بردة البوصيرى.. فى مدح الرسول نتحدث أولًا عن البوصيرى.. صاحب البردة أبرز قصائد الشعر العربى فى مدح الرسول الكريم (ص) اسمه بالكامل محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله بن صنهاج ذكر زكى مبارك فى كتابه عن (المدائح النبوية) أن البوصيرى من أبوين أحدهما من دلاص وهى قرية فى محافظة بنى سويف، والثانى من (أبو صير)- هناك ما يزيد على ثلاث قرى فى مصر تحمل اسم أبو صير واحدة فى القليوبية والثانية فى الجيزة والثالثة فى الشرقية والأرجح أنها التى ينتمى إليها البوصيرى والتى منها أخذ لقبه. .. الذى لا يعرفه الكثيرون عن البوصيرى أنه واحد من شعراء زمانه (القرن السابع الهجرى) الظرفاء التى تحفظ لهم الذاكرة العربية أشعارًا فكاهية وساخرة. فى ترجمته له ذكر زكى مبارك فى كتابه المذكور ثلاث قصص أو قل ثلاثة مواقف نظم فيهم البوصيرى شعرًا فكاهيًا ذاع وانتشر.. القصة الأولى عن البوصيرى وموقفه من الموظفين.. البوصيرى فى قصيدة طويلة حرص على إظهار بغضه لعموم الموظفين الذين يصفهم بالمستخدمين وهم فى نظره لصوصا يسرقون الغلال وإلا ما استطاعوا شرب الخمور أو لبس الحرير، وقال فيهم: نقدت طوائف المستخدمينا فلم أر فيهمو حرًأ أمينا فقد عاشرتهم ولبثت فيهم مع التجريب من عمرى سنينا وفى قصيدة ثانية ضد الموظفين يكتب البوصيرى يحرض ضدهم أحد الأمراء المماليك: فلا تدن منهم أحد منك ساعة ولو فاح من برديه مسك وعنبر ..الموقف أو القصة الثانية التى جعلت البوصيرى يبدع شعرًا فكاهيًا مازلنا نذكره قصة الحمارة التى كان يملكها وأعارها لناظر الشرقية فطمع فيها الناظر فكتب البوصيرى أبياتا إليه يكلمه فيها على لسان الحمار. أقصى مرادى لو كنت فى بلدى أرعى بها فى جوانب الساحل وبعد هذا فما يحل لكم آخذى لأنى من سيدى حامل! .. القصة الثالثة فى حكى زكى مبارك عن فكاهات البوصيرى، عن شكواه إلى أحد الوزراء من فقر حاله وقال له فيها إن زوجته زارت أختها فى يوم العيد وشكت لها سوء الحال فأشارت عليها بضربه ونتف ذقنه. ويوم زارت أمهم أختها والأخت فى الغيرة كالضُرة قالت لها كيف تكون النسا عز مع الأزواح يا عرة أما عن بردة البوصيرى فى مديح الرسول الكريم محمد (ص) فالحكايات كثيرة.. جاء على لسان البوصيرى عن سبب وضعه للبردة أنه نظم قبلها أبياتا فى مدح الرسول ولكن حدث فيما بعد أن أصابه مرض أقعده عن الحركة فكتب (البردة) بغرض التشفع بها إلى الله حتى يشفيه.. وقد حدث عندما كرر الدعاء بها أن نام فجاءه الرسول (ص) فى المنام فمسح وجهه بيده الكريمة وألقى عليه بردته ولما استيقظ وجد فى جسمه قوة... وحدث فيما بعد أن قابله أحد الفقراء فحكى له أنه سمع فى منامه قصيدته فى مدح الرسول تتلى فى حضرة الرسول والرسول الكريم يتمايل معجبا بالكلمات ثم ألقى على من أنشدها بردته الكريمة (الرجل حكى للبوصيرى هذه القصة ولم يكن يعلم أن الرسول جاء للبوصيرى فى منامه وألقى عليه بردته الكريمة فقد حرص البوصيرى على كتمان هذا السر).. لكن القصة شاعت (كما حكاها ذلك الفقير) وحملت القصيدة الشهيرة عنوان (بردة البوصيرى). تقع بردة البوصيرى فى مدح الرسول فى مائة واثنين وثمانين بيتًا من الشعر البوصيرى مات ودفن فى الإسكندرية. ويمكن الجذم بأن جميع المدائح النبوية التى قيلت على لسان شعراء بعد بردة البوصيرى كان أصحابها متأثرين بالروح البوصيرية (التعبير ل زكى مبارك) فى كلامه عن تأثير بردة البوصيرى فى الساحة الأدبية وقد كتب على نهج البردة (فى عصرنا الحديث) محمود سامى البارودى قصيدته فى مدح الرسول كشف الغمة فى مدح سيد الأمة وكذلك قصيدة نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقى. ومن أبرز الشعراء الذين كتبوا فى مدح الرسول الكريم (ص) الحموى -واسمه بالكامل أبو بكر تقى الدين بن على بن عبد الله الحموى من حماة ومن مواليد سنة 767 وتوفى 837 وهو من الشعراء الذين زاروا القاهرة.. نظم (الحموى) فى مدح الرسول قصيدته الشهيرة (البديعية). والحق أن نظم الحموى و(البديعية) فى مدح الرسول لم يكن هو المرة الأولى التى ينظم فيها شعرًا فى مدح الرسول، فقد سبق وكتب قصيدة فى المدح حملت عنوان (أمان الخائف) قال فى مطلعها: شدت بكم العشاق لم ترنمو فغنوا وقد طاب المقام وزمزم والثابت أن الحموى كتب قصيدته البديعية بناء على اقتراح من الفقيه والكاتب محمد بن البارزى وكان البارزى قد تعرف على بديعية كتبها الموصلى فى دمشق. وقيل أن الحموى كان ينظم أبياته فى مدح الرسول وكان البارزى يقارن بين نظمه وما نظمه الموصلى فى (بديعيتة) فإذا وجد فى نظم الحموى تفوقًا طلب منه أن ينظم بيتا آخر وهكذا. وكذلك ابن نباتة المصرى. واحد من أشهر من كتب شعرا فى مدح الرسول (ص). واسمه بالكامل جمال الدين محمد بن محمد. من شعراء القرن الثامن الهجرى وهو من مواليد زقاق من أزقة القاهرة معروف ب زقاق القناديل وأهم ما ترك فى مدح الرسول (5) قصائد. ابن نباته ولد فى ربيع الأول سنة 686 وتوفى فى صفر سنة 798 باليمارستان المنصورى (باليمارستان مكان يشبه المستشفى حاليًا) وقد دفن ابن نباته المصرى فى إحدى مدافن الصوفية فى مدافن باب النصر.. أبرز ما كتب ابن نباته فى مدح الرسول (ص) قصيدته الهمزية وهى غير همزية تخص البوصيرى. وتقع 69 بيتًا منهما 16 أبيات فى غرض النسيب وله قصيدته ثانية فى المديح (رائيه) وتقع فى 90 بيتًا منهما 37 بيتًا فى غرض النسيب وتقع قصيدته العينية فى 88 بيتًا منهما 26 أبيات فى النسيب.