بعد نحو شهر من الزلزال المدمر الذى ضرب نيبال فى إبريل الماضى بقوة 7,9 درجة، وما تلاه من هزات ارتدادية متفاوتة القوة، مازال مئات الآلاف من النيباليين يعيشون فى العراء بلا مأوى متخوفين من حدوث هزات أخرى، خاصة بعد وقوع زلزال قوى ثان فى 12 مايو الحالى بينما كان النيباليون لم يتعافوا بعد من آثار الزلزال الأول. وأعلنت وزارة الداخلية فى نيبال أن عدد ضحايا الزلزالين تجاوز 8500 قتيلا، ليصبح هذا أكبر عدد من قتلى الزلازل يسجل فى تاريخ البلاد، بينما يواصل عمال الإغاثة البحث عن عشرات المفقودين فى قرى نائية حالت الانهيارات الأرضية دون الوصول إليها. كما أسفر الزلزال الذى يعتبر الأقوى الذى يضرب البلاد منذ أكثر من 80 عامًا، عن إصابة نحو 20 ألف شخص، وتدمير البنية التحتية، ومواقع تاريخية، وانهيار أكثر من نصف مليون منزل معظمها فى مناطق ريفية معزولة عن أماكن الرعاية الطبية الطارئة، مما زاد من معاناة السكان فى ذلك البلد الآسيوى الفقير الواقع فى جبال الهيمالايا والبالغ عدد سكانه 28 مليون نسمة. وقالت الأممالمتحدة إن 8 ملايين شخص تضرروا من الزلزال، وإن مليونى شخص على الأقل سيحتاجون إلى خيام وماء وغذاء وأدوية على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة. وفى وقت سابق من هذا الشهر قالت الأممالمتحدة إنها تلقت 22 مليون دولار من أصل 415 مليون دولار دعت إلى الحصول عليها بعد الكارثة. كما أعلن الصليب الأحمر أنه بحاجة إلى هبات بقيمة 93 مليون دولار (81 مليون يورو) لتمويل عملياته فى نيبال فى الوقت الذى تسابق فيه المنظمات الإنسانية الزمن لتأمين الملجأ ومساعدة ضحايا الزلزالين قبل أن يتسبب موسم الأمطار الوشيك بانزلاقات للتربة وبقطع الطريق إلى القرى الأكثر عزلة فى جبال الهيمالايا. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الكثير من المتضررين من الزلزال يتخذون من الشاحنات مأوى لهم نتيجة لنقص الخيام والافتقار إلى الأموال والإمدادات اللازمة لإعادة بناء منازلهم. كما أن الكثير ممن سئموا الانتظار للحصول على خيام أو مكان لإيوائهم لجأوا إلى إنشاء أكواخ بسيطة مصنوعة من ألواح الحديد المموج المثبتة على إطارات مصنوعة من الأخشاب يتم الحصول عليها من الغابات المجاورة، ويقول شيفا بهادور شيواكوتى الذى يعيش الآن فى إحدى الشاحنات إن «الحكومة لا يمكنها تلبية احتياجات الشعب فى هذه الأزمة، لذلك نحن بحاجة إلى مساعدة أنفسنا، أعتقد أن هذا قد يكون الخيار الأفضل فى الوقت الحالى مع اقتراب موسم الأمطار». ومن المتوقع أن تزداد المأساة سوءا مع حلول موسم الأمطار الذى يتسبب فى حدوث انهيارات أرضية وقطع الطرق وإفساد الحبوب الغذائية وهدم المنازل الطينية. كما حذرت منظمات غير حكومية ونشطاء فى العاصمة كاتماندو من أن عشرات الآلاف من نساء نيبال ممن نزحهن من مناطق سكنهن جراء الزلزال المدمر الذى ضرب البلاد أصبحن هدفا محتملا لعصابات تجارة البشر التى تمد شبكات الدعارة فى منطقة جنوب آسيا. من جانبه، أطلق رئيس وزراء نيبال سوشيل كيرالا نداء للحصول على مليارى دولار على الأقل لإعادة بناء بلاده، وذكرت صحيفة «هندوستان تايمز» الهندية أن كيرالا سوف يقوم بزيارة إلى الهند الشهر المقبل للالتقاء بنظيره الهندى ناريندرا مودى لبحث خطة طويلة المدى لإعادة بناء البلاد. وذكرت الصحيفة أيضا أن نيبال سوف تعقد مؤتمرا دوليا للمانحين فى العاصمة كاتماندو خلال الشهرين المقبلين للحصول على المساعدات. وصرح وزير المالية النيبالى رام شاران ماهات بأن العديد من الشركاء فى تنمية نيبال، بما فى ذلك الهند والصين، أعربوا عن رغبتهم فى المشاركة فى المؤتمر للمساعدة فى جهود إعادة الإعمار. يذكر أن نيبال الواقعة بين الهند والصين، فى إحدى أنشط مناطق الزلازل فى العالم، والتى تضم قمة إيفرست أعلى قمة فى العالم، تعد واحدة من أفقر دول آسيا وتعانى من مشاكل فى البنية التحتية والخدمات الأساسية، حيث إنها بالرغم من غناها بالطاقة المائية التى يمكن أن تستخدم فى توليد الكهرباء، فإنها تعانى من مشكلة مزمنة فى الطاقة. هذا بالإضافة إلى مشاكل التلوث وانتشار الأوبئة والأمراض. وتصنف نيبال كأحد البلدان المصدرة للعمالة الرخيصة نتيجة انخفاض فرص العمل وانخفاض الدخل فى البلاد.