بين اتهامه بإصدار الأوامر لتأسيس «داعش» والانتقادات لفشله حتى الآن فى تحجيم تمدد التنظيم الإرهابى فى سورياوالعراق، يواجه الرئيس الأمريكى باراك أوباما مأزقا ربما لا يستطيع الخروج منه، بحسب الخبراء، طالما ظل ممانعا لتغيير النهج الأمريكى الحالى لمحاربة التنظيم، وهو ما بدا واضحا بعد سقوط مدينة الرمادى العراقية فى أيدى داعش حيث جاء وصف البيت الأبيض لذلك الفشل باعتباره «انتكاسة» دون أن يعتبره سببا لتغيير استراتيجية أوباما. وبعدما كانت الشكوك تشير إلى أن داعش ما هو إلا تنظيم صناعة أمريكية الهدف منه تفتيت المنطقة، كشفت مجموعة «جوديشيال ووتش» الأمريكية عن حصولها على وثائق سرية تؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض شركائها فى التحالف الدولى ضد داعش، ساهموا بالفعل فى صعود تنظيم الدولة الإسلامية ونموه فى سوريا بهدف إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وأن أعضاء التنظيم تم تدريبهم فى البداية على يد أفراد من وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى آى ايه» بمواقع سرية فى الأردن فى عام 2012. وكشفت المجموعة الرقابية الحكومية من خلال الوثائق التى حصلت عليها من وزارتى الدفاع والخارجية الأمريكيتين بموجب قانون الشفافية الفيدرالى، أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وبعض شركائه اعتبروا أن إنشاء تنظيم سلفى فى شرق سوريا سيكون من شأنه إسقاط نظام الأسد، وأظهرت إحدى الوثائق أن مسئولى الاستخبارات العسكرية حذروا من التأثير السلبى لهذه الخطة على الحكومة الهشة فى العراق المجاور. وتوقع تحليل استخباراتى أن يؤدى مثل هذا الوضع إلى عودة تنظيم القاعدة فى العراق خصوصا فى مدينتى الموصل والرمادى. كما توقع أن تعلن داعش الخلافة من خلال تحالفها مع المنظمات الإرهابية الأخرى فى العراقوسوريا بما فيها أفرع تنظيم القاعدة. ويأتى الكشف عن هذه الوثائق فى وقت تحقق فيه داعش مزيدا من التقدم على الأرض فى كل من سورياوالعراق مما زاد من الانتقادات لأوباما. وفى هذا الإطار انتقدت صحيفة «ديلى بيست» الأمريكية إصرار إدارة أوباما على عدم تغيير استراتيجيتها لمحاربة داعش، على الرغم من سيطرة التنظيم الإرهابى على مدينة الرمادى فى العراق ومدينة تدمر فى سوريا، وبالرغم من تزايد الشكوك داخل وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» حول جدوى النهج الأمريكى الحالى الذى يقوم على توجيه ضربات جوية محدودة بالتزامن مع إعادة بناء الجيش العراقى. ونقلت الصحيفة، عن أربعة من مسئولى الدفاع الأمريكى قولهم، إنه مازالت هناك مقاومة قوية داخل إدارة أوباما لإجراء أية تغييرات جادة فى الاستراتيجية الحالية لمحاربة داعش. وبالرغم من إعلان إدارة أوباما الدائم عن رغبتها فى تفكيك داعش وهزيمته فى نهاية المطاف، فإن كثيرين داخل البنتاجون يعتقدون أن الهدف الحقيقى هو مجرد تضييع الوقت، وأوضح أحد المسئولين ممن يعملون بشكل وثيق على الاستراتيجية العسكرية أن هذا يدفعه الشعور بأن هذه الحرب ليست حربنا وبالتالى فإننا ليس علينا إلا مجرد محاولة احتواء الوضع وكسب المزيد من النفوذ بقدر المستطاع. وأوضح مسئول آخر أن الاستراتيجية الحالية هى مجرد استجابة سياسية بمعنى أن الإدارة الأمريكية تحاول فعل «شىء» لتنأى بنفسها عن الانتقادات اللاذعة. كما كشف خبير فى شئون مكافحة الإرهاب فى البنتاجون لصحيفة «واشنطن تايمز» أن الخطة الأساسية للجيش الأمريكى كانت تقتضى إرسال قوات برية لمواجهة التنظيم وهو ما رفضه أوباما تماما. من جهة أخرى، كشف مسئول سابق فى وزارة الدفاع الأمريكية لايزال على صلة بها، عن شوائب كثيرة فى العمليات العسكرية التى تقودها أمريكا ضد التنظيم حيث أفاد المصدر بأنه أحيانا يبقى الطيارون يحلقون فوق أهدافهم لساعات قبل أن تأتى الموافقة بتوجيه الضربة، وأحياناً لا تأتى أبداً. وأضاف المصدر أن قائمة الضربات الجوية أظهرت أنها تستهدف مواقع للإرهابيين مبعثرة فى طول العراق وعرضه، ولا تظهر منهجية واضحة لاستفادة أى قوات برية من الإسناد النارى من الجو. من جانبه، انتقد رئيس لجنة الشئون العسكرية التابعة للكونجرس، السيناتور الجمهورى جون ماكين، تصريحات أوباما، وقوله إنه لا يعتقد أن بلاده تخسر أمام تنظيم «داعش» الإرهابى، وأن سقوط مدينة الرمادى «انتكاسة تكتيكية»، مؤكدًا لشبكة «سى إن إن» أنه حان الوقت لإرسال قوات برية أمريكية إلى العراق، ولفت ماكين إلى أن 75% من الغارات الجوية تعود لقواعدها دون إلقاء القنابل، وذلك بسبب عدم وجود أحد على الأرض يمكن أن يعطيهم قدرة على تحديد الأهداف.