أستاذ بكلية التجارة جامعة الأزهر نشر على صفحته الشخصية بأحد مواقع التواصل الاجتماعى - منذ أيام قليلة - صورة من ورقة إجابة طالب بالكلية مكتوب فيها بخطه الردىء للغاية والذى يقارب «نبش الفراخ».. «ونبى يا دكتر نجحنى على شان خاطر أمى العيانة دى ممكن تموت فيها بعد أشر.. مقبول بس مشطمعان فى أكثر من كده».. وبصرف النظر عن بجاحة هذا الطالب فى طلبه من أستاذه.. وبصرف النظر عن إهاناته للغة العربية وأخطائه الإملائية.. كيف اجتاز صاحب هذه الورقة امتحان الإملاء فى الابتدائى ثم واصل دراسته وحصل على الإعدادية والثانوية العامة حتى دخل الجامعة؟! الإجابة.. بالغش طبعًا فنظام الامتحانات فى مصر والقائم على تعظيم الحفظ والصم يساعد على ذلك فضلًا عن قيام بعض المعلمين من أصحاب الذمم الفاسدة تجار الدروس الخصوصية فى مساعدة التلاميذ على الغش إضافة إلى «العك التعليمى» الذى شهدته العملية التعليمية فى مصر على مدى 30 سنة الأخيرة.. فمرة يأتى وزير للتعليم ويلغى سنة سادسة ابتدائى ثم يأتى وزير آخر ويعيدها مرة أخرى للسلم التعليمى مما تسبب فى مشاكل تعليمية لا أول لها ولا آخر منها ظهور الدفعة المزدوجة التى أرهقت الجامعات بالأعداد الطلابية الكبيرة وأيضًا السنة الفراغ.. ومرة أخرى يأتى وزير آخر ويرى أن التطوير فى إلغاء كراسة الخط العربى.. وبلاها الخط العربى مما تسبب هذا فى رداءة الخط لدى تلاميذ المدارس وحتى بين خريجى الجامعات.. ووزير آخر يلغى نظام دبلومات المعلمات «5 سنوات» والذى كان يخرج لنا معلمات على قدر عال من المهارة التدريسية وخاصة لمدارس المرحلة الابتدائية.. كل ذلك «ونحن جالسون» نتفرج!! لذا لم أشعر بالاستغراب عندما أعلن وزير التربية والتعليم د.محب الرافعى - مؤخرًا - عن رسوب أكثر من 300 ألف تلميذ بالصف الثالث والرابع الابتدائى وحصولهم على «صفر» «محمر» فى امتحان الإملاء.. فهذا هو المتوقع.. وهذا هو نتاج انحدار العملية التعليمية وإن كان الوزير يريد بهذا التصريح أن «ينفض» يديه من المسئولية ويؤكد لنا أنه جاء ليجد هذه المصيبة التعليمية التى لا ذنب له فيها - كنوع من الشو الإعلامى - للتغطية على واقعة حرقه لكتب أصحاب الفكر التنويرى بإحدى المدارس وعدم معرفته بأصحابها أمثال د. عبد الحليم محمود وعلى عبد الرازق ورجب البنا وغيرهم.. وكان الأجدى بدلًا من أن يصدمنا بهذه «الخيبة القوية» أن يضع الحلول العاجلة لإنقاذ هذا العدد الكبير من الأمية. هذا ليس بغريب على وزراء التعليم فى ال 30 سنة الماضية فقد اعتادنا منهم إطلاق العبارات الرنانة مثل «التعليم قضية أمن قومى».. والكتابة على أسوار المدارس «مدرستى نظيفة وجميلة ومتطورة» لإيهامنا بأن هناك تعليما فى مدارسنا بينما الحال لا يسر عدوًا ولا حبيبًا!