إعداد| أحمد عبدالله وحمدي جابر هذا اليوم أو التاريخ الأيقونة "11 سبتمبر" الذي يحيي ذكراه كل القوى التي تتبنى الحرب على الإرهاب بقيادة أمريكا التي تتحدث باسم الديمقراطية والسلام، كانت السبب في إخراج هذا المارد من القمقم أو بالأدق صنعت هؤلاء الأشخاص والجماعات. سيظل يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 يومًا مشهودًا في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم، فالدقائق التي اختطفت فيها الطائرات المدنية واصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي وجزء من مبنى وزارة الدفاع والأيام الأولى للحدث كلها أوقات ووقائع لا تنسى. حسب الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية، يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 نفذ 19 شخصًا على صلة بتنظيم القاعدة هجمات باستعمال طائرات مدنية مختطفة. انقسم منفذو العملية إلى أربعة مجاميع ضمت كل منها شخصا تلقى دروسا في معاهد الملاحة الجوية الأمريكية، وتم تنفيذ الهجوم عن طريق اختطاف طائرات نقل مدني تجارية، ومن ثم توجيهها لتصطدم بأهداف محددة. وتمت أول هجمة في حوالي الساعة 8:46 صباحا بتوقيت نيويورك، حيث اصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي. وبعدها بدقائق، في حوالي الساعة 9:03، اصطدمت طائرة أخرى بالبرج الجنوبي. وبعد ما يزيد عن نصف الساعة، اصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاجون. بعد ساعات من أحداث 11 سبتمبر، وجهت الولاياتالمتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن.
جدير بالذكر أن القوات الأمريكية ادعت أنها عثرت فيما بعد على شريط في بيت مهدم جراء القصف في جلال آباد في نوفمبر 2001 يظهر بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية، وقد قوبل هذا الشريط بموجة من الشكوك حول مدى صحته. ولكن بن لادن -في عام 2004 م- وفي تسجيل مصور تم بثه قبيل الانتخابات الأمريكية في 29 أكتوبر 2004 م، أعلن مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم. الحرب على الإرهاب المصطلح الأشهر في السياسة الأمريكية: أحدثت الهجمات تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية عقب هذه الأحداث، والتي بدأت مع إعلانها الحرب على الإرهاب هو المصطلح الأشهر الذي أطلقته الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش خلال قيادته لأمريكا لمدة ثماني سنوات، وأدت هذه التغييرات لحرب على أفغانستان وسقوط نظام حكم طالبان، والحرب على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين هناك أيضا بحجة محاربة الإرهاب. أمريكا تصنع الوحش وتنشأ الإرهاب : علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بصناعة الإرهاب في العالم تمتد إلى زمن بعيد ولكن بداية الدعم الأكبر كان عندما احتلت قوات الاتحاد السوفيتي السابق أفغانستان في العام 1979 حيث الحرب الباردة في أشدها فقامت الولاياتالمتحدة بتجنيد التيارات الإسلامية من الدول العربية والإسلامية مثل السعودية ومصر والجزائر تحت مسمى الجهاد ضد الشيوعية وأرسلت الآلاف من المقاتلين إلى أفغانستان وأمدتهم بالسلاح وبعد ذلك ظهرت حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان وعادت أمريكا لمحاربة أصدقائها بعد عشرات السنين واحتلال أفغانستان باسم "الحرب على الإرهاب". الحرب بين الغرب والإرهاب قبل 11 سبتمبر: كانت أبرز الهجمات في العام 1998 تم استهداف سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي عاصمة كينيا ودار السلام عاصمة تنزانيا والتي تسببت بمقتل أكثر 200 وجرح اكثر من 4000 