تصوير: رمضان على تتميز العلاقات المصرية الهندية بأنها علاقات تاريخية ومتجذرة، فمصر والهند دولتان لهما حضارة عريقة وعلاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية قوية ومتشابكة، وتلعب العلاقات الاقتصادية فى الوقت الحالى دورا كبيرا بين البلدين حيث تعد الهند من أكبر الدول المستثمرة فى مصر كما أن مصر والهند لهما تعاون كبير فى مجال الدواء. وأكد راهوال كوليشيرايث، سفير الهند بالقاهرة، خلال حوار أجرته معه «أكتوبر»، أن مصر تعتبر من أهم شركاء الهند بالقارة الإفريقية، وقال إن الهند تسعى إلى انشاء منطقة صناعية هندية بالهيئة الاقتصادية لمحور قناة السويس، وتطرق السفير للعديد من مجالات التعاون المشترك ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين مصر والهند.. وهنا تفاصيل الحوار.. بداية.. ما الذى يميز العلاقات الاقتصادية بين مصر والهند؟ – تعد الهند سابع أكبر مستورد للمنتجات المصرية، الأمر الذى يعزز من تضاعف حجم التبادل التجارى بين البلدين أكثر من خمس مرات خلال العشر سنوات الماضية، كما أن حجم التبادل التجارى مع مصر يصل لنحو 3.6 مليار دولار خلال العام الماضى، فوصل حجم التجارة بين الهند ومصر فى عام 2015 – 2016 إلى 3.5 مليار دولار، والأهم من ذلك أن الهند تعتبر تاسع أكبر شريك تجارى لمصر ففى أثناء عام 2015 – 2016 بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى الهند 1.2 مليار دولار بينما وصلت قيمة الصادرات الهندية إلى مصر 2.3 مليار دولار. وما أهم الاستثمارات الهندية فى مصر؟ – حجم الاستثمارات الهندية فى مصر يصل لنحو 3.3 مليار دولار، من خلال 50 شركة تعمل فى قطاعات الملابس والمنسوجات والكيماويات وتكنولوجيا المعلومات والدهانات والرعاية الصحية والبلاستيك والورق والسيارات وقطع الغيار، وغيرها من القطاعات الحيوية، ومن بين تلك الشركات حوالى 25 شركة تمثل مشروعات مشتركة أو فروعا مملوكة بالكامل لشركات هندية، أما باقى الشركات الهندية فهى تعمل فى مصر من خلال مكاتب تمثل وتقوم بتنفيذ مختلف مشروعات المؤسسات الحكومية، وهناك ما يقرب من 35 ألف مصرى يعملون بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى شركات هندية تعمل فى مصر. وماذا عن الاستثمارات المصرية بالهند؟ – بلغت قيمة استثمارات مجموعة السويدى المصرية فى مدينة نويدا بولاية أوتار براديش الهندية 60 مليون دولار أمريكى عام 2013، حيث تقوم الشركة بإنتاج عدادات الكهرباء فقد أنشأت الشركة المصرية كابسى للدهانات مصنعاً لها فى بنجالور لإنتاج دهانات السيارات باستثمارات تبلغ 20 مليون دولار أمريكى، وكذلك مجموعة مودرن للمواد العازلة والتى تشمل منتجاتها عددا كبيرا من الألواح والمواد العازلة المصنوعة من البيتومين. هل هناك خطط مستقبلية لتعزيز التعاون الاقتصادى بين البلدين؟ – بالفعل هناك خطط لتعزيز التعاون المشترك، نستهدف من خلالها مضاعفة حجم التبادل التجارى لنحو 8 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة بعد أن انخفضت تلك النسبة بشكل ملحوظ نتيجة انخفاض أسعار البترول ومشتقاته بالسوق العالمية، وتسعى الهند الى تأسيس تحالف يضم عددا من المستثمرين الهنود لتأسيس منطقة صناعية هندية بالهيئة الاقتصادية لمحور قناة السويس. وكيف ترى المناخ الاستثمارى فى مصر؟ – مصر نفذت إصلاحات اقتصادية عززت من مناخ الاستثمار، فضلًا عن موقعها الجغرافى المتميز الذى يشجع الشركات على ضخ مزيد من الاستثمارات فى مجالات مختلفة، كمجال البتروكيماويات والملابس الجاهزة وإعادة التصدير لمختلف الأسواق، خاصة أسواق إفريقيا والمنطقة العربية. كيف ترى مستقبل العلاقات الاقتصادية بين مصر و الهند؟ – مصر والهند نموذجان للاقتصاديات الصاعدة، حيث حققت الهند معدلات نمو قوية خلال عام 2018، بلغ نحو 7%، فضلًا عن ثناء المؤسسات الدولية على التجربة الهندية فى تقرير مناخ الأعمال، وتسهيل إجراءات تأسيس المشروعات، كما أن الاقتصاد المصرى قارب على تحقيق معدلات نحو بنحو 5.5%، ويسعى للوصول بهذه المعدلات لأكثر من 6% مما يحفز على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مختلف المجالات. فى رأيك.. ما الذى يميز السوق المصرية عن بقية أسواق الشرق الأوسط؟ – السوق المصرية كبيرة وتتمتع بقوة شرائية ضخمة مما يعد أحد مقومات جذب الاستثمار بالنسبة للمستثمرين، إلى جانب حالة الاستقرار الاقتصادى الذى تتمتع بها، وهو مؤشر مهم بالنسبة للمستثمرين وخاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها مصر فى الآونة الأخيرة من خلال القطاع المصرفى، وتم ذلك بشكل محترف مدروس وادت تلك الإصلاحات الى تحسن ملموس فى أداء الاقتصاد المصرى شهدت به المؤسسات المالية الكبرى فى العالم، فمصر ينتظرها مستقبل اقتصادى قوى لأنها اتفاقيات تجارية مع التكتلات الاقليمية خاصة مع السوق الإفريقية ومنها «الكوميسا» و«السادك». ما أهم القطاعات التى لها مستقبل فى التعاون بين مصر والهند؟ – الهند تنتج نصف إنتاج العالم من الأمصال، ومصر تستورد بقيمة 130 مليون دولار خامات دوائية سنويًا، مما يفتح المجال أمام تعزيز الاستثمارات المشتركة فى هذا المجال، لذا لابد من تسهيل إجراءات التسجيل للتيسير على الشركات الهندية للاستثمار فى قطاع الدواء بمصر، وهناك أيضًا عدة مجالات للتعاون مع مصر فى قطاعات الزراعة والبحث العلمى والتدريب. للهند تجربة رائدة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. إلى أى مدى لعبت تلك التجربة دورًا فى نمو الاقتصاد بالهند؟ وهل يمكن تنفيذ تلك التجربة بمصر؟ – بالفعل فهى صناعة حققت قفزة سريعة ونجاحات مباشرة وتعتبر العمود الفقرى حاليًا للاقتصاد الهندى، ونسعى لتبادل الخبرات مع مصر فى هذا القطاع، من خلال توقيع عدد من مذكرات التفاهم المشتركة والتى تتيح تبادل الخبرات والتدريب للعاملين فى هذا القطاع، خاصة أن تلك المشروعات تفتح الآفاق أمام الشباب، خاصة ان الهند دعمت تلك المشروعات بحزم تمويلية خاصة منذ ولادتها كفكرة من خلال نظام يطلق علية «ستارت آب بزنس» والذى يسمح للمؤسسات التمويلية منح القروض لهذه المشروعات. ماذا قدمت تلك المشروعات إلى الشباب؟ – لدينا عدد سكان ضخم وبالتالى علينا التفكير فى المشروعات التى توفر فرص عمل للشباب وهو سر نجاح التجربة الهندية فى هذا المجال، فضلًا عن تمثيل قطاع المشروعات الصغيرة فى الغرفة التجارية بالهند. أخيرًا.. ماذا عن الاستثمارات الهندية فى إفريقيا؟ – الهند تعمل على تعزيز تدفق منتجات الاستثمارات الهندية بمصر إلى الأسواق المختلفة لتتمتع بالإعفاءات الجمركية، كما أن الهند تضع ضمن أولوياتها السوق الإفريقية، حيث رصدت حزما مالية للاستثمار فى مختلف المشروعات بإفريقيا وعلى رأسها مصر، فيما يتواكب هذا الاهتمام مع تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى العام الحالى. من جهة أخرى فإن حجم التبادل التجارى بين الهند وإفريقيا يصل لنحو 62 مليار دولار، وهو قابل للزيادة خلال الفترة المقبلة، فى ظل التقارب الهندى الإفريقى.