إن الصوم يشذب شِرَّة المادية فى الجسم الشاب. وإن تقليل الطعام يعنى تقليل وقود المادة، فيقل السعار الذى يدفع الإنسان لارتكاب المعاصي. والصيام فى رمضان يعطى الإنسان الاستقامة لمدة شهر، ويلحظ الإنسان حلاوة الاستقامة فيستمر بها بعد رمضان. والحق لا يطلب منك الاستقامة فى رمضان فقط، إنما هو سبحانه قد اصطفى رمضان كزمن تتدرب فيه على الاستقامة لتشيع من بعد ذلك فى كل حياتك؛ لأن اصطفاء الله لزمان أو اصطفاء الله لمكان أو لإنسان ليس لتدليل الزمان، ولا لتدليل المكان، ولا لتدليل الإنسان، وإنما يريد الله من اصطفائه لرسول أن يشيع أثر اصطفاء الرسول فى كل الناس. ولذلك نجد تاريخ الرسل مليئا بالمشقة والتعب، وهذا دليل على أن مشقة الرسالة يتحملها الرسول وتعبها يقع عليه هو. فالله لم يصطفه ليدلله، وإنما اصطفاه ليجعله أسوة، وكذلك يصطفى الله من الزمان أياما لا ليدللها على بقية الأزمنة، ولكن لأنه سبحانه وتعالى يريد أن يشيع اصطفاء هذا الزمان فى كل الأزمنة، كاصطفائه لأيام رمضان، والحق سبحانه وتعالى يصطفى الأمكنة ليشيع اصطفاؤها فى كل الأمكنة. إذن فحين يصطفى الله زمانًا أو مكانًا أو يصطفى إنسانًا إنما يشاء الحق سبحانه وتعالى أن يشيع اصطفاء الإنسان فى كل الناس، واصطفاء المكان فى كل الأمكنة واصطفاء الزمان فى كل الأزمنة، ولذلك أتعجب عندما أجد الناس تستقبل رمضان بالتسبيح وبآيات القرآن وبعد أن ينتهى رمضان ينسون ذلك. وأقول هل جاء رمضان ليحرس لنا الدين، أم أن رمضان يجيء ليدر بنا على أن نعيش بخلق الصفاء فى كل الأزمنة؟ فنتصافى فى رمضان ليدر بنا على أن نعيش بخلق الصفاء فى كل الأزمنة.