على الرغم من أن عام 2014 لم يشهد نجاح أى من الحركات الانفصالية فى أوروبا فى تحقيق حلمها بالاستقلال عن بلدانها، إلا أن هذا لا يعنى انتهاء القضية، حيث أعاد الاستفتاء- الذى أجرته اسكتلندا بشأن انفصالها عن بريطانيا- إلى الواجهة مجددا قضية تزايد الحركات الانفصالية فى أوروبا، والأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تدفعهم للمطالبة بالاستقلال. وعلى الرغم من رفض الاسكتلنديين الانفصال عن بريطانيا، فى الاستفتاء الذى أُجرى شهر سبتمبر الماضى، إلا أن موافقة الحكومة البريطانية على إجراء الاستفتاء، شجع باقى الحركات الأخرى على الضغط على حكوماتها المركزية، من أجل إجراء استفتاء مماثل. وتعد منطقة كتالونيا- الواقعة شرق إسبانيا- من أكثر المناطق التى تطالب بالانفصال، وعلى الرغم من أن هذا المطلب ليس جديدا، حيث يطالب مواطنو كتالونيا بإنشاء دولتهم المستقلة منذ زمن بعيد، إلا أنهم فى الآونة الأخيرة بدأوا فى ممارسة ضغط شعبى على الحكومة المركزية فى مدريد، من أجل تنظيم استفتاء مماثل كما حدث فى اسكتلندا. وعلى الرغم من رفض حكومة راخوى، إلا أن حكومة الإقليم بقيادة آرتور ماس لم تستسلم، حيث نظمت استفتاء رمزيا، صوت فيه أكثر من مليونى كتالونى لصالح الموافقة على الانفصال. ومن إسبانيا إلى إيطاليا، التى يطالب أكثر من إقليم فيها بالاستقلال، فإقليم «فينيتو» يطالب بالاستقلال، متذرعا بأسباب اقتصادية، وقد نظم مجموعة من سكان الإقليم استفتاء شعبيا غير ملزم النتائج، عبر أحد المواقع على الانترنت، مؤكدين من خلال الاستفتاء رغبتهم فى الحصول على الاستقلال، وهناك أيضا منطقة «جنوب التيرول» التى تطالب بالانفصال عن إيطاليا والانضمام للنمسا، وقد كانت هذه المنطقة تنتمى إلى النمسا قبل الحرب العالمية الأولى، لكنها أصبحت جزءا من إيطاليا عقب انتهاء الحرب، ويتحدث 70% من سكان منطقة جنوب التيرول اللغة الألمانية، ويشعرون أنهم أقرب إلى النمسا، إلا أن الحزب المحلى فى المنطقة، فشل فى التحول لحركة سياسية قوية تمكنها من أن تأخذ خطوة مثل إجراء الاستفتاء. وفى الدانمارك، يطالب سكان جزيرة « الفارو» بالاستقلال، وعلى الرغم من أن الدانمارك تعطى الجزيرة حكما ذاتيا، بكثير من الصلاحيات، إلا أن فكرة الانفصال عن الدانمارك تسيطر على جميع سكان هذه الجزر. أما جزيرة كورسيكا التى تقع جنوب شرق فرنسا، وتعد رابع أكبر جزيرة فى البحر المتوسط، فتطالب أيضا بالانفصال، وقد ضمتها فرنسا بموجب معاهدة فرساى، ويوجد فى تلك الجزيرة عدة حركات تطالب بالاستقلال. ومن فرنسا إلى بلجيكا، حيث يتكون الشعب البلجيكى من طائفتين رئيستين هما الفالون والفلمنكيين، ولكل منهما لغته، فيتحدث الفالون اللغة الفرنسية لوقوعهم على الحدود مع فرنسا، بينما يتكلم الفلمنكيون الذين يعيشون شمال البلاد اللغة الهولندية، ونظرا لثراء الجزء الشمالى يطالب الفلمنكيون بالاستقلال عن بلادهم، وبناء دولة خاصة بهم. وهناك عشرات المناطق الأخرى فى أنحاء أوروبا تسعى من أجل الاستقلال، ويعد الدافع الاقتصادى أحد أهم الأسباب للمطالبة بالاستقلال، فالبعض يطلب الاستقلال المالى، والآخرون يطلبون الحق فى عدم دعم الدول المجاورة الأقل ازدهارا. وذكرت صحيفة «الدايلى ميل» البريطانية أنه إذا ما تحققت رغبة الحركات الانفصالية، فإن أوروبا ستعود مجددا إلى العصور الوسطى، وذكرت الصحيفة أن الحركات الانفصالية تزعم أن الثروة المحلية تتسرب لصالح الطبقة الحاكمة الفاسدة، والتى لا تتمتع بكفاءة فى العواصم مثل مدريد وروما.