الإخلاص ينبع من القلب وينير النفس ويتشرف به المؤمن. وبه يصل الإنسان إلى تذوق لذة العبودية لله – جلّ ذكره – وبه يستطيع أن يصل إلى معنى العظمة الإلهية. فعن النبى العظيم محمد ? أنّه سئل عن الإخلاص فقال اسأل جبريل. فلما سأل جبريل. قال جبريل حتى اسأل الله تعالى عنه. فلما سأله قال جلّ ذكره: "هو سر من أسرارى أودعه قلب من أحببت من عبادى لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده"، وعن عمربن الخطاب: "هو أن تعبد الله كأنك تراه". وهكذا فحقيقة الإخلاص لا يدركها إلا المخلصون من عباد الله، فالإخلاص يعتبر من أعلى مراتب تفويض الأمر له سبحانه. وللإخلاص درجات ومراتب ولكل مسلم مرتبة ومنزلة حسب درجات الإيمان والإخلاص. وأنّ التقرب إلى الله سبحانه يحصل بها. وأن أسمى المراتب وأعلى الدرجات هى قبوله سبحانه بهذه العبودية من عبده. وأن كان للقبول مراتب أيضاً فأنّه هو الفوز العظيم .ولذلك وعلى العموم فاننا يمكن أن نقسم الدرجات إلى ثلاثة أقسام فالقسم الأول هو الإخلاص فى العبادة لأجل الحصول على حاجة سواء كانت دنيوية أو أخروية مثلاً كحفظ البدن وسعة الرزق والشفاء من المرض أو طلب الجنة والحور العين وغيرها وهو مطلق الإخلاص ويشمل العوام والخواص والثانى إخلاص المحبين وهو حاصل لأجل الوصول إلى السعادة الأخروية والدخول فى الجنة دون الطمع فى شيء من هذه الدنيا. والثالث إخلاص الموحدين. وهو نسيان كل ذلك بالكامل بل يكون الإخلاص له ولأجله وحده سبحانه. وهو فعن عمربن الخطاب قال: "إلهى عبدتك لا خوفاً من نارك ولا طمعاً فى جنتك بل رأيتك أهلاً لذلك فعبدتك". وله درجات ومراتب لا تنال إلا لمن عصمه الله تعالى. وأمده بحق اليقين بافاضة العلوم عليه وتقريبه إلى ساحته بخلع كل ما سواه وكرمه بتطهير نفسه بمخالفه الهوى ورحمه بالتوحيد إليه والقرب لديه، والإخلاص ينافيه ويحجبه أمور كثيرة من أهمها: *الرياء.حيث يقول ? "انّه يدب فيكم كدبيب الدودة السوداء فى الليلة الظلماء على الصخرة الصماء". وفى الحقيقة كله يعود لحب الدنيا. *العجب بالعمل فأنّه مناف للإخلاص وينقص العمل. *الاستهانة بالعمل وتحقيره. *الاتكال فى الأمور على غيره سبحانه وتعالى سواء الاتكال على النفس أو غيرها. *الغلو والتشدد فى الدين، فقد ورد عنه ? : "إياكم والغلو فى الدين"، أى البحث عن العلل والغوامض لذا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) . *عدم الثقة بالله – سبحانه – فإن ذلك مناف للإيمان فكيف بالإخلاص.