في محاولة لتهدئة التوترات بين إقليم كردستان والحكومة المركزية بالعراق عقد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي جلسة مع وزرائه في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان، بإعتبرها خطوة لحل المشاكل العالقة بين بغداد وإقليم كردستان. وأكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة افتتاحية لمجلس الوزراء الذي عقد بمشاركة رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ونائبه عماد أحمد، أن هناك "إرادة حازمة بأننا يجب أن نجد حلولا لكل المشاكل العالقة". كما حذر في كلمته من "عاصفة الطائفية والاقتتال" اللذين يضربان المنطقة، داعيا إلى مصالحة وطنية. ويفترض أن تعقد بعد هذه الجلسة اجتماعات للجان المشتركة بين بغداد وأربيل لبحث المشاكل العالقة بين الطرفين وأبرزها قضايا النفط والموازنة وقضايا الأمن في المناطق المتنازع عليها. وتأتي هذه الخطوة بعد قيام وفد برئاسة رئيس وزراء الإقليم بزيارة إلى بغداد التقى خلالها المالكي بعد قطيعة دامت أشهر. وسبق أن عقد مجلس الوزراء سلسلة اجتماعات بينها في الموصل وكركوك، شمالي بغداد، والبصرة بجنوب البلاد. وشهدت العلاقة بين بغداد وأربيل تأزم كبير خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، بسبب خلافات حادة حول موازنة الإقليم التي مررها البرلمان رغم معارضة الأكراد. كما قاطع وزراء ونواب التحالف الكردستاني جلسات البرلمان ومجلس الوزراء نحو شهرين قبل أن يعودوا بعد زيارة رئيس وزراء الإقليم إلى بغداد اتفق خلالها على عدة قضايا ثنائية. وكانت آخر رحلة رسمية للمالكي إلى كردستان عام 2010 عندما تم إبرام "اتفاق اربيل" الذي أتاح له تشكيل حكومة تقاسم سلطة بين الشيعة الذين يمثلون أغلبية السكان والسنة والأكراد بعد جدال دام شهورا. ولم يتم تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وثار خلاف بين الحكومة المركزية في بغداد ومنطقة كردستان منذ ذلك الحين على النفط وأراض متنازع عليها. وفي السنوات القليلة الماضية وقع الأكراد عقودا من جانبهم مع شركات مثل اكسون موبيل وتوتال وشيفرون مما أثار حفيظة بغداد التي تصر على أنها هي وحدها صاحبة الحق في السيطرة على عمليات استكشاف النفط العراقي. وكانت كردستان تشحن النفط الخام عبر شبكة أنابيب تسيطر عليها بغداد لكن الصادرات عبر هذا الطريق توقفت في ديسمبر الماضي نتيجة خلاف على مستحقات لشركات نفط تعمل في كردستان. وتقول كردستان إن الدستور يتيح لها استكشاف النفط على أراضيها وهي تمد المرحلة الأخيرة من خط أنابيب مستقل لتصدير النفط من الممكن أن يتيح لها التخلي عن اعتمادها على نصيب من الميزانية الاتحادية. وتعود اشكالية النفط بين اقليم كردستان والحكومة المركزية بعد حفر اول بئر اكتشافية في اقليم كردستان والعثور على النفط في بئر زاخو، بالإضافة إلى اكتشاف حقلي توكي وطق طق من الأقليم. حيث بادرت الأدارة الفيدرالية باعداد مسودة قانون النفط لأقليم كردستان، والتي تاكد ان الأكراد لا يرغبون أن يكون الإنتاج مركزيا في مناطق كردستان كما كان سابقا، ولا يرغبون أيضا أن تجري عمليات استكشاف في الأراضي الكردية، بل يقدمون سياسة أخرى في الاستكشاف والتطويرغير التي كانت متبعة سابقا. وهي وجوب التركيز في المرحلة القادمة على خلق حالة من التوازن في عمليات الاستكشاف والتطوير، والتي تنتهي بتطوير حقول في المناطق التي لم يتم التطوير فيها سابقا لأسباب السياسية والقومية ، ومن ثم يتم تفعيل سياسة الإنتاج بإدارة الأقاليم بالتعاون مع المركز، وهذا ما أكدت عليه المادة الدستورية 109 . بينما أقر الدستور العراقي أن النفط أينما كان في العراق هو ملك للشعب العراقي عموما. وان النفط المتدفق في بئر زاخو هو عراقي كما هو أيضا لكوردستان، فيجب معاملته على اساس صياغة قانون النفط العراقي الجديد، تكرس فيه فقرات دستورية، تؤكد ملكية النفط والغاز تحت الأرض للشعب العراقي إضافة إلى ملكية البنى التحتية للصناعة الاستخراجية. وتمثل الأراضي نقطة شائكة أخرى بين الجانبين، إذ نشر الجيش العراقي وقوات "البشمركة" الكردية جنودا في منطقة متنازع عليها غنية بالنفط. وسيساعد تخفيف حدة التوتر مع الأكراد المالكي الذي يواجه حملة متصاعدة من مسلحين من السنة واحتجاجات يقودها السنة الذين يتهمون المالكي بتهميشهم.