أكد خبراء فى الطاقة أهمية الخطوة التى اتخذتها مصر مؤخرًا بتوقيع اتفاقية إقامة محطة نووية تستخدم فى الأغراض السلمية، فى ظل ارتفاع تكلفة إنشاء وتشغيل المحطات التقليدية ونظيرتها التى تعتمد على مصادر طبيعية فى التشغيل كالرياح والشمس. وشدد الخبراء على أن المحطات النووية الحديثة أكثر أمانًا من مثيلتها التى كانت تقام قبل سنوات، مؤكدين أن إنشاء محطة الضبعة النووية ينقل مصر إلى مكانة أعلى تكنولوجيا ويسهم فى نجاح مشروعاتها القومية الكبرى.وفى مقارنة بين محطات الطاقة الشمسية ومحطات الطاقة النووية فى توليد الكهرباء قال د. يسرى أبو شادى كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن المحطة النووية تعمل على مدار 24 ساعة فى خلال سنة ونصف أو سنتين حتى يتم تغيير الوقود وعمل الصيانة وذلك لمدة شهر واحد ثم استئناف العمل بالمحطة مرة أخرى وأشار إلى أن مدة تشغيل المحطة النووية من 60 إلى 80 عامًا وأن المحطة تنتج 1200 ميجاوات ثابتة لمدة 80 عامًا باستثناء مدة تغيير الوقود كل عامين أما محطات الطاقة الشمسية فهى طاقة متغيرة لاعتمادها على سطوع الشمس أى إنها تعمل 5/1 طاقتها الحقيقية مشيرًا إلى ارتفاع تكاليف إنشاء المحطة الواحدة إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف محطات الطاقة النووية، كما أن المحطات الشمسية تحتاج مساحة من الأرض ضخمة جدًا بخلاف ضعف إنتاجها الذى لا يزيد على 500 ميجاوات أى أقل من كمية إنتاج نصف محطة نووية وقال إن مصر فى احتياج من 20 إلى 30 ألف ميجاوات وهو ما لا يمكن أن تعطيها الطاقة الشمسية والرياح. وأكد على إننا نحتاج إلى توليد الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح إلى جانب الطاقة النووية واستخدامها فى أماكن معينه مثل إنارة الطرق والشوارع وتوقع أنه على مدار العشرين عامًا القادمين سوف يحدث تطور هائل فى مجال الطاقة الشمسية والرياح بالإضافة إلى أنه سوف يكون هناك انخفاض فى أسعار التكلفة لأنها الآن تكلفتها مرتفعة جدًا. وأشار أبو شادى إلى أن الطاقة النووية لاغنى عنها فى الوقت الحالى موضحًا أن من ينادون باستبدال محطات الطاقة النووية بمحطات غاز طبيعى أو بترول لا يقدرون عدم ملائمة هذا الطرح فى الوقت الحالى لأننا نحتاج إلى مليارات الدولارات لسد سعر الغاز الطبيعى والبترول الذى سيستخدم فى هذه المحطات وقدر أبو شادى تكلفة الوقود للمحطة التى تنتج 1200 ميجاوات ب 25 مليون دولار سنويًا، مقارنة بألف مليون لنظيرتها التى تعمل بالغاز الطبيعى لإنتاج نفس الكمية. مضيفًا إلى أن تكاليف الإنشاء سوف تدفعها روسيا لمصر بنسبة 85% من إجمالى سعر المحطة لحين تشغيلها ثم يسدد هذا القرض على 35 سنة من بداية تشغيل المحطة وتوليد الكهرباء وهو عرض رائع لا يحدث على مستوى العالم كله مشيدًا بالدور الروسى للوقوف بجانب مصر فى هذا المجال. وأوضح أن هذا المفاعل الروسى أعلى مفاعل فى العالم فى درجة الأمان من المفاعلات الأخرى لافتًا إلى أنه يوجد 94 مفاعلًا من هذا النوع علىمستوى العالم منهم الذى يعمل ومنهم من هو تحت الإنشاء مؤكدًا أنه لا يؤثر على البيئة بالسلب نهائيًا وأن مصر طلبت من الجانب الروسى أكثر سبل الأمان. وعن سبل الأمان والأثر البيئى للحفاظ على القوى الذى سيتم إنشاؤه فى الضبعة. قال الدكتور فاروق عبد الرحمن الرئيس الأسبق للمركز القومى والأمان النووى والرقابة الإشعاعية إن هذا النوع من محطات المفاعلات النووية من الجيل الثالث للمفاعلات والذى يعد أكثر أنواع المفاعلات أمانًا وتقدمًا ويعتبر احتمال الحوادث فيها منعدمة تقريبًا. وأشار إلى أن المحطة تتوقف ذاتيًا فى حالة حدوث عطل إلى أن يتم بحث أسباب العطل والتى تسمى خاصية الأمان الذاتى والتى لم تكن كافية فى مفاعلات الجيل الأول والثانى أما الجيل الثالث فتستخدم فى تصنيعه تكنولوجيا عالية وتقنية حديثة لتتواكب مع العصر الذى نعيشه الآن، مضيفًا أن روسيا تعتبر من أحسن الدول التى لها سبق فى تصنيع هذه النوعية من مفاعلات الجيل الثالث داخل روسيا وخارجها. لافتًا إلى أن العمر الافتراضى التشغيلى لهذا النوع هو 60 عامًا بعدها يتم تفكيكه. وعن كيفية التخلص من النفايات الخاصة بالوقود النووى أكد د. فاروق أن هناك اتفاقيات بين الجانبين المصرى والروسى للتخلص من هذه النفايات باستخدام أعلى معدلات الأمان للحفاظ على البيئة مؤكدًا على أن التشغيل آمن من البداية حتى النهاية لهذا النوع من المفاعلات الذى يسمى ب (الماء المضغوط). وقال إن إنشاء هذا المفاعل يعتبر إنجازًا كبيرًا حققته مصر بعد سنوات طويلة وأن هذا هو الحل لمواجهة مشاكل الطاقة التى يمكن أن تقابلها مصر فى السنوات المقبلة وأِشار إلى أنه فى الفترة المقبلة يمكن أن يحدث نضوب فى حقول البترول بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخام الذى وصل إلى 100 دولار للجالون خاصة إذا قارناه بالسعر الفعلى لإنتاج الكهرباء وهو 20 دولارًا ولذلك أصبح استخدام الوقود التقليدى فى توليد الكهرباء يؤدى إلى خسارة اقتصادية كبيرة. وأضاف أن اللجوء للمصادر الأخرى لتوليد الطاقة مثل الخلايا الشمسية والرياح بديلًا عن المفاعلات النووية ترتفع فيه التكلفة بأضعاف تكلفة المحطات النووية بالإضافة إلى أن هذه المحطات لا تعطى كم الطاقة التى نستطيع إنتاجها من محطات الطاقة النووية لافتًا إلى أن مصر فى طريقها لمشروعات قومية ضخمة وأن إنشاء محطة الضبعة النووية سيؤدى إلى انتقال مصر تكنولوجيًا وما سيترتب عليه بإعداد كوادر مصرية فى مجال تخصيب اليورانيوم ومن ثم إعداد عمالة مدربة فى هذا المجال الذى يعتبر ثورة تكنولوجية وأوضح د. فاروق أن إنشاء المشروع لا يقتصر على إنشاء محطة نووية فقط بل سوف تنشأ محطة ملحقة بها وحدة لتحلية مياه البحر وأننا فى احتياج شديد لهذه المحطة لمواجهة مشاكل المياه التى قد تواجه مصر خاصة مع مشكلة إنشاء سد النهضة لافتًا إلى أن محطة التحلية التى سيتم إنشاؤها ستزيد من نسبة حصة مصر من المياه الموجودة فى زيادة نصيب الفرد وزيادة المياه للإنتاج الزراعى.