كان من المؤسف حقا أن يُختار فيلم «من ضهر راجل» من تأليف محمد أمين راضى ومن إخراج كريم السبكى ليمثل السينما المصرية فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته رقم 37، إنه فى رأيى أسوأ فنيا من الفيلم المصرى الثانى فى نفس المسابقة وهو «الليلة الكبيرة»، الفيلمان من إنتاج أحمد السبكى، وفيهما سمات الفيلم الهندى الذى يمتلئ بالميلودراما والصنعة الركيكة، ولكن «من ضهر راجل» يقطع أشواطا واسعة فى هذا المجال. يقدم عالم البلطجة بالأساس، ولكن تحت ستار ادعاء تحليل العلاقة بين الآباء والأبناء، ومناقشة مفهوم الرجولة والاختيار، ولكن الدراما الساذجة تمتلئ بالثغرات والفجوات، التى تكشف عن فقر فى الخيال، والتى تسرد بطريقة بدائية حكايات أقرب إلى المسلسلات الطويلة ضمن صراع لاينتهى، وفى النهاية لا نجد سوى عمل متواضع لا يمثل حتى أفضل أفلام الفيلم التجارى المصرى، فما بالكم أنه عرض فى مهرجان دولى، يفترض أنه يستوعب أفلاما تقدم تجارب فنية ناضجة ومختلفة؟! منذ البداية نحن أمام سرد بدائى مرتبك، يبدأ من الماضى حيث أن «رحيم» (لاحظ دلالة الاسم) بطل الفيلم طفل، وكيف يتعلم الملاكمة لكى يفرغ طاقته العنيفة فى رياضة مفيدة، والده أدهم الهارب به (محمود حميدة) ، وجاره مدرب الملاكمة ناصر (محمد لطفى) يتوليان رعايته، بينما يتعرض رحيم عندما يكبر (آسر ياسين) لحقد طه (شريف رمزى) ابن ناصر. فجأة ننتقل إلى الحاضر حيث يختطف أدهم ابن ضابط المباحث علاء شمس (صبرى فواز)، ويقوم أدهم المصاب برصاصة بسرد الحكاية الطويلة جدا لابن الضابط. نعود مرة أخرى للماضى لنرى ملحمة عجيبة عن رحيم الذى يتصدى لفتوة الحارة حنّش (وليد فواز فى دور مميز)، وهو فى نفس الوقت شقيق حبيبته مى ( ياسمين رئيس). يدخل الضابط علاء على الخط لكى يضم رحيم إلى البلطجية الذين يعملون فى خدمته، ويلجأ فى ذلك إلى كشف ماضى الأب أدهم كقاتل وكفتوة سابق له ملف إجرامى. ينهار المثل الأعلى أمام رحيم فيصبح بلطجيا رغم اعتراض الأب التائب، وتنقلب مى على رحيم فتتزوج من غريمه طه (!!) يواصل رحيم طريق الشر، بل ويغتصب مى (!!) ثم يعود فجأة إلى الطريق المستقيم(!!) ويصبح بطلا للملاكمة رغم أن ماضيه كبلطجى معروف (!)، ولكن الضابط ينتقم منه، ويقوم طه بقتل رحيم، وما خطف ابن الضابط إلا محاولة من أدهم لكى يعرف ابن الضابط حقيقة والده (!!!) يمتلئ الفيلم بالمواقف والحوارات الساذجة التى تجعلك تترحم على أفلام فريد شوقى وتوفيق الدقن ومحمود المليجى، كما يمتلىء الفيلم بالاستعراض المراهق للكاميرا على طريقة أفلام حسام الدين مصطفى مثل قلب الكادر. تتوه المعانى فى ظل فوضى تتحول فيها الشخصيات من النقيض إلى النقيض، مع إشارات ساذجة إلا أن التطرف الدينى يخرج من قلب نفس الكراهية التى تنتج البلطجة. يظهر محمود حميدة بلحية مصطنعة مضحكة، ويبدو آسر ياسين أضعف على كل المستويات من منافسه وليد فواز (حنّش). إنها سينما بدائية تتفوق عليها حتما أفلام الأبيض والأسود، التى كان يصنعها من هم أكثر موهبة وذكاء.