بعد مقاطعتهم للانتخابات التشريعية المبكرة التى جرت فى أكتوبر الماضى والتى فازت بها الأحزاب الموالية للغرب، أجرى الانفصاليون الموالون لروسيا فى شرق أوكرانيا انتخابات رئاسية وبرلمانية مثيرة للجدل فى المناطق التى يسيطرون عليها ممثلة فى (إقليم دونيتسك وجزء من إقليم لوهانسك) واللذين أعلنا استقلالهما فى إبريل الماضى. وأسفرت الانتخابات التى أجريت الأسبوع الماضى عن تثبيت القياديين الانفصاليين فى شرق البلاد فى مناصبهما، فانتخب الكسندر زخارتشنكو رئيسا لدونيتسك ب 81,37% من الأصوات، كما حصل حزبه على 65% من الأصوات فى الانتخابات التشريعية. وفى لوهانسك المعقل الثانى للانفصاليين فى شرق أوكرانيا فاز العسكرى السابق ايجور بلوتنيتسكى بأكثر من 63%من الأصوات وكذلك حزبه السياسى الذى يتمتع بالغالبية فى البرلمان. وقد تباينت ردود الفعل الدولية حيال هذه الانتخابات التى نظمها الانفصاليون حيث أعلنت موسكو أنها ستعترف بنتائجها، بينما قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومى بالبيت الابيض «برناديت ميهان» إن الولاياتالمتحدة لن تعترف بأى نتائج للانتخابات، محذرة روسيا من استخدامها كذريعة لإدخال قوات إضافية ومعدات عسكرية إلى أوكرانيا لا سيما فى ضوء مؤشرات أخيرة على أن الجيش الروسى يحرك قواته مرة أخرى إلى الحدود بطول المناطق التى يسيطر عليها الانفصاليون فى شرق أوكرانيا. ومن جانبها، قالت المسئولة الجديدة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى «فيدريكا موجيرينى» إنها تعتبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى جرت فى دونيتسك ولوهانسك عقبة جديدة تعترض طريق السلام فى أوكرانيا وشددت على أن الانتخابات غير مشروعة وغير قانونية ولن يعترف بها الاتحاد الأوروبى. كما انضمت منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا إلى منتقدى الانتخابات، وقال رئيسها وزيرالخارجية السويسرى «ديدييه بوركالتر» إنها تتعارض مع نص وروح بروتوكول مينسك الذى وقعته أوكرانيا مع المتمردين بحضور روسى فى سبتمبر الماضى. وفى تصعيد آخر للموقف الدولى المعارض لهذه الانتخابات، قامت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند والرئيس الأوكرانى بوروشينكو بالاتصال بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين لمطالبته بعدم الاعتراف بهذه الانتخابات. ورغم أن الاعتراضات الدولية لم تمنع روسيا من الإشادة بالانتخابات وتعهدها الاعتراف بها، إلا أن بعض المحللين يرى أن ترويج روسيا للاعتراف بانتخابات دونيتسك ولوهانسك هو خدعة لممارسة ضغط سياسى على سلطات كييف فى محاولة منها لرد الصفعة التى تلقتها فى الانتخابات البرلمانية الأوكرانية الأخيرة التى وصلت فيها الأحزاب والقوى الموالية للغرب إلى البرلمان بعد الرئاسة ورئاسة الوزراء وهى التى لطالما حافظت على أوكرانيا موالية لها فخسرتها الآن بعد تحول جميع المؤسسات الأوكرانية للتقارب مع الغرب. وفى المقابل، يرى محللون آخرون أن روسيا جادة فى الاعتراف بانتخابات الانفصاليين لأنها ستحقق لها عدة أهداف، منها أن الاعتراف سيزيد من تدهور الأوضاع ويصعب حلها وبهذا تخلق واقعا جيوسياسيا جديدا على حدودها الغربية مع أوكرانيا.. ومثلما تعاملت روسيا مع استفتاء القرم وضم الإقليم إليها، لا يستبعد محللون أن تكرر موسكو المشهد مع جنوب شرق أوكرانيا.