاذ لقطات مقربة من وجوه أفراد هذه القوات الخاصة خلال الاحتفالات بجادة الشانزليزيه التى يحضرها الآلاف من الفرنسيين. كما تتميز احتفالات هذا العام بتكريم البعثات العسكرية التى شاركت فى مكافحة وباء "إيبولا " فى إفريقيا و المكونة من جنود و أطباء ورجال إطفاء. وتتخلل ايضا مراسم الاحتفال توجيه تحية إجلال لحاملى"وسام التحرير" الذى أصدره الجنرال شارل دو جول فى 16 نوفمبر 1940 هو وسام فرنسى استثنائى منح لأبطال تحرير فرنسا من الاحتلال النازى إبان الحرب العالمية الثانية، ويعد الثانى فى المرتبة بعد وسام جوقة الشرف. ونتيجة التعبئة غير المسبوقة للجيش الفرنسى فى مسارح العمليات فى الداخل والخارج، تم تقصير مدة الاحتفالات هذا العام بواقع خمس عشرة دقيقة، كما ستغيب دبابات "لوكلير" التى تم نشرها فى بولندا. وتقرر كذلك إلغاء اللقاءات التقليدية التى تنظم بين الجيش و ممثلين عن الشعب الفرنسى فى فترة ما بعد الظهر للسماح للعسكريين بالعودة سريعا إلى مواقعهم. وقد أكد الحاكم العسكرى لباريس الجنرال هيرفيه شاربونتييه – الذى ينظم احتفالات هذا العام للمرة الأخيرة – أنه تم اعتماد تلك التدابير فى ضوء المهام الزائدة التى أسندت للجنود عقب هجمات يناير الإرهابية و التى دفعت الحكومة الفرنسية إلى تكييف إمكاناتها العسكرية. ومن المقرر أن تقوم وحدات مترجلة وراكبة (محمولة) ووحدات على دراجات نارية ووحدات جوية وتسير كلها فى شارع الشانزليزيه من ساحة "شارل دو جول" إلى ميدان "الكونكورد" حيث يحيى العسكريون رئيس الجمهورية وحكومته وكبار وأهم رجال الدولة إضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسى و أيضا الضيوف السياسيين الأجانب. كما ستحلق المقاتلات الفرنسية فوق "قوس النصر" الواقع فى نهاية جادة "الشنزليزبه" مخلفة وراءها دخانا بألوان العلم الفرنسى، إحياء للعيد الوطنى الذى يعرف أيضا "بيوم الباستيل". ويخلد الرابع عشر من يوليو وهو عطلة رسمية فى فرنسا ذكرى اندلاع الثوة الفرنسية عام 1789 عندما هاجم الثوار سجن "الباستيل" الذى كان يمثل رمزا للسلطة الحاكمة وكان سقوطه بمثابة شرارة اندلاع الثورة الفرنسية وأصبح فيما بعد رمزا للجمهورية الفرنسية.