مبادرة الرئيس التشادى إدريس ديبى بإرسال قوات إلى الكاميرون لمواجهة تمدد بوكو حرام من نيجيريا إلى الدولة المجاورة وكذلك دعوته إلى تشكيل تحالف أفريقى للتصدى لهذه الجماعة الإرهابية لتمثل دعوة استيقاظ للمجتمع الدولى كله للمساهمة فى القضاء على هذه الجماعة المتأسلمة التى فاقت وحشيتها الحدود منذ مطلع العام الحالى. وإلى جانب موافقة البرلمان التشادى، حظى القرار بإرسال القوات بمساندة شعبية كبيرة حيث شهدت إنجمينا عاصمة تشاد بداية الأسبوع الماضى خروج مظاهرة حاشدة لتأييد قرار إرسال قوات من الجيش للمشاركة فى قتال جماعة بوكو حرام بالكاميرونونيجيريا، وسار المتظاهرون - وبينهم رئيس الوزراء كالزوبيه باهيمى دوبيه - مسافة خمسة كيلومترات مرددين بالفرنسية والعربية «فلنخرج قوى الشر من بلادنا». وكانت جماعة بوكو حرام النيجيرية الإسلامية المتشددة التى تهدف إلى إقامة دولة إسلامية فى شمال نيجيريا قد استولت فى الفترة الأخيرة على العديد من البلدات والقرى شمال شرق نيجيريا وبدأت بتهديد دول الجوار أيضا حيث طالت هجماتها شمال الكاميرون وقامت بإحراق المنازل وقتل وخطف العشرات من السكان، غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما ينتشر عدد من مقاتلى الحركة على حدود النيجر. ويأتى إرسال القوات التشادية المؤلفة من 400 آلية عسكرية استجابة لنداء أطلقه الرئيس الكاميرونى بول بيّا، بينما ناشد نظيره التشادى إدريس ديبى بقية دول المنطقة الانضمام إلى الجيشين الكاميرونىوالتشادى لتشكيل قوة إفريقية تحارب الجماعة، مؤكدا عزمه على استعادة السيطرة على مدينة باجا الاستراتيجية الواقعة شمال شرق نيجيريا على ضفاف بحيرة تشاد والتى سيطرت عليها الجماعة فى وقت سابق من هذا الشهر، بعد ارتكابها مجزرة وصفت بأنها الأعنف منذ 6 سنوات، حيث نشرت منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» صوراً التقطتها الأقمار الصناعية لمدينتَى باجا ودورون باجا المتجاورتين فى شمال شرق نيجيريا، على ضفاف بحيرة تشاد، قبل الهجوم الذى تعرّضتا له من «بوكو حرام» فى 3 الشهر الجارى، وبعده، أظهرت تدمير أو تضرّر أكثر من 3700 منزل تم إحراقها. وأشارت «منظمة العفو الدولية» إلى تقارير أفادت بمقتل ألفى شخص من المدنيين فى المدينتين اللتين يقطنهما مسلمون ومسيحيون، بعد إطلاق النار عليهم. ونقلت المنظمة عن امرأة قولها إن «الجثث كانت منتشرة فى كل مكان»، فيما ذكر رجل فرّ من باجا أنه كان «يدوس على الجثث» لمسافة 5 كيلومترات أثناء هروبه. وأشار مسئولون محليون إلى إحراق 16 قرية محيطة بباجا وتدميرها تماماً، وفرار 20 ألف شخص على الأقل، فيما ذكرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين أن أكثر من 11,300 لاجئ نيجيرى فرّوا إلى تشاد المجاورة. وإلى جانب اختطاف بوكو حرام للفتيات الصغار والمجازر التى ترتكبها فى نيجيريا، فإن الجماعة استحدثت طريقة وحشية جديدة لتنفيذ عملياتها منذ مطلع العام الجديد وهى استخدام فتيات صغيرات لا يتجاوزن العاشرة من أعمارهن فى تفجيرات انتحارية فى الأسواق العامة. وأثناء نقلها لوحشية المجزرة التى ارتكبتها «بوكو حرام» فى مدينة باجا النيجيرية، وجهت معظم وسائل الإعلام العالمية انتقادات لاذعة للمجتمع الغربى لعدم مبالاته بالمجزرة فى الوقت الذى انتفض فيه العالم لمقتل 12 شخصا فى الهجوم الإرهابى على صحيفة «شارلى إبدو» فى 7 يناير الحالى، وفى هذا السياق، طالبت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى افتتاحية لها المجتمع الدولى بضرورة الالتفات إلى الحملة الإرهابية التى تقودها جماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا مثلما يهتم فى الوقت الراهن بالهجمات المسلحة التى استهدفت فرنسا مؤخرًا، موضحة أنه بينما سلط العالم الانتباه على حادث مقتل 12 شخصا على أيدى عناصر إرهابية فى باريس، فإن نيجيريا شهدت مجزرة بشعة نفذها مقاتلو بوكوحرام فى 3 يناير على منطقة بورنو بشمال شرق نيجيريا حيث استهدفت قاعدة عسكرية فى بلدة باجا التى كانت تستضيف قوات متعددة الجنسيات، كما نفذت بعدها بأيام هجوما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه الأكثر دموية فى تاريخ هذه الجماعة حيث استخدمت طفلة فى العاشرة من عمرها فى تفجير سوق تجارى مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد. وأضافت الصحيفة أن هذه المجازر البشعة ينبغى أن تمثل دعوة للاستيقاظ موضحة أنه كان يجب على نيجيريا ودول غرب أفريقيا والدول الغربية منذ مدة طويلة الاعتراف بأن جماعة بوكو حرام بالنسبة لنيجيريا وغرب أفريقيا والغرب بأكمله أصبحت تمثل تهديدا إرهابيا معقدا للغاية يمكن مقارنته بتنظيم داعش الإرهابى، خاصة أنها تعمل فى الدولة الأكبر اقتصادا والأكثر اكتظاظا بالسكان فى القارة الأفريقية، مشيرة إلى أنه منذ يناير عام 2014 سقط أكثر من 5000 قتيل فى المعارك فى نيجيريا وهو عدد ينافس الضحايا المدنيين فى كل من العراق وأفغانستان ويؤكد أن الأعمال المروعة تزداد بشاعة فى ذلك البلد.