شخص. وتم اتهام زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وسيف العادل وأنس الليبي وعبدالله أحمد عبدالله من قبل مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي لتورطهم في تفجيرات السفارة الأميركية. وقد توعد المكتب بتقديم مكافأة بقيمة 25 مليون دولار مقابل حصوله على معلومات استخبارية تؤدي مباشرة إلى القبض على الظواهري، ومكافأة بقيمة 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أي من الرجال الثلاثة الآخرين. وأحيا الرئيس الأميركي باراك أوباما الذكرى ال15 ضحايا هجمات 1998، متوعداً بمنع حدوث مثل هذه العمليات في المستقبل. الحرب بين الغرب والإرهاب بعد 11 سبتمبر: حدثت جولات كبيرة وعمليات تكسير للعظام بين الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة وأوروبا تحت مسمى "الحرب على الإرهاب" وبين تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية بمسماها وهو "الجهاد في سبيل الله" ومحاربة الشيطان الأكبر أمريكا. غزو أفغانستان2011م: كانت الحرب الكبرى هي الغزو الأمريكي لأفغانستان التي بدأت في 7 أكتوبر 2001 من الجيش الأمريكي (عملية الحرية المستديمة) والجيش البريطاني (عملية هرك) شنت كرد فعل على هجمات 11 سبتمبر. الهدف المعلن للغزو كان إيجاد أسامة بن لادن وآخرون من مناصب رفيعة في أعضاء القاعدة ووضعهم في محاكمة، لتدمير كل تنظيم القاعدة وإقصاء نظام طالبان الذي يدعم ويعطي الملاذ الآمن للقاعدة. أعلنت الولاياتالمتحدة وقتها أنها لن تميز بين المنظمات الإرهابية والدول أو الحكومات التي تؤويها. حدث بعد ذلك تفجيرات هزت العالم مثلما حدث من استهداف محطة مترو مدريد في 2004 و تعرف أيضا بتفجيرات 11 مارس 2004 في محطة قطارات "أتوشا رينفي" في مدريدإسبانيا. وكانت سلسلة من التفجيرات الإرهابية المتناسقة التي استهدفت شبكة قطارات نقل الركاب في مدريد في صباح 11 مارس2004 (قبل ثلاثة أيام من الانتخابات العامة الإسبانية) مسببة في مقتل 191 شخصا وجرح 1755 أخرين. حدثت تفجيرات لندن في 7 يوليو 2005 هي سلسلة عمليات انتحارية متزامنة حدثت في لندن في صباح يوم الخميس 7 يوليو 2005، أسفرت عن مصرع 50 شخصا وإصابة ما يقرب من 700 آخرين . وظل السجال بين الأنظمة الغربية والتنظيمات الإرهابية مستمر وحدثت الكثير من الهجمات والخسائر في الطرفين، مع انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في من خلال معتقل جوانتانامو الذي تم نقل كثير من السجناء له بعد غزو أفغانستان في عام 2001 بعد اعتقال المئات من الأشخاص وتعذيبهم، كما كان برنامج نقل السجناء حول العالم الذي ترعاه أمريكا سببًا في الكثير من المشاكل وأثر على سمعتها العالمية، وحدوث عمليات تجسس على المواطنين من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية وخطفهم ونقلهم من دول إسلامية وعربية لأمريكا. التخلي عن مصطلح الحرب على الإرهاب: في مايو 2010 قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التخلي عن مصطلح "الحرب على الإرهاب" والتركيز على ما يوصف ب"الإرهاب الداخلي"، وذلك في استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي. ونصت الوثيقة على أن الولاياتالمتحدة "ليست في حالة حرب عالمية على "الإرهاب" أو على "الإسلام"، بل هي حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة و"الإرهابيين" المرتبطين به. مقتل أسامة بن لادن: جاء مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم كأكبر المكاسب التي حققتها أمريكا وإدارة أوباما في حربها على الإرهاب . وحدثت العملية فجر الاثنين 2 مايو 2011 في أبوت آباد الواقعة على بعد 120 كم عن إسلام أباد بباكستان في عملية اقتحام أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية ونفذها الجيش الأمريكي واستغرقت 40 دقيقة. وحدثت الواقعة إثر مداهمة قوات أمريكية خاصة تدعى "السيلز" لمجمع سكني كان يقيم به مع زوجاته وأبنائه. ودار اشتباك بين بن لادن ورجاله وبين القوات الأمريكية المصحوبة بعناصر من الاستخبارات الباكستانية ونجم الاشتباك عن مصرعه بطلقة في رأسه. وقد تمكن المدافعون من إسقاط إحدى المروحيات الأربع التي هاجمت المنزل. ويعد مقتل بن لادن من أقوى الضربات التي وجهتها إدارة أوباما لتنظيم القاعدة وفي حربها على الإرهاب. ثورات الربيع العربي 2011 ودعم الإسلام السياسي: مع قيام ثورات الربيع العربية وسقوط الأنظمة العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن، كانت الإدارة الأمريكية مرتبكة في بداية تأييدها للثورات العربية، لكنها تداركت نفسها وأيدت النظم الثورية من أجل الحفاظ على مصالحها . وانتهجت السياسة الأمريكية أسلوبًا جديدًا في تأييدها لنظم الإسلام السياسي المعتدلة وساعدتها في الوصول للحكم في مصر وتونس وليبيا من أجل الوقوف في وجه الهلال الشيعي بقيادة إيران وسوريا. رغم وقوف أمريكا مع المعتدلين في تيار الإسلام السياسي إلا أنها فشلت في السيطرة على المتطرفين حيث حصل الهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي يوم 12/9/2012. أسفر الهجوم عن مقتل أربعة أميركيين مصرعهم منهم السفير كريس ستيفينز واثنان من قوات المارينز كانوا متواجدين في القنصلية أثناء الحادث الذي شنته مجموعة تسمي نفسها أنصار الشريعة احتجاجًا على فيلم عرض في الولاياتالمتحدة واعتبر مسيئا لرسول الإسلام محمد . كما تعرضت السفارتين الأمريكيتين في مصر وتونس لتظاهرات حاشدة وتم رفع علم تنظيم القاعدة عليها، وبذلك خسرت الولاياتالمتحدة رهانها على التيار الإسلامي لرعايتها للمتشددين. ورغم ذلك لم تتخل الولاياتالمتحدة عن تيار الإسلام السياسي نظام الإخوان المسلمين عندما قامت مظاهرات حاشدة في 30 يونيو وتم عزل الرئيس محمد مرسي لكن النظام الديمقراطي بقيادة أوباما لم يتخلى عن دعمه للإخوان وأوقف المعونات العسكرية عن مصر، رغم أن تيار الإسلام السياسي يوجد بين وبين الغرب عداء تاريخي بحكم الدين . أمريكا تدعم الإرهاب في سوريا ضد الأسد: تستند معظم الشواهد السياسية التي تطرح للتأكيد على تحالف الإسلام السياسي مع أميركا في الموقف من الثورة السورية، حيث ترى معظم التيارات القومية واليسارية أن الإسلاميين عموما وعلى رأسهم "الإخوان المسلمون" يرتمون بأحضان المشروع الأميركي من خلال وسطائه في المنطقة: السعودية وقطر وتركيا. حيث أن الولاياتالمتحدة تدعم المسلحين الإسلاميين المعتدلين من أجل إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها تراجعت في الأشهر الأخيرة مع ظهور جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية وخوفها من سقوط الأسلحة الكيماوية في يد هذه التنظيمات وسيطرتها على سوريا بعد سقوط الأسد وتهديد أمن إسرائيل. وتظل السياسة الخارجية الأمريكية تتعامل بازدواجية في حربها على الإرهاب حيث تحارب التنظيمات في بعض الدول وتساندها في دول أخرى من أجل إسقاط نظم بعينها مثلما فعلت في ليبيا وتفعل في سوريا. وتحيي اليوم الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم الذكرى الثانية عشر لضحايا هجوم برجي التجارة العالمي الذي راح ضحيته أكثر من 3000 آلاف مواطن أمريكي دفعوا ثمن حياتهم على يد أشخاص ساعدتهم أمريكا في يوم من الأيام من أجل إسقاط نظم بعينها وانقلب السحر على الساحر.