فى سياق الحديث عن الدولة القوية تتواصل الحروف نسجا فى هذه المساحة للحديث عن قدرة الدولة على توظيف أنواع القوة لديها، فضلا عن توظيف الدبلوماسية فى الزمان والمكان المناسبين، وهذا ما رأيناه يحدث فى تحركات مصر بعد أن أوقفت إسرائيل محادثات الهدنة واحتلت معبر رفح من الناحية الفلسطينية، والتى تمثلت فى الاستخدام الأمثل لما يعرف ب "الدبلوماسية الخشنة "ولمن يسأل عن معناها فهى دبلوماسية المواقف وليست التصريحات، هى التعامل بندية حسب مستوى الحدث، هى تقدير الموقف وتأثيره والتعامل وفقا لظروفه، هى تناول أى حدث استثنائى بقرار استثنائى. فقد أعلنت مصر موقفها القوى من هذه التحركات وطلب وقف أى عمليات فى رفح الفلسطينية على الفور، مؤكدة على موقفها الثابت غير المتغير أبدا بضرورة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإقرار حل الدولتين، بل وزادت على ذلك بإعلانها الانضمام رسميًا إلى الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وكانت لها جلسة فى غاية الأهمية يوم الجمعة الماضى، وأيضا إعلانها أن المساعدات توقفت عن المرور إلى داخل غزة بسب التواجد العسكرى لقوات الاحتلال وأن دخولها وتدفقها بانتظام يتوقف على خروج إسرائيل من المعبر. ومنذ ذلك الوقت، ومصر تمارس هذا النوع من الدبلوماسية إزاء أى تحركات إسرائيلية من شأنها تشويش وتشويه الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية أو محاولات إقرار محادثات الهدنة وتبادل الأسرى، وآخرها ما فعله موقع "سي إن إن " عندما نشر مقالا مغلوطا ومليئا بالمزاعم الكاذبة بهدف تشويه دور مصر الرئيسى والبارز فى محاولات ومفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلى الدموى عليه. وقد تجلت هذه الممارسة فى الرد المصرى الحازم على لسان رئيس هيئة الاستعلامات، مطالبا الموقع بالاعتذار ونشر الرد المصرى للتصحيح والتوضيح، حيث أكد رئيس الهيئة أن المقال الذى نشره الموقع هو فى حقيقته محض ادعاءات خالية من أية معلومات أو حقائق، ولا يرتكز على أى مصادر صحفية يعتد بها وفق القواعد المهنية الصحفية المتعارف عليها عالميا، وأعلن أن مصر ترفض بصورة قاطعة هذه الادعاءات. وفى سياق متوازٍ، لا تغفل مصر أهمية ودور القوة الخشنة وضرورة التلويح بوجودها وجاهزيتها كنوع من أنواع الردع، ونوع من أنواع ما يسمى أيضا ب "دبلوماسية الإكراه" وهى حالة تستخدم فيها القوة العسكرية كقوة ردع أو تهديد فى حالة حدوث ضرر أوتهديد للفاعل الدولى، فهى تستخدم القوة العسكرية بشكل محدد ومقنن بغرض ردع المعتدى أو إقناعه بعدم التعدى، وقد تستخدم أحيانا كوسيلة لحماية مصالح الدولة والتأكيد على قدرتها على استخدام القوة العسكرية. وربما يتسق مع ما سبق، تصريحات الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، حينما شهد الأربعاء الماضى المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكى بالجنود والذخيرة الحية، حيث أكد أن القوات المسلحة قادرة على مجابهة أى تحديات تفرض عليها بفضل قوة وتلاحم الشعب المصرى وقيادته الوطنية، وأن الدولة المصرية لها ثوابت لا تحيد عنها ولا تنحاز إلا لمصلحة الأمن القومى المصرى، وأن الدور الهام والفعال الذى تقوم به الدولة المصرية لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ وأن الموقف الحالى يتم التعامل معه بأقصى درجات الحكمة لدعم القضية والحفاظ عليها ومساندة الأشقاء الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، مشيرًا إلى أن الحفاظ على سيناء لا يكتمل إلا بالتنمية الشاملة. هكذا مصر تستخدم كل أنواع القوة الخشنة أو الناعمة من أجل أن تفرض قرارها وتحمى أمنها القومى ومحيطها العربى وتدافع عن الشعب المصرى بعقيدة ثابتة وراسخة. حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن