كلنا نشاهد سلع الرفاهية المستوردة فى محلات «السوبر ماركت» الكبرى كما نشاهد إعلاناتها فى الفضائيات، ونتساءل لماذا تتواجد مثل هذه السلع فى مصر بظروفها الاقتصادية الصعبة؟ ولماذا يُسمح باستيرادها أصلاً؟ وتتسبب فى نزيف لموارد الدولة من العملات الأجنبية وظلت وزارة المهندس محلب بلا قرارات اقتصادية فى هذا الشأن وكان أحد سلبيات الوزارة السابقة عدم وجود رؤية اقتصادية، والآن هل تتحرك وزارة المهندس شريف إسماعيل لمواجهة هذه الأزمة؟ وبخاصة فى وجود متغير جديد وهو التوجيه الرئاسى بضرورة التعامل مع هذه الأزمة؟.. سنرى ولنقرأ معًا بعض الأرقام الصادمة. صدق أو لا تصدق مصر استوردت أجهزة «موبايل» خلال شهر يناير الماضى ب 289 مليون جنيه، وكشف تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن إجمالى واردات مصر من «الموبايل» خلال الربع الأول من العام الحالى بلغ مليار و86 مليون جنيه. وهذا بالطبع بخلاف التهريب، وما أدراك ما التهريب فى عالم تجارة «الموبايل»؟. وهل يعقل أن مصر بظروفها الاقتصادية الحالية تسمح باستيراد سلع كمالية أو استفزازية بما يزيد على 48 مليار جنيه خلال العام الماضى؟ منها شيكولاتة ب 456 مليون، وياميش رمضان ب 832 مليون، وتتسع القائمة لتشمل طعام القطط والكلاب والألعاب النارية والجمبرى والخمور والسيجار الفاخر.. كفاية ولاَّ نقول كمان. كما تشمل القائمة الكثير من السلع المستورة التى لها مثيل من الإنتاج المحلى، فمثلاً واردات أجهزة التكييف بلغت مليار و40 مليون جنيه.. حاجة تجنن. وكان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قد أعلن أن إجمالى الواردات المصرية بلغ 456 مليار جنيه العام المالى 2013-2014 منها واردات بترولية ب 62.7 مليار. صحيح أن الدولار متوافر لدى البنوك، حيث يتم فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الأساسية، وتلبى البنوك احتياجات المستوردين فى هذا الإطار، لكن حصيلة الدولار ليست كافية، وهناك سوقًا موازية للدولار، وهناك من يتلاعب فى السوق السوداء، لأن الطلب ما زال أكثر بكثير من المعروض من الدولار. ومن ثم فلابد من التوقف عن استيراد السلع الكمالية التى تستنزف الدولار. لأنه ليس من المعقول أن يتم استيراد تلك السلع الكمالية حتى لا يتم إهدار العملة الصعبة فى استيراد سلع لا طائل منها، ولا تحتاجها الأغلبية الساحقة من المصريين.. فالتوقيت الحالى غير مناسب أبدًا لاستيراد مثل هذه السلع. ويجب أن نقف ضد استيراد أى سلعة لا تؤدى وظيفة حقيقية للاقتصاد المصرى، ولابد من فرض رسوم جمركية كبيرة على واردات سلع الرفاهية وخلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم السبت الماضى برئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ومحافظ البنك المركزى وعدد من الوزراء.. «وجه الرئيس بأهمية ترشيد الاستيراد من الخارج للحيلولة دون تشكيل أعباء على موارد الدولة من العملات الأجنبية، خاصة أن قوائم السلع المستوردة تضم العديد من المنتجات غير الضرورية التى يمكن توفير بدائل محلية لها بأسعار تنافسية وبجودة أفضل». والآن بعد توجيهات الرئيس، بشأن وضع يشكل خطرًا على الاقتصاد، ننتظر قرارات وزارية تقيد استيراد تلك السلع الاستفزازية أو تمنعها لفترة معينة، أو ترفع عليها الرسوم الجمركية بنسب عالية تجعل المستوردين يمتنعون عن استيرادها. المهم أن تصدر مثل هذه القرارات من الوزارات المعنية، وبسرعة حتى لا يستمر نزيف العملة الصعبة الذى يهدد الوضع الاقتصادى بأكمله